تذهب توقعات الكثير من المؤسسات الدولية الكبرى إلى أن العام المقبل ربما يمثل عاماً آخر جيداً من النمو الاقتصادي العالمي
تذهب توقعات الكثير من المؤسسات الدولية الكبرى إلى أن العام المقبل ربما يمثل عاماً آخر جيداً من النمو الاقتصادي العالمي؛ بما يؤشر إلى تعافٍ ملحوظ من وقع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي وقعت قبل عشر سنوات، وقد بدأت موجة التفاؤل بهذا النمو الاقتصادي القوي والتعافي منذ العام الحالي، إذ أقدم صندوق النقد الدولي في تقريره نصف السنوي "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر في أكتوبر الماضي، على مراجعة توقعاته المذكورة في تقرير شهر أبريل ليضيف 0.1% زيادة في معدلات نمو الاقتصاد العالمي المتوقعة خلال العام الحالي والعام القادم، حيث يسجل 3.6% هذا العام، و3.7% في العام 2018.
وقد أتت هذه المراجعة نتيجة لتحسن التوقعات بشأن النمو الاقتصادي في كل من منطقة اليورو، واليابان وآسيا الصاعدة وأوروبا الصاعدة وروسيا نتيجة للأداء الاقتصادي الأفضل من المتوقع خلال النصف الأول من العام الحالي، فقد أشار صندوق النقد إلى أنه بناءَ على تعافٍ أقوى من المتوقع خلال النصف الأول من 2017 في كل من منطقة اليورو واليابان وكندا، فإنه بات يتوقع ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في البلدان المتقدمة خلال العام الحالي لتبلغ 2.2% بدلاً من 2% كانت متوقعة في السابق، وأشار الصندوق إلى توقعه بانخفاض معدلات النمو في البلدان المتقدمة خلال العام القادم 2018 بمقدار 0.1% لتكون في حدود 2.1%، وذلك بناءً على انخفاض معدل النمو في المملكة المتحدة، ولعدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يرتكز التوقع على عدم تغير السياسات بعد أن كان يرتكز هذا التوقع في شهر أبريل الماضي على حدوث تنشيط مالي مدفوع بخطة خفض الضرائب التي يتبناها الرئيس الأمريكي، ومن المحتمل إذاً بعد إقرار خطة خفض الضرائب مؤخراً في الولايات المتحدة أن يعدل الصندوق من توقعاته للنمو في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي سيميل النمو للزيادة في العالم المتقدم ككل نظراً للمكانة التي يحتلها الاقتصاد الأمريكي كأكبر اقتصاد في العالم.
العالم على الأرجح سيشهد عاماً جيداً من النمو الاقتصادي، ولا يوجد خلاف كبير بين توقعات صندوق النقد ومنظمة التعاون الاقتصادي سوى فيما يتعلق بالصين فقط، فحين يرى الصندوق أن النمو سيستمر في الارتفاع تميل المنظمة إلى ترجيح كافة انخفاض معدل النمو
كما رفع الصندوق تقديراته للنمو في الأسواق الصاعدة والدول النامية خلال العامين الحالي والمقبل، ويرجع ذلك في الأساس إلى تعديل توقعاته للنمو في الصين إلى 6.8% خلال العام الحالي بدلاً من 6.6% كان يتوقعها في شهر أبريل الماضي نتيجة لتحسن الأداء وتحسن الطلب الخارجي خلال نصف العام الأول، كما يتوقع الصندوق ارتفاع معدلات النمو في عام 2018، حيث سيستمر الأداء الاقتصادي الصيني قوياً خلال عام 2018 بدفع من استمرار تطبيق السلطات لمزيج من السياسات التوسعية لتحقيق الهدف المخطط القاضي بمضاعفة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الفترة 2010-2020، كما توقع الصندوق استمرار تحسن النمو في بلدان أوروبا الصاعدة وروسيا.
ومن جانب آخر توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تضم كافة البلدان الصناعية المتقدمة وبعض البلدان الصاعدة (35 بلدا) أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل نحو 3.7% وهو ما يعد أفضل معدل منذ عام 2010، وتتوقع المنظمة تحسن معدلات النمو في البلدان المتقدمة وخاصة في كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان إلى جانب تحسنها في بعض الاقتصادات الصاعدة الكبيرة مثل الهند؛ حيث يرتفع النمو إلى 7% مقابل 6.7% في العام الحالي، والبرازيل التي يرتفع فيها النمو إلى 1.9% في 2018 مقابل 0.7% في 2017، بينما تتوقع المنظمة انخفاض معدلات النمو في العام المقبل في كل من الصين بنحو 0.2% وفي المملكة المتحدة بنحو 0.3% مقارنة بالعام الحالي، ولكن يظل معدل النمو الاقتصادي في الصين مرتفعاً نسبياً حيث يبلغ 6.6%.
الخلاصة التي تذهب إليها التوقعات إذاً هي أن العالم على الأرجح سيشهد عاماً جيداً من النمو الاقتصادي، ولا يوجد خلاف كبير بين توقعات صندوق النقد ومنظمة التعاون الاقتصادي سوى فيما يتعلق بالصين فقط، قحين يرى الصندوق أن النمو سيستمر في الارتفاع تميل المنظمة إلى ترجيح كافة انخفاض معدل النمو، وتحتل الصين والهند أهمية كبيرة في تقرير الزيادة في الطلب العالمي على الطاقة وخاصة من النفط والغاز، إذ إن نحو 57% من النمو في الطلب العالمي على الطاقة بشكل عام يعود إلى نمو الطلب في هذين البلدين. وإذا كان هناك اتفاق عام على قوة النمو الاقتصادي العالمي، فهناك خلاف كبير بشأن توقعات الطلب على النفط خلال العام المقبل، إذ تتوقع منظمة الأوبك في أحدث نشراتها الخاصة بسوق النفط العالمي والصادرة في شهر ديسمبر الحالي زيادة الطلب العالمي بنحو 1.51 مليون برميل يوميا خلال العام المقبل، أما الوكالة الدولية للطاقة والتي تمثل مصالح الدول المستهلكة الكبرى؛ فتتوقع ألا يزيد الطلب العالمي سوى بنحو 1.3 مليون برميل يومياً على الرغم من أن زيادة الطلب في العام الحالي بلغت نحو 1.58 مليون برميل يوميا مع الوضع في الحسبان أن معدل نمو الاقتصاد العالمي المتحقق خلال العام الحالي يقل عما هو متوقع تسجيله خلال العام 2018.
وهناك خلاف في التقديرات على جانب العرض أيضاً، حيث تميل منظمة الأوبك في أحدث نشراتها إلى توقع ارتفاع إنتاج الدول خارج المنظمة من نحو 810 آلاف برميل خلال العام الحالي إلى نحو 990 ألف برميل يوميا في العام المقبل. في الوقت الذي تتوقع فيه وكالة الطاقة الدولية ارتفاع إنتاج هذه الدول بنحو 1.6 مليون برميل يوميا خلال 2018.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة