أطلق الأمين العام للجامعة العربية على قمة نواكشوط التى تعقد فى خلال أيام وصف «قمة الأمل»
أطلق الأمين العام للجامعة العربية على قمة نواكشوط التى تعقد فى خلال أيام وصف «قمة الأمل» ويُفهم من تحليل مضمون تصريحاته أنه وهو الدبلوماسى المخضرم مدرك للصعوبات الراهنة التى تعوق مسار العمل العربى المشترك ولكننا لا يمكن أن نفقد الأمل فى أن تكون نسبة حضور الزعماء مماثلة على الأقل للقمم السابقة وأن توفق القمة فى معالجة ما هو مطروح عليها من قضايا ،
والواقع أن أحداً لا يمكنه أن يطالب الأمين العام بعد أقل من شهر على توليه المسئولية أن تخرج القمة بأكثر من ذلك خاصة بالنظر إلى ظروف هذه القمة تحديداً والتى كان مفروضاً أن تُعقد فى مارس الماضى لولا اعتذار المغرب مضيفة القمة بحجة عدم ملاءمة الظروف فى تناقض كامل مع منطق دورية القمة، كذلك فإنه من عدم الإنصاف مطالبة الأمين العام وحده بإحداث نقلة نوعية فى العمل العربى المشترك فاليد الواحدة لا تصفق ولابد لكى تحدث هذه النقلة إلى جانب همة الأمين العام من توافر إرادة سياسية عربية وهذه معضلة، ومع ذلك لا شك أن ثمة مجالات يستطيع أن يحقق فيها نقلة نوعية بغض النظر عن هذه الإرادة.
وأقترح هنا مؤقتاً ثلاثة موضوعات يمكن أن تصلح للتحرك فى هذا السياق أولها يتعلق بالدور الممكن للأمانة العامة فى القضايا العربية الكبرى التى فقدت الجامعة فيها زمام المبادأة والثانى يخص تطوير الأمانة العامة والثالث يركز على ضبط العمل فى المنظمات العربية المتخصصة.
وبالنسبة للموضوع الأول أكتفى بمثال الصراعات العربية الراهنة فقد ضاع زمام إدارتها من الجامعة وتعاظم التدخل الإقليمى والعالمى فيها، وثمة ملاحظتان فى هذا الصدد: الأولى أن هذه الصراعات قد وصلت إلى حالة من التجمد بمعنى عدم قدرة أى من أطرافها على الحسم وهو المناخ المناسب لتحقيق تسوية لكن محاولات التسوية تسير حتى الآن فى طريق مسدود ربما لأن آمال الانتصار مازالت تراود أطرافها، لكن الملاحظ أيضاً أن الانفراد الدولى بإدارة عملية التسوية يمكن أن يكون سبباً بمعنى أن عدم الإدراك الكافى لجوهر هذه الصراعات وتأثير المصالح الدولية على رؤى الحلول المقترحة يؤثران بالتأكيد على مدى نجاعة الصيغ المقترحة لتسوية الصراعات القائمة .
أما تطوير الأمانة العامة فآفاقه واسعة ويكفى على سبيل المثال أن أشير إلى ضرورة تطوير عملية تعيين العاملين بالأمانة العامة دون افتئات على حق الدول فى الترشيح لوظائف الجامعة وذلك باشتراط مواصفات موضوعية فى المتقدمين لشغل وظائف الجامعة كالتخصص الدقيق والخبرة العملية المناسبة كما أنه لابد من مطالبة الدول بتقديم أكثر من مرشح للمنصب الواحد على أن تتم المفاضلة بينهم بواسطة لجان متخصصة لضمان أقصى قدر من الموضوعية ، كذلك فإن طبيعة المرحلة الراهنة تتطلب وبإلحاح تطوير قدرات الأمانة العامة فى مجالات جديدة مثل عمليات الإغاثة الإنسانية ومراقبة وقف إطلاق النار والانتخابات وعمليات حفظ السلام.
وبالنسبة للمنظمات العربية المتخصصة فإن بعضها يعانى من خلل جسيم ومن حسن الحظ أن لجنة المنظمات للتنسيق والمتابعة التابعة للمجلس الاقتصادى والاجتماعى قد عقدت اجتماعها الدورى منذ أيام وقد علمت عن طريق صديقين من أعضاء الوفود أن مناقشات جادة للغاية قد دارت فى هذا الاجتماع لكن العجيب أن التوصيات لم تعكس مضمونها كما أنها اتسمت أحياناً بالعمومية الشديدة كما فى التوصيات الخاصة بالحسابات الختامية للمنظمات فهى تتجه للجميع بحيث يتساوى المحسن والمسىء،
وفيما يتعلق بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تحديداً فقد دارت حولها مناقشات مستفيضة طالت التجديد الباطل لمديرها والتعيينات المبالغ فيها لخبراء، اعترف المسئول الإدارى والمالى للمنظمة بأنها تمت نتيجة ضغوط دول وهزال تقرير هيئة الرقابة المالية إلى حد المطالبة بتشكيل لجنة للنظر فى هذه المخالفات ، لكن التوصيات لم تشر بحرف إلى هذا كله، وأتمنى على الأمين العام أن يدقق فى هذه الحلقة المفقودة بين المناقشات والتوصيات والتى تجعل الجهد المبذول فى هذه الاجتماعات يذهب هباءً خاصة أن النشرة الرسمية للمنظمة ذكرت أنه يعول كثيراً على دور المنظمة فى الحراك الثقافى العربى وهو تعويل فى محله لولا أن الأوضاع الراهنة فيها تُقوض أى احتمال لهذا الدور.
سوف تبقى الجامعة محط الأمل فى صحوة عربية وهو ما يجب أن يدفع كل مخلص لمواصلة التفكير فى سبل الارتقاء بها إلى المصاف الذى ينشده كل عربى مخلص.
*نقلا عن جريدة "الأهرام"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة