منذ تولي الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته "دونالد ترامب" رئاسة الولايات المتحدة عام 2017 وهو يثير الجدل بكلّ موقف أو سياسة يتبعها.
سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، فكانت مسيرته السياسية وهو يقود الدولة العظمى مليئة بالمنعطفات الحادة وهذا ماجعل السياسة العالمية تتصف بالحذر والتجهز لأخطر السيناريوهات المتوقعة وغير المتوقعة.
لا شكّ بأنّ مسيرة ترامب السياسية المثيرة للجدل لم تنتهِ بعد، فعلى الرغم من أنّ العادة جرت ومنذ أمدٍ بعيدٍ على اعتماد النتائج الانتخابية والقبول بقرار الشعب الأمريكي دون أدنى نية بالتمرد عليها، وبما يسمح للانتقال السلمي والسلس للسلطة، إلا أنّ "ترامب" كرّس جهده خلال الشهرين الماضيين على ضرب هذه المسلَّمة البديهية وهذا لن يغير شيئاً من كونه خسر السباق الانتخابي ودخوله خانة الرئيس المنتهية ولايته.
في استعراض لسنوات حكم الرجل نجد أنّه كان يركز كثيرا على الداخل الأمريكي فهو رغم عدم خوضه حربا على غرار من سبقه من الرؤساء وكذلك إعطائه الأوامر لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق إلّا أنهّ لم يصل درجة الرئيس المفضل لدى الأمريكيين وهذا ماجاءت به صناديق الانتخابات الأخيرة فعلى على الصعيد الداخلي أدت سياسات الرئيس المنتهية ولايته "دونالد ترامب" إلى عدة هزات خلخلت الوضع الداخلي في دولة تصنف نفسها المتربعة على عرش الديمقراطية فمعاداة "دونالد ترامب" للمهاجرين في الولايات المتحدة أدت إلى اتساع الهوة بين مكونات الشعب الأمريكي، لم يقف الأمر عند هذا الحد بل اتسع أكثر بعد مقتل المواطن الأمريكي ذي البشرة السوداء "جورج فلويد" على يد شرطيٍّ أبيض نتيجة الاستهتار بحياته، وما تلا ذلك من استهتار ترامب بالأمر واعتباره حدثاً عرضيّاً في محاولة لتبرير عمل الشرطي وتسويقه على أنه حدثٌ عابرٌ، مما أعاد إلى الواجهة الصراع الأمريكي الأمريكي على أساس لون البشرة، وهو الأمر الذي كرست السياسة الأمريكية كل جهودها ولعقودٍ من الزمن لتجاوزه وتمكين التعايش السلمي والقبول بالآخر، أما الأدهى والأمرّ فيكمن في تشكيك ترامب بنتائج الانتخابات ومحاولة جمهرة أنصاره والتشبث بالسلطة والتمرد على الإرادة الشعبية وما نتج عنه من اقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول قبل أيام وتخريب محتوياته، فأبعاد هذا العمل لن تبقى في هذا الإطار الضيق حول حادثة حصلت وتم احتواؤها بل تكمن الخطورة في أنّ بذرة مثل هذا التمرد قد وضعت في التربة الفكرية وإنْ لمجموعةٍ من الأمريكيين، والخوف يكمن فيما لو نبتت هذه الفكرة ووجدت البيئة المناسبة لنموها مما سيعقد المشهد السياسي الأمريكي مستقبلاً وقد يصل إلى درجة محاكمة الرجل وهذا ما يُثار حاليا في الأوساط السياسية الأمريكية وأصحاب القرار الذي يفكر كثير منهم بعزل الرئيس المنتهية ولايته فورا، لذلك لن يهنأ ترامب بلقب الرئيس السابق كثيرا بل قد يدخل دوامة المحاكمات التي حتما ستقضي حتى فكرة الاستعداد للترشح في الانتخابات المقبلة، فيخسر بذلك ليس تاريخ حكمه بل مستقبله السياسي وعندها ينطبق عليه القول بأنّه الرئيس الخاسر.
لاشكّ بأنه على الصعيد الخارجي استطاع ترامب تقليص دور إيران التوسعي في منطقة الشرق الأوسط أو الحدّ من ذلك على الأقل من خلال انسحابه من الاتفاق النووي الذي أُبرم معها في نيسان / أبريل عام 2015 تحت إشراف إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهذا ما نتج عنه ازدياد التوتر والحرب الكلامية بين واشنطن وطهران وصلت حدّ المواجهة العسكرية وإن على نطاق بسيط في كثير من الساحات، ليس آخرها ماحدث على الأرض العراقية من قتل رجل إيران الأقوى وعرّاب نفوذها في العراق وسوريا واليمن ولبنان قاسم سليماني.
سياسة ترامب الداخلية والخارجية لا يتسع المقام لتفصيلها وتناولها، إلا أنّ هذه السياسة قلبت الموازين الداخلية في الولايات المتحدة والخارجية على الساحة الدولية ولن تمرّ هكذا دون منعكسات إيجابية أو سلبية تحددها الطريقة التي سيحكم بها الرئيس المنتخب جو بايدن الذي ورث تركة ثقيلة فأمريكا ما قبل ترامب ليست أمريكا ما بعده.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة