في بداية يوليو الجاري رصدت عدسات أجهزة الفيديو في ولايتي مينيسوتا ولويزيانا حوادث قتل مواطنين من أصول إفريقية
في بداية يوليو الجاري رصدت عدسات أجهزة الفيديو في ولايتي مينيسوتا ولويزيانا حوادث قتل مواطنين من أصول إفريقية، نُشرت في قنوات التواصل الاجتماعي. وبعد ذلك، قُتل في دالس مايك جونسون (25 عاماً)، الذي شارك في الحرب الأفغانية. ولم تمض سوى بضعة أيام على ذلك، حتى أطلق أحد أفراد مشاة البحرية السابقين من أصول إفريقية النار على رجال الشرطة في مدينة "باتون روج" بولاية لويزيانا الأميركية.
فقد أشار المحلل المحافظ ستيف تشالمن إلى أن قتل الشرطة يُعكر بجدية إحصاءات السنوات العشر الأخيرة، التي كانت تشير إلى انخفاض نسبة القتل المتعمد لدى رجال الشرطة خلال تأدية واجباتهم، حيث انخفض عددها منذ عام 1977 بنسبة 69%.
من جانبه، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي أن 80% من الجرائم في الولايات المتحدة ترتكبها عصابات الشوارع، التي تتألف في غالبيتها من أشخاص من أصول إفريقية ومن أميركا اللاتينية.
واضطر البيت الأبيض إلى التراجع. فأعلن الرئيس باراك أوباما أن "الأميركيين من أصول إفريقية ولاتينية يُشكلون فقط 30% من مجموع شعب الولايات المتحدة. ولكنهم يُشكلون 50% من نزلاء السجون". وهو بذلك يحاول كسب بعض الناخبين اليمينيين إلى جانب الحزب الديمقراطي. ولكن هذه الكلمات الغامضة والضبابية وغير المقنعة، التي أطلقها الرئيس الحالي، لا يمكن مقارنتها مطلقاً بالدعوات الصارخة الاستفزازية التي يطلقها مرشح الجمهوريين دونالد ترامب بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية و"الجريمة السوداء".
ومن الواضح أن الجريمة على أساس عرقي وإثني ستكون ساحة للصراع على السلطة وأصوات الناخبين، ولكن جذور الشر تكمُن في شيء آخر.
فأميركا لم تتمكن من التغلب على التفرقة العنصرية، التي تلقي بظلالها في الوقت الحاضر حتى على المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. وبالطبع، هذا لا يقتصر على الولايات المتحدة وحدها، حيث يكفي أن نتذكر كيف توترت العلاقات في الاتحاد الأوروبي على أساس عرقي وطائفي، في ظروف أزمة الهجرة المستعرة.
وفي هذا السياق، فإن العملية الإرهابية في مدينة نيس الفرنسية، التي وقعت في العيد الوطني لفرنسا، تصب في مصلحة الدوائر المحافظة وتعزز الشعور اليميني الراديكالي في أوروبا والولايات المتحدة.
وليس مستبعداً أن نشهد قريباً تشكيل أميركا جديدة وأوروبا جديدة، تنجذبان نحو جذورهما التاريخية والقومية، وتنبذان ليس فقط مفهوم التعددية الثقافية، بل وأيضاً أفكار التسامح والإدارة فوق القومية.
في نوفمبر 2016، ستكون الولايات المتحدة بانتظار سياسي جديد، وسيكون كما أعتقد تجسيداً لعصر جديد.
* نقلا عن صحيفة الوطن أون لاين
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة