"نيويورك تايمز": فضيحة الأجور تطال رجال روحاني وخامنئي
النظام الإيراني يكافأ النخب والمقربين بالمال والامتيازات مقابل ولائهم
قبل أقل من عام على الانتخابات الجديدة، يواجه الرئيس حسن روحاني فضيحة كبرى بشأن تضخم رواتب المديرين والمسؤولين التنفيذيين في الشركات المملوكة للدولة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني إنه خلال الأسابيع الأخيرة، نشرت وسائل الإعلام الإيرانية قسائم دفع تُظهر أن الكثير من كبار مديري الشركات المملوكة للدولة يتقاضون مكافآت ورواتب فلكية بالنسبة (لمستوى رواتب) لإيران تبلغ أحيانا مئات الآلاف من الدولارات شهريًا.
وفي عام 2013، انتخب الرئيس روحاني وتعهّد بوضع حدٍّ للفساد في الحكومة، وإنعاش الاقتصاد من خلال استكمال الاتفاق النووي، وإنهاء العقوبات التي لا تزال سارية إلى حد كبير، وبالتالي ما زال الاقتصاد يحتضر.
وأشارت إلى أنه بعد أن نظّف حكومته، واستبدل إدارة الرئيس (الأسبق) محمود أحمدي نجاد الموبوءة بالفساد، وعيّن رجاله في أعلى الدرجات بالشركات المملوكة للدولة، وجد روحاني نفسه عُرضةً للهجوم على نحو متزايد جراء تضاعف الكشوفات عن الرواتب المتضخمة.
ونقلت عن محمد رضا سابزاليبور، رئيس مكتب طهران في منظمة التجارة العالمية، قوله: "أصدقاء روحاني هم أعداؤه"، مضيفا: "إنهم المقربون".
وأوضحت أنه من بين المتورطين في هذه الفضيحة إبراهيم جهانجيري شقيق نائب الرئيس إسحاق جهانجيري، فضلا عن عشرات من كبار المديرين العاملين في مجال الرعاية الصحية والطاقة والتأمين والبنوك، وغيرهم ممن يتقاضون رواتبهم من خزينة الدولة.
ووفقا للصحيفة، فإن "جهانجيري وشقيق الرئيس، حسين فريدون، متهمان بالمحسوبية والمحاباة لتعيين الأقارب والأصدقاء في المناصب التنفيذية العليا".
ونوّهت الصحيفة بأن المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، قد انتقد بشدة الرواتب المبالغ فيها، التي تتجاوز بكثير 2353 دولارًا شهريًا الحد الأقصى القانوني لموظفي الحكومة.
ومن جانبه، أمر روحاني الذي ابتعد عن الأضواء منذ تفجر الفضيحة، بإجراء تحقيقات، ما دفع عدة وزراء إلى الاعتذار للأمة، واضطر مديرون إلى الاستقالة.
وبيّنت الصحيفة أن هذه الكشوفات ظهرت للمرة الأولى في وكالات الأنباء المحافظة التي تعارض الرئيس، وانتشرت بسرعة بعد ذلك خارج دائرته الداخلية من المقربين إلى المديرين والتنفيذيين من جميع الفصائل السياسية.
وفي مايو/ أيار، الماضي نشرت وكالة "الميزان للأنباء" التابعة للسلطة القضائية في إيران، قسائم دفع 8 مديرين في شركة التأمين المركزية المملوكة للدولة، الذين تقاضى كل منهم علاوات سنوية أكثر من 50 ألف دولار.
وأشارت الوكالة إلى أنه ينبغي إعادة تقييم المكافآت المالية على خلفية 7 ملايين عامل يتقاضون 200 دولار فقط شهريًا، وهو ما دفع الرئيس التنفيذي للشركة، محمد إبراهيم أمين، للاستقالة على خلفية هذه القضية.
ومنذ ذلك الحين، تم الإفصاح عن أجور الأطباء والمسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام، حيث تنافست المطبوعات المتشددة والمعتدلة لرؤية من يمكنه أن يحرج الآخر أكثر، غير أن المديرين في مجال الرعاية الصحية تصدروا جداول الأجور الشهرية بأكثر من 200 ألف دولار.
ونقلت الصحيفة عن حميد رضا تراجي، وهو محلل سياسي متشدد، قوله: "هذه الحكومة رفعت الأجور والمكافآت بشكل كبير، وفي الوقت الراهن نحن نشهد النتائج".
وعلى الرغم من عدم إصدار إعلانات رسمية حول زيادات في الرواتب، لكن تراجي، الذي عادة ما يكون مطلعا على المسائل الحكومية، قال إن 285 مديرًا في الدولة يتقاضون الآن أكثر من 6 آلاف دولار شهريًا.
ووفقا للصحيفة، فقد اتهمت شخصيات موالية للحكومة بعض جنرالات فيلق "الحرس الثوري"، ومكتب المرشد الإيراني بتلقي أجور مماثلة، إلا أن متحدثًا باسم الحرس الثوري نفى تلك الاتهامات، لكنه رفض الكشف عن رواتب القادة العسكريين، قائلا إنها "أسرار دولة".
ونقلت الصحيفة عن سعيد ليلاز، وهو خبير اقتصادي مقرب من الحكومة، قوله: "ما يظهر هو آلية مماثلة لتلك التي كانت في الاتحاد السوفيتي السابق"، حيث "تتم مكافأة النخب بالمال والامتيازات مقابل ولائهم".
ولفتت الصحيفة إلى أن الفساد كان مستشريًا دائما في إيران، في ظل توزيع الحكومة مليارات الدولارات من عائدات النفط، فخلال ولايتين من رئاسة أحمدي نجاد مدة كل منهما 4 سنوات، تنامى الفساد إلى مستويات غير عادية.
وخلف الفساد، بحسب الصحيفة، النظام المصرفي يعاني ديونًا ضخمة بسبب منح بعض الأشخاص المهمين ذوي العلاقات القوية قروضًا ضخمة لا تسدد غالبًا، حتى مع حرمان معظم الشباب والشركات الخاصة في إيران، من المشاركة في أسواق الائتمان.
واختتمت الصحيفة بالقول إن الإحباط يتزايد إزاء استمرار الاتهامات، على الرغم من أن الإيرانيين اعتادوا على ثقافة راسخة من الفساد، وعدد قليل منهم يعبّرون عن دهشتهم.