في دولةٍ يتحرك قادتها وفق أعلى المعايير وأرقى الأسس، تأكد أنك لن تتأخر في معرفة نتائج زيارة كهذه إلى دولة لها مركزها على مستوى العالم
عندما ينطلق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي يرافقه وفد رفيع المستوى يضم سياسيين واقتصاديين وعسكريين، في زيارة رسمية إلى الصين، وعندما تحظى هذه الزيارة بهذا الزخم الإعلامي والاهتمام الكبير من العالم، وعندما يترقب العالم مكنونات هذه الزيارة، ندرك فورا أن ذلك حدث جلل، له ماله وعليه ما عليه.
في دولة يتحرك قادتها وفق أعلى المعايير وأرقى الأسس، في سعيهم لتوفير الحياة الكريمة لأبناء شعبهم والتطور والازدهار والأمان لوطنهم، تأكد أنك لن تتأخر في معرفة نتائج زيارة كهذه إلى دولة لها كيانها ومركزها الذي يرتقي يوما بعد يوم على مستوى العالم.
وفي استعراض سريع للعلاقات الثنائية الإماراتية الصينية الرسمية، سنجدها ممتدة إلى أكثر من 7 قرون، عندما كان يربط طريق الحرير الصين بدول المنطقة، وكان لهذه العلاقة بُعدها الراهن في أول تعامل رسمي بين دولة الإمارات والصين، عندما وجّه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيّب الله ثراه- عام 1972، رسالة إلى رئيس جمهورية الصين الشعبية آنذاك، بشأن قيام اتحاد الإمارات.
ولم تنقطع العلاقات الإماراتية الصينية على الإطلاق، ولم يشُب تلك العلاقة أية شائبة أو تعكرها أية نائبة، وكما هو معروف عن دولة الإمارات تميزها باقتصاد مفتوح وتوفيرها للبينة التحتية اللازمة لممارسة أي نشاط تجاري أو اقتصادي، ووضعت الصين الدولة التي اقتحمت أسواق العالم بقوة، نصب أعينها السوق الإماراتية الواعدة، فدخلتها بقوة مستفيدة من التسهيلات والإمكانات الهائلة التي توفرها دولة الإمارات.
ومع استمرار هذه العلاقات التجارية المميزة بين البلدين والتي حققت مصلحة الجانبين، فقد قفز حجم التبادل التجاري من أقل من 100 مليون دولار قبل 30 عاما، إلى ما يقارب 55 مليار دولار في العام الماضي مسجلاً رقماً قياسياً جديداً.
وفي العام 2012 عندما زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الصين الشعبية، طرح مبادرة بشأن إنشاء صندوق الاستثمار المشترك الإماراتي ـ الصيني بقيمة عشرة مليارات دولار، وحظيت المبادرة باستجابة إيجابية من القيادة الصينية، ومن المتوقع التوقيع على الاتفاقية بشأن هذا الصندوق قريباً.
ولم يتوقف التعاون بين الإمارات والصين عند حد معين أو سقف ثابت، بل استمر بالنمو والتوسع في مختلف القطاعات، التجارية والثقافية والسياسية والعسكرية، كما عملت بدورها الصين على تعزيز العلاقة غير التقليدية مع دولة احتلت مكانة بارزة وبسرعة في كافة المحافل الدولية.
وعمل البلدان بجدية على تدعيم ازدهار الثقافة بين شعبيهما سواء عبر توافد الفرق الفنية وفرق كونغ فو والألعاب البهلوانية والأوبرا الصينية إلى الإمارات، أو سفر الفنانين والرسامين الإماراتيين إلى الصين، أو عبر أنشطة التبادل الطلابي في إطار برنامج السفراء الشباب.
وكان للإمارات بصمتها على المستوى التعليمي والثقافي، عندما أنشئ مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين بتمويل ودعم إماراتي، وافتتحت الصين معهد كونفوشيوس في كل من جامعة زايد وجامعة دبي.
ولا يخفى على أحد اليوم كون العلاقة الإماراتية الصينية، مبنية على مبادئ الثقة والاحترام المتبادلان، إذ تسعى الدولتان بكل قوة إلى تحقيق النمو والازدهار لشعبيهما، بالإضافة إلى إرساء دعائم السلم والتسامح والانفتاح على الآخر، من خلال تعاون سياسي وطيد بين القيادة الإماراتية ونظيرتها الصينية.
هذه العلاقات التي تجذرت ونمت بكل قوة بين الإمارات والصين، أصبحت اليوم علاقات استراتيجية مهمة، ترتبط من خلالها الدولتان بالعديد من الاتفاقيات والمعاهدات، وبات من الواضح التأثير الكبير للسياسة الإماراتية على بعض السياسات الصينية المتعلقة بشؤون الشرق الأوسط والدول العربية والإسلامية، بحيث تعمل القيادة الإماراتية بكل قوة على حفظ الاستقرار والسلام والأمن في منطقةٍ مليئة بالنزاعات.
وبوصول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى الصين في زيارته الثالثة، سيكون البلدان على موعد مع توقيع اتفاقيات في كل المجالات، والتي سيكون أبرزها الاتفاقيات ذات الطابع الأمني والعسكري، في ضوء المرحلة الحاسمة التي يمر بها البلدان في التصدي لتحديات الأوضاع في العالم، وبوجود مقدمات سبق وأن طرحت، تتحدث عن توسيع في مجالات التعاون الأمني والعسكري بين الإمارات والصين.
وفي ظل المتغيرات الدولية المتسارعة، لن يكون غريبا إذا شهد العالم ولادة حلف جديد تقوده دولة الإمارات في المنطقة، لمواجهة سياسات بعض الدول في الشرق الأوسط، التي تعمل على زرع الفتن والبلبلة لتحقيق مآرب توسعية غدت مكشوفة وواضحة للعلن، وسيكون العالم على موعد مع كثير من المفاجآت، ما يسر الصديق وما يكدر عيش العدو والمتربص بدولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعبا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة