بالصور.. قصر "الباشا" تحفة معمارية تجسد تاريخ غزة
يوثق قصر "الباشا" الذي يقع في وسط مدينة غزة حقبة تاريخية هامة في التاريخ الفلسطيني حيث يجسد معلما تاريخيا وحضاريا وأثريا مهما
يوثق قصر "الباشا" الذي يقع في وسط مدينة غزة حقبة تاريخية مهمة في التاريخ الفلسطيني، ويجسد معلمًا تاريخيًّا وحضاريًّا وأثريًّا مهمًّا في مدينة غزة، بحسب ما يؤكده عزيز المصري، الباحث الفلسطيني في التاريخ والآثار.
ويقول المصري في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، إن القيمة الفنية تبرز لهذا القصر من خلال الأعمدة والأقواس والأحجار والزخارف التي صممت بشكل هندسي رائع من وحي العمارة الإسلامية المملوكية، ويضيف أن تصميم القصر جاء كحصن وقلعة مرتفعة تراقب الأماكن المجاورة للقصر، وهو ما يتم ملاحظة تصميمه من ارتفاع أرضية القصر.
ويشير المصري، الذي يشغل أيضًا رئيس قسم الدراسات التاريخية في مؤسسة بيت القدس للدراسات والبحوث الفلسطينية، إلى أن القصر يحتوي أيضًا على أنواع متعددة من الأقواس متل القوس الصليبي والقوس الوسائدي، والقوس المدبب، والقوس الموتور، ما أضفى شكلًا جماليًا مميزًا.
ويلفت المصري إلى أن تصميم القصر اعتمد في نظام التسقيف على النظام المملوكي على شكل عقود متقاطعة، كما يوجد سقف على شكل عقود نص برميلية، ويوجد غرفة صغيرة مسقوفة بقبة ضحلة، إلى جانب استخدام مواد بناء مختلفة، مثل الحجر الكلسي في الطابق الأول، والحجر الأبلق، ويوجد صخور رملية في أماكن قليلة من القصر.
ويؤكد رئيس قسم الدراسات التاريخية في مؤسسة بيت القدس للدراسات والبحوث على أن هذا القصر، يعد واحدًا من أهم الآثار الفلسطينية على مر العصور، موضحًا بأن هذا القصر هو النموذج الوحيد المتبقي من القصور في غزة.
ويقع قصر " الباشا" في شارع الوحدة أحد أكبر شوارع مدينة غزة القديمة، وبالقرب من المسجد العمري الكبير في البلدة القديمة، حيث تم بناؤه في عهد المماليك وتحديدًا في زمن السلطان بيبرس، (1260-1277م)، بدلالة وجود رنك السلطان بيبرس وهو عبارة عن اسدين متقابلين اتخذ للدلالة على انتصارهم على الخطرين المغولي والصليبي فوق بوابة القصر.
وأطلق على قصر "الباشا" عدة أسماء، منها قلعة نابليون، نظرًا لمكوث نابليون في القصر ثلاثة ليال حينما كان في طريقه لمهاجمة مدينة عكا الفلسطينية إبان الحملة الفرنسية على مصر والشام، ومن بين الأسماء الأخرى، قصر "آل رضوان" نسبة إلى حكام غزة آل رضوان في العهد العثماني، ثم دار السعادة، وأخيرًا "قصر الباشا".
وتحول قصر "الباشا" إلى مركز شرطة في عهد الانتداب البريطاني يعرف بـ "الديبويا"، وأثناء الحكم المصري لغزة بين عامي 1948-1967 استخدم كمبنى لإدارة مدرسة الأميرة فريال، وبعد انتهاء الحكم الملكي المصري تحول إلى اسم مدرسة الزهراء تيمنًا بفاطمة الزهراء، حتى أصبح اليوم متحفًا تابعًا لوزارة السياحة والآثار تعرض فيه مجموعة من آثار مدينة غزة وبعض المخطوطات النادرة.
ويحتوي قصر "الباشا" على مبنيين منفصلين بينهما حديقة، وكان يعرف المبنى الأول بـ "السلملك"، وهو خاص بالرجال، فقط للحكم والإدارة، أما المبنى الثاني والذي يقع في الناحية الجنوبية فقد عرف بـ"الحرملك" وهو خاص بالنساء والجواري.
ويعتبر المدخل الرئيسي للقصر والذي يقع في الواجهة الجنوبية للمبنى الشمالي، من أجمل الواجهات بناء وزخرفة، حيث تم تزيينها بزخارف هندسية نقشت بالحجر، في حين زينت المداخل والواجهات بالعديد من العناصر المعمارية والزخرفية المميزة، كالعقود والأطباق النجمية، التي تدل على رقى وازدهار فن العمارة الإسلامي.
ويضم قصر "الباشا" 5 غرف، خصصت لعرض الآثار، وقسمت حسب العصور التاريخية الأثرية في مدينة غزة، الأولي للعصر الروماني، والثانية للعصر البيزنطي، والثالثة لزينة النساء، والرابعة للأحجار الأعمدة والتيجان الضخمة من العصور الرومانية والبينزنطية والهللينستية، والخامسة للآثار الإسلامية.
ولم يسلم القصر من الاعتداءات الإسرائيلية التي بدأت في ثمانينيات القرن الماضي عندما أقدم مستوطنون إسرائيليون على إحراقه، قبل أن يتعرض للأضرار الجزئية بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في العام 2014.
وقام الفلسطينيون بترميم القصر عدة مرات، كان آخرها في العام 2002، قبل أن تقوم وزارة السياحة والآثار الفلسطينية بافتتاح متحف للآثار داخله في العام 2009، حيث استقبل الآلاف من الزوار من داخل قطاع غزة وخارجه.
aXA6IDMuMTQ1LjM3LjIxOSA= جزيرة ام اند امز