عامان على حرب غزة.. جراح لم تندمل ومعالم جغرافية تغيرت
آلام ومعاناة سكان قطاع غزة لم تنتهِ بعد عامين من الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على القطاع عام 2014.
بعد عامين من الحرب على غزة لم تندمل جراح الفلسطيني محمد وهدان، الذي فقد ثمانية من أفراد أسرته في قصف منزلهم في بيت حانون شمال قطاع غزة، وهي بلدة من عدة بلدات تعرضت إلى تدمير واسع يشبه الزلزال، غيّر الكثير من معالمها، ولا تزال آثاره بادية إلى اليوم.
بأسى يستذكر وهدان (22 عامًا) مجريات تلك الأيام وهو يتحدث لـ"بوابة العين": "كانت أيامًا قاسية أتمنى ألا تعود، استشهد والدي وزوجة أخي و6 آخرين من الأسرة بعدما قصفت قوات الاحتلال المنزل وأحالته إلى ركام".
ألف متر، هي المسافة التي يبعد فيها منزل عائلة وهدان عن السياج الحدودي مع إسرائيل أقصى الشمال الشرقي لبيت حانون شمال قطاع غزة، وهو منزل كبير يؤوي 6 عائلات قوامها 25 فرداً، من بينهم 9 أطفال و7 نساء.
شهداء وتدمير
معاناة وهدان وأسرته كما مئات الآلاف من الفلسطينيين بدأت منذ اليوم الأول للحرب الثامن من يوليو/تموز 2014، إلا أن المعاناة والأهوال التي بدأت بعد ذلك بـ 12 يومًا كانت شيئًا مختلفا لا يبدو أن الأيام كفيلة بمحوه، فقد اجتاحت قوات الاحتلال المنطقة وبدأت بمداهمة المنازل.
يقول الفلسطيني المكلوم "كنا حينها في منزل جدي زكي وهدان، أصابت المنزل عدة قذائف، كما سقطت العشرات منها خارجه. وكان في المنزل جدي وزوجته، ووالدي ووالدتي وأخوتي وأخواتي وأعمامي أيمن وأمير"، لافتا إلى أن الجنود حجزوا الذكور في جهة والإناث في جهة ثانية من المنزل.
لاحقا انسحبت قوات الاحتلال من المكان وسمحت لهم بالمغادرة، فأوت أسرته لأحد المنازل الذي سرعان ما تعرض للقصف ما أدى إلى استشهاد والده وزوجة شقيقة و6 آخرين وإصابة 15 آخرين، لم يتكنوا من انتشالهم إلا بعد مرور عدة أيام من القصف الذي أتى على منازلهم.
واستهدفت قوات الاحتلال مدينة بيت حانون، بمئات الغارات الجوية، إضافة للقصف المدفعي ما أدى لتدمير واسع في المنازل استكملت حلقاته خلال التوغل البري لتدمر 4151 منزلا بينها 2900 منزل بشكل كلي، ما أدى إلى تغيير معالم المدينة بشكل كبير، بحسب معطيات حقوقية.
الشجاعية.. كأنه زلزال
ولم يكن حي الشجاعية شرق غزة، أحسن حالاً، فقد تعرض لمئات القذائف عبر الجو والبر، ما أدى لتدمير واسع أصاب السكان بحالة من الصدمة لهول ما رأوه من حجم الدمار الذي حل المنطقة، بحيث لم يعد المواطنون قادرين على تمييز بيوتهم عن بعضها بعدما أبيدت أحياء بكاملها.
ويستذكر ياسر عبد الغفور، نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مجريات المشهد الذي تم اكتشافه خلال الهدنة وبعد 51 يوما من الحرب، حيث عملت فرق كاملة من الباحثين على توثيق عمليات الهدم التي طالت 7363 منزلا بينها قرابة ألفي منزل دمرت بشكل كامل، أغلبها عمارات سكنية.
وقال عبد الغفور لبوابة "العين": بدا في حينه وكأن زلزلاً ضرب المكان، وكان من الصعب تمييز المرافق والمباني عن بعضها البعض، فالمنطقة بدت أشبه بكومة كبيرة من الركام الذي تناثر في الطرقات والشوارع والأزقّة، حتى إن التدمير طال مستشفى الوفاء للتأهيل الطبي في حي الشجاعية في مدينة غزة، وهو المستشفى الوحيد الخاص بالتأهيل، ويتكون من عدة ثلاثة مبانٍ، أحدهما مبنى من سبعة طوابق فيما يتكون كل مبنى من المبنيين الآخرين من أربعة طوابق.
وبحسب الباحث الحقوقي، فإن عمليات تدمير واسعة وممنهجة استهدفت أيضا منطقة جحر الديك دمرت خلالها قوات الاحتلال 550 منزلا، وفي منطقة خزاعة والزنة بخان يونس، حيث دمرت قوات الاحتلال 1800 منزل، وشرق رفح حيث دمرت 2343 منزلًا.
عراقيل الإعمار
الفلسطيني محمود النجار، لا يزال الذي يقطن بشكل مؤقت في كرفان ببلدة خزاعة، شرق خان يونس، جنوب قطاع غزة، ينتظر إعمار منزله الذي تأخر حتى الآن.
وقال النجار لـ"العين": "ما زلنا نعاني منذ الحرب وحتى الآن، سمعنا بالإعمار وأمواله، ولكن على أرض الواقع الأمور تسير ببطء شديد، والتوزيع بين المنح يبدو كالحظ والنصيب، فالمنحة القطرية أنجزت، والمنحة الكويتية بدأت بتأخير، وآخرون ينتظرون منح أخرى".
وأشار إلى أنه يعيش مع أسرته في هذا الصندوق الحديدي الذي يتحول إلى فرن في الصيف، وثلاثة في الشتاء، بشكل لا تطاق معه المعيشة، متسائلاً إلى متى تستمر هذه المعاناة؟.
وتسير عملية إعادة الإعمار ببطء شديد حتى إن الأمم المتحدة استغرقت أكثر من سنة لإعادة بناء أول منزل دمرته الحرب مع إبقاء إسرائيل على حصارها المحكم للقطاع والحد من إدخال الكثير من مواد البناء الأساسية والتي تقول إنها تخشى أن تقع في أيدي حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
وبحسب الفريق المكلف من حكومة التوافق الفلسطينية فإن مجمل ما تم دفعه حتى الآن من تعهدات المانحين تجاه عملية الإعمار بلغ 1،409 مليون دولار بنسبة 40% من مجمل التعهدات، وتبقى 3.507 ملايين دولار".
aXA6IDMuMTUuMTcuNjAg جزيرة ام اند امز