مجدداً التأم العرب في قمة اتفقوا منذ عقود، على أن تكون سنوية، وهذه المرة في العاصمة الموريتانية نواكشوط
مجدداً التأم العرب في قمة اتفقوا منذ عقود، على أن تكون سنوية، وهذه المرة في العاصمة الموريتانية نواكشوط، واحدة من الديار العربية القليلة التي لم تصلها الفوضى، ونتمنى ألا تشاهدها أو تعيشها، حتى لا تكتوي بما تعيشه اليوم دول عربية عدة.
قمة نواكشوط، لم تختلف عن سابقاتها، فالقادة العرب اجتمعوا هذه المرة، وهم ناقصو العدد، إذ إن 9 فقط من الرؤساء حضروا أشغالها، وبقية الدول مثلت برؤساء حكومات، ويمكن أدنى من ذلك، ونخشى أن تعقد القمة المقبلة بدون قادة ولا رؤساء حكومات.
هناك قناعة في أنه لن يكون هناك جديد في قمة نواكشوط لهذا العام، فالأحداث التي تمور في العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه لم تعد تنفع معها لقاءات أو قمم، الأوضاع التي يعيشها المواطن العربي تجاوزت قدرة القادة على صنع شيء مختلف، لطالما ظلوا ينادون به، وهو «العمل العربي المشترك»، وأقصى ما عملوه هو المحافظة والمواظبة على حضور القمم والتقاط الصور التذكارية وتوزيع بيانات جاهزة، مكتوبة منذ ما قبل انعقاد القمم.
وفي السنة الحالية لم يتغير شيء في قمة نواكشوط، رأينا نفس الوجوه التي تحضر كل عام، وافتقدنا أخرى غابت أو غيبت قسراً عن المشهد، فيما الهم العربي الحقيقي، كان الغائب الكبير في القمة، كما كان الحال في القمم الأخرى التي عقدت على مدى عقود طويلة.
لا شك أن قمة نواكشوط انعقدت في ظروف استثنائية، ولا يأمل أي مواطن عربي بأن تخرج بنتائج مختلفة عن تلك التي ألفها في القمم السابقة، فالوضع في كل الدول الأعضاء مشتعل، والخلافات العربية العربية تتفاقم وتسوء مع مرور كل يوم، والمخططات الأجنبية لإحداث مزيد من الشرخ في علاقات العرب تتسع، فيما التطرف والإرهاب يحصد المزيد من الأبرياء في كل مكان.
مستقبل العرب على المحك، وقدرة العرب على البقاء كياناً موحداً لم يعد مرتبطاً بقمم ومؤتمرات، بل بفعل حقيقي يتجاوز الخلافات القائمة ويسير بهم إلى طريق آخر غير الطريق الذي يسيرون فيه اليوم، فالإرهاب صار ينخر المجتمعات العربية ويخدش الصورة الجميلة للإسلام، الذي شوهته سلوكات الكثير من أبنائه داخل بلدانهم وخارجها.
لا يحتاج العرب إلى قمم ليعرضوا فيها مشاكلهم، لأنها واضحة للعيان، ولا يحتاجون إلى التقاط الصور التذكارية لأنها لا تعبر عن حقيقة وطبيعة العلاقة بينهم. يحتاجون إلى المصارحة والفعل الجاد للخروج من النفق الذي وجدوا أنفسهم فيه، يحتاجون إلى قرارات لا تكتب على الورق، بل تنفذ على أرض الواقع، قرارات تكون قادرة على تدارك ما يمكن تداركه قبل فوات الأوان.
قمة نواكشوط، قد تصنع بصيص أمل في هذا الطريق، في حال أيقن العرب أن مصائرهم في أيديهم فقط، لا في أيدي غيرهم، وعندما يعودون إلى شعوبهم يأخذون منها مقومات الصمود وتدارك تاريخهم وصناعة مستقبلهم، الذي صار في مهب الريح.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة