مدينة "أبولونيا" الليبية.. تماثيل تروي حكاية الحضارة
"سوسة" هي المدينة الليبية الأثرية التي أطلق عليها المستوطنون اليونانيون قديماً اسم "أبولونيا" نسبة إلى اسم كبير آلهتهم "أبولون".
تُسمى "سوسة" حديثاً، وهي المدينة الليبية الأثرية التي أطلق عليها المستوطنون اليونانيون قديما اسم "أبولونيا"، نسبةً إلى اسم كبير آلهتهم "أبولون".
يرجع تاريخ المدينة إلى منتصف القرن السابع قبل الميلاد، حينما أسسها الإغريق لتكون مركزاً اقتصاديا مهما وميناءً خاصاً لمدينة "قورينا" أو شحات، التي تبعد عنها نحو 20 كيلومترا و30 كيلومترا شرق مدينة البيضاء.
ولد فيها الفلكي وعالم الرياضيات "إراثوسثينيس 276 - 194 ق.م"، الذي كان أميناً لمكتبة الإسكندرية، واستطاع قياس محيط الأرض، وفي ذلك العصر البطلمي ازدهر الميناء وتطور إلى أن أصبحت مدينة، ولا سيما في عهد "الملك ماجاس 300-250 ق.م".
في القرن الأول قبل الميلاد أطلقوا على "أبولونيا" منطقة المدن الخمس الليبية؛ لاحتوائها على خمسة مراكز عمرانية كبيرة هي: قورينا "شحات"، أبولونيا "سوسة"، طلميثة "بطوليمايس"، يوسبريديس - برنيقي "بنغازي"، وتوكرة، واشتهرت "أبولونيا" كمرفأ لتصدير واحدة من أهم السلع وهي نبات "السلفيوم" الطبي، الذي لعب دوراً اقتصادياً بارزاً في القرون الأولى اللاحقة للاستيطان اليوناني.
تمتعت المدينة في العصر الروماني بالحكم الذاتي والسيادة المحلية، وفي القرن السادس الميلادي حلت محل كل من قورينا وطلميثة، وأصبحت الأولى في الولاية، حتى تبدل اسمها في العهد المسيحي إلى الصيغة العربية "سوسة"، بعد العثور على نقش عربي في صالة قرب الكنيسة الوسطى، وبعد أن استقر بها المسلمون بعد الفتح الإسلامي لفترة من الزمن.
تختلف أبولونيا عن باقي المدن الأثرية الليبية في أن ثلث مساحتها مغمور بالماء، ويعلل الباحثون سبب ذلك إلى انخفاض جهة الساحل عن مستوى البحر، وتعرض المنطقة إلى زلازل ضربت جزيرة كريت في 21 يوليو 365 ميلادية، وتسببت مياه البحر في غمر أجزاء من الساحل ومنطقة الميناء.
أهم المعالم الاثرية
للمدينة سور خارجي تم بناؤه في العصر الهليني، وأعيد ترميمه في العصر الروماني، وتتعدد معالم المدينة الباقية، فترى الجزء الحصين من المدينة أي "الاكروبوليس"، والكنيسة ذات الحنية الثلاثية التصميم القائمة خارج الأسوار، والحمامات التي تجاور آثار القصر مقر الحكم في القرن السادس الميلادي، وحوض الملكة " كيلوبترا" التي كانت تستمتع به عند زيارتها للمدينة.
وامتلك القصر الذي استخدم لآخر مرة في العصر البيزنطي على 100 حجرة، استعملها الرومان كمقر للقيادة العسكرية.
متحف مدينة سوسة
يحتوي متحف مدينة سوسة على الكثير من القطع الأثرية مثل بعض التماثيل والنقوش الكتابية واللوحات الفسيفسائية، ويوجد من بين معروضات المتحف قاعدة تمثال تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وكذلك نقش جنائزي يعود إلى الفترة الرومانية، ونصب تحديد أرض عليه كتابة منقوشة باللغة الإغريقية يعود إلى القرن الميلاد الأول، وجزء من غطاء قبر عليه رموز إغريقية.
من بين التماثيل المعروضة في هذا المتحف تمثال لآلهة الحكمة "أثينا"، وتمثالان لامرأتين ثريتين من أبو لونيا قامتا بأعمال جليلة للمدينة، وكذلك نحت لسيدة قد همّت بفتح صندوق ملابسها يعود تاريخه إلى نهاية القرن الخامس ق.م، كما يحتوي المتحف على بعض اللوحات الفسيفسائية التي عثر عليها في عدة مواقع من المدينة، من بينها لوحة فسيفسائي وجدت بأرضية الكنيسة الشرقية بالمدينة وهي تعود إلى القرن الخامس أو السادس ميلادي.