مقاومون فلسطينيون يقتصُّون من مستوطن إسرائيلي متطرف
"شاؤول نير" قاد تنظيمًا متطرفًا لاستهداف قادتهم في الثمانينيات
نجح مقاومون فلسطينيون في إصابة مستوطن إسرائيلي متطرف قاد تنظيمًا لاغتيال قادتهم في الثمانينيات من القرن الماضي ليقتصوا من جرائمه.
لم يُخفِ القيادي الفلسطيني بسام الشكعة، سروره وشعوره بالارتياح، بعد نجاح مقاومين فلسطينيين في قنص المستوطن الإسرائيلي المتطرف شاؤول نير، المسؤول عن إصابته في تفجير استهدف سيارته قبل 35 عامًا؛ وأدى إلى فقده ساقيه.
وأصيب المستوطن شاؤول نير (60 عامًا)، بجروح حرجة، وزوجته بحالة متوسطة، بعدما استهدف مقاومون فلسطينيون سيارتهما بـ48 رصاصة، شرق مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، مساء الأربعاء الماضي.
وهو على سرير الشفاء من نوبة عارضة، تلقى الشكعة (85 عامًا)، وهو رئيس بلدية نابلس السابق، نبأ استهداف نير الذي كان يترأس عصابة إرهابية يهودية كانت مسؤولة عن تنفيذ عدة عمليات اغتيال ضمنها محاولة اغتيال الشكعة نفسه عام 1980.
وقال الشعكة لـ"بوابة العين": "أشعر بالسرور لنيل هذا المجرم الصهيوني عقابه على جرائمه بحق شعبنا وأمتنا"، مضيفًا: "كل فلسطيني وكل إنسان حر تغمره السعادة عند تلقي نبأ عقاب المجرمين بحق الإنسانية".
عملية استهداف الشكعة جرت عبر زرع مواد متفجرة في سيارته من قبل التنظيم الإرهابي الذي كان يقوده نير، ضمن سلسلة عمليات مماثلة في حينه استهدفت رؤساء بلديات فلسطينية، تحدوا سياسات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.
وزرع أفراد من التنظيم الإرهابي الصهيوني الذي كان يقوده "نير" في الثاني من يونيو/ حزيران 1980 ثلاث عبوات ناسفة في سيارات كل من بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس، وكريم خلف رئيس بلدية رام الله، وإبراهيم الطويل رئيس بلدية البيرة. وانفجرت عبوتان منها، ما أدى إلى بتر رجلَي الشكعة ورِجل خلف، بينما الطويل نجا من الحادث إثر اكتشافه العبوة قبل صعوده إلى السيارة.
تحرير فلسطين
وقال الشكعة: "إن العملية الفدائية تصب في تحرير فلسطين"، مشددًا على أن الحركة الصهيونية هي المسؤولة عن موجات الإرهاب وخاصة ضد الفلسطينيين، وذراع الحركة الصهيونية اليوم هم المستوطنون الذين يهددون الفلسطينيين منذ عقود ويرتكبون ضدنا أبشع الجرائم.
وأكد القيادي الفلسطيني، المعروف بمواقفة الصلبة في مواجهة الاحتلال وسياساته، أن محاولة اغتياله ورؤساء البلدية الأخرى كانت بتخطيط من قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي .. وكان التنفيذ من قبل هذه العناصر الصهيونية.
وقال الشكعة، إن هذه الجرائم كانت تستهدف إرهاب الشعب الفلسطيني وتمرير مخططات "روابط القرى"، في إشارة إلى محاولة سلطات الاحتلال إنشاء مجالس قروية في الضفة الغربية من شخصيات متعاونة معها، في محاولة إسرائيلية لتوجيه ضربة للنضال الفلسطيني.
وإلى جانب استهداف رؤساء البلديات، خططت المنظمة الصهيونية في الثمانينيات، لتفجير قبة المسجد الأقصى، وتفجير حافلات تقل فلسطينيين في القدس. فيما قاد "نير" شخصيًّا هجومًا في العام 1984 على إحدى كليات مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، أسفر عن استشهاد ثلاثة طلاب فلسطينيين وإصابة العشرات بجراح.
من جانبه، قال الكاتب الصحفي سامي الساعي: إن "استهداف نير وإصابته بجراح خطرة لاقت ارتياحًا عارمًا في صفوف الفلسطينيين"، مضيفًا أن أهالي طولكرم (شمالي الضفة)– يقطنها الساعي- وشمال الضفة الغربية احتفوا بهذا الحدث المهم".
وأوضح الساعي لـ"بوابة العين" سر السعادة الفلسطينية بقوله: "منذ خمسة عقود والمستوطنين يعربدون ضد الفلسطينيين، يقتلونهم ويصادرون أرضهم ويختطفونهم ويهددون أمنهم وحياتهم إلى أن جاءتهم الانتفاضة الحالية لتطاردهم في كل مكان من الضفة".
وأضاف: "وفي ذروة المواجهات يقع أحد أخطر المستوطنين المتطرفين في شباك المقاومين لتكون رسالة له ولغيره بأنهم لن يفلتوا من العقاب".
تداعيات إصابة "نير" لن تقف عند ابتهاج الفلسطينيين، بل ستنعكس سلبًا على المستوطنين وحركة البناء الاستيطاني في الضفة عمومًا، بحسب غسان دغلس مسؤول ملف مكافحة الاستيطان شمال الضفة الغربية.
وقال دغلس لـ"بوابة العين": إن "إصابة قيادي استيطاني بحجم "نير" سيكون له آثار سلبية على المستوطنين"، معتبرًا أن تلك العملية ستحد من حركة المستوطنين في شوارع الضفة الغربية؛ لأن هذه المجتمع الاستيطاني يتصف في سماته الأساسية بالجبن والخوف" على حد قوله.
فرار المستوطنين
ويبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية 144 مستوطنة يقطنها نحو 600 ألف مستوطن، غالبيتهم ينتمون لمنظمات يهودية متطرفة تعمل على توظيف كل إمكانياتها لمهاجمة الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم تحت حماية من جيش الاحتلال.
ويتوقع دغلس أن تدفع عمليات المقاومة الفدائية في الضفة " المستوطنين للفرار من المستوطنات بحثًا عن النجاة بأرواحهم .. بعدما لم تعد المستوطنة مكان آمن".
ويشكل غياب الأمن الشخصي واحد من أهم عوامل الطرد للإسرائيليين ودفعهم للهجرة من إسرائيل، بحسب دراسة حديثة للباحث جورج كرزم.
وأوضحت دراسة كرزم التي صدرت قبل نحو أسبوع عن مركز "مدى الكرمل للدراسات الاجتماعية التطبيقية" بعنوان "الهجرة اليهودية المعاكسة ومستقبل الوجود الكولونيالي في فلسطين" بأن عوامل الطرد الديمغرافي من إسرائيل تعاظمت، فأصبحت أعلى من عوامل الجذب إليها.
وأكدت الدراسة أن العوامل الأمنية عامَّة، وتحديدًا الهواجس الأمنية للعديد من اليهود الإسرائيليين وانعدام الشعور بأمنهم الشخصي في عمق جبهتهم الداخلية، تشكّل القوةَ الدافعة الأهم "للهجرات اليهودية المعاكسة، أكثر من العوامل الاقتصادية المتمثلة في الضائقة المعيشية والوضع الاقتصادي".
وخلص كرزم في دراسته إلى الاستنتاج بأن مواجهة عسكرية مكثفة طويلة الأمد، تمتد لأشهر طويلة أو سنوات، سوف تعني استنزافًا متواصلًا في البنْية البشرية الصهيونية؛ ممّا سيحفز بقوةٍ تعاظُمَ "الهجرة" اليهودية المعاكسة، وسيدفع العديدَ من اليهود إلى "النزوح" نحو الخارج.
aXA6IDMuMTYuMTM3LjIyOSA= جزيرة ام اند امز