في اليوم الثاني من عام 2021 تلقينا نبأً صادما عن وقوع مذبحة في عدة قرى بدولة النيجر بمنطقة الساحل على يد جماعة مسلحة.
وعلى الرغم من أنه لم يتم تبنّي أحد الهجوم بعد، فإن أصابع الاتّهام تشير إلى فرع داعش في الصحراء الكبرى.
وقعت الهجمات في قرى "تكوما" و"بانغو" و"زارومدارية" حيث تمّت تصفية100 شخص على الأقل (بينهم 10 أطفال و7 فتيات دون سن 16 عاماً)، ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد نزح جراء هذه المذبحة أكثر من ألف شخص ولجأوا إلى بلدة "مانجايز" على بعد نحو 20 كيلومتراً جنوب شرق مكان وقوع المذبحة داخل النيجر. وترك الكثير منهم كل ما يملكون وهربوا سيراً على الأقدام حفاة عراة، مما يعطينا تصورا واضحا عن الرعب الذي مرّ به هؤلاء الأشخاص.
وحتى 6 يناير/ كانون الثاني الجاري، ما زالت وسائل الإعلام تتناقل أخباراً عن نزوح المدنيين ليس فقط عن القرى المتضررة، ولكن أيضاً من مناطق تقع في بوركينا فاسو المجاورة.
حالياً، لا تزال قوات الأمن تحمي "مانجايزي" وضواحيها، لكن الوضع في المنطقة لا يزال خطيراً لأنها منطقة رسّخ فيها الإرهابيون وجودهم منذ فترة طويلة. وبعد ارتكاب المذبحة توقّع الإرهابيون نزوح السكان، ولا تزال الخشية قائمة من مضيهم في مخططهم.
وحتى وقتنا هذا، يدفع السكان إتاوات للجماعات الإرهابية ليتمكنوا من العيش بسلام في هذه منطقة الساحل، وخاصة في القرى النائية في النيجر، هذا إن جاز لنا تعبير "العيش بسلام". مع استمرار الاتاوات لم يتوقع أحد هذا القدر من العنف الذي جاء بسبب نتائج الانتخابات التي جرت في ديسمبر/كانون الأول المنصرم، ويبدو أن من تم التصويت لهم في هذه القرى لم يكونوا محل إعجاب الإرهابيين.
وبناءً على الأدلة المتوافرة من مكان المذابح في القرى النيجرية، توحي كل المؤشرات بوجود تغييرات في طريقة عمل فروع داعش في منطقة الساحل، يؤكد ذلك ما سبق المجازر الأخيرة من سلاسل الهجمات المتتالية خاصة الهجوم الذي وقع في 13 ديسمبر/ كانون أول المنصرم، حيث لقي 45 شخصاً مصرعهم، من بينهم 10 أطفال، وتم إحراق أكثر من 800 منزل في هجوم نُسب إلى بوكو حرام استهدف منطقة "ديفا" بالنيجر.
في نفس اليوم الذي ارتكبت فيه مجازر "توما" و"بانغو" و"زارومدارية"، أي يوم السبت 2 يناير/كانون الثاني الجاري، اختطف إرهابيو بوكو حرام مساعد الحماية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أبوبكر غاربا إدريس، بعد نصبهم كميناً على طريق "داماتورو مايدوجوري" السريع في ولاية "بورنو".
وفي اليوم التالي، أي في 3 يناير/كانون الثاني، نشر إرهابيو بوكو حرام الذعر في حي "كاوتيكاري" في "شيبوك" بولاية "بورنو" "حيث تم اختطاف أكثر من 200 تلميذة قبل ست سنوات"، ما أثار الذعر في نفوس مسيحيي البلدة وأجبروهم على الفرار. وقبل أسبوع، قتلت المجموعة نفسها 11 شخصاً، وأحرقت كنيسة وخطفت قسيساً في بلدة بالقرب من "شيبوك".
وهذه الموجة الدموية والعنيفة تؤكد أننا مما لا شك فيه أمام سيناريو جديد في منطقة الساحل فيما يتعلق بهجمات عناصر داعش على السكان، الذين أضحوا لا يُفرق بين دياناتهم، ولم يعد التنظيم حتى يخشى فقدان أتباعه بسبب هذا النوع من الأفعال، مما ينذر بتزايد مثل تلك الهجمات، لأن تحت مظلة داعش هناك عدة جماعات متنافسة ترغب جميعها في إظهار شراستها ودمويتها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة