إن هذه المقالة بالجارديان جاءت في وقتها لتمنحنا جميعا الثقة بالنفس، ولنشترك في بناء مصر الحديثة بعد أن اكتملت خارطة الطريق.
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقالة بتاريخ ٨ ديسمبر الماضي، كان لها أثر كبير، خاصة في الإعلام الغربي، ونشرت هذه المقالة كرد فعل على ما ذكره المرشح الرئاسي «دونالد ترامب»، والذى طالب حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بمنع المسلمين من دخول أمريكا.
هذا وفى خطاب للشعب الأمريكي في نفس التوقيت؛ قال الرئيس باراك أوباما إنه يجب على الأمريكان تفهم أن المسلمين المعتدلين في دينهم يبلغ تعدادهم أكثر من بليون نسمة، وأن أمثال داعش لا يمثلون إلا أعدادا بسيطة من المتشددين والسفاحين الذين يريدون الخراب للمجتمع الدولي، وأوضح أوباما أنه لو تعامل الأمريكيون مع المسلمين الأمريكيين بطريقة سيئة؛ فإن ذلك ما تريده داعش، علماً أن المسلمين الأمريكيين هم أنفسهم من شارك في الحروب مع الأمريكيين الآخرين، وهم من شارك في بناء أمريكا على مدى أكثر من قرن.
وعليه اختارت صحيفة الجارديان أمثلة من الشخصيات المسلمة التي كان لها تأثير كبير في بناء الولايات المتحدة الأمريكية.
كان الاختيار عميقا وعريضا، وكان لي الشرف أن أكون واحدا من هؤلاء الاثني عشر شخصية، التي أطالت الصحيفة في وصف أعمالهم الهامة والرائدة في البناء، وكانت الأسماء الأخرى لشخصيات أمريكية بارزة في مجالات مختلفة، أذكر منها ثلاثة أمثلة:
*الرياضة: محمد على كلاي، وأيضا كريم عبد الجبار، وهما كانا سببا في تغيير مفهوم الملاكمة وكرة السلة، وجعل الولايات المتحدة تتبوأ المكانة الأولى عالميا في هذه الرياضات.
*السياسة: مالكم أكس، والذى ظهر في الستينيات، وطالب بالمساواة العادلة للأفارقة الأمريكيين، وحارب العنصرية بالطرق الضرورية، بما في ذلك العنيفة منها.
*العلم : حصول الدكتور أحمد زويل على جائزة نوبل في العلوم، وهو في الحقيقة المصري والعربي الوحيد الذى نال هذه الجائزة خلال سنوات وجودها، والذى يبلغ قرنا كاملا في العلوم والطب، وشارك الدكتور زويل في بناء الولايات المتحدة علميا، وعمل مستشاراً للرئيس باراك أوباما، وعند تعيينه ذكر البيت الأبيض حيثيات القرار في كلمات مؤثرة كان نصها:
"إن هذا المصري الأمريكي ليس فقط احترامه ناتج من أجل ما قدمه للبشرية في العلوم، وإنما أيضا لمجهوداته في الشرق الأوسط، والتي هي صوت للحكمة"
هذه الشخصيات التي ذكرتها الجارديان تعبر عن قدرة المسلمين واستطاعتهم بناء أو المشاركة في بناء دول غربية بقوة وفاعلية الولايات المتحدة الأمريكية ، وهذا يأخذنا إلى الوطن الغالي مصر.
إن بناء مصر بعد ثورتين ممكن، مصر تستطيع، شريطة أن نشترك جميعا في هذا البناء، وبإسهامات مسلمين ومسيحيين في العلم والثقافة والسياسة وغيرها.
إن الإيمان ببناء الدولة الحديثة والبعد عن المهاترات، والعمل المنضبط يجعلني على يقين أن مصر قادرة على التحول إلى المجتمع الحديث المنتج.
ولتحقيق هذا الهدف ينبغي أن نسلك طريقا سريعا ومؤثرا هو بناء "القوة الناعمة" المتمثلة في إعادة بناء البحث العلمي، ولذلك فقد عملت على مدى خمسة عشر عاما ولازلت أعمل؛ من أجل تحقيق هذا الهدف في مصر العزيزة، ولقد وفقنا الله في إطلاق المشروع القومي للنهضة العلمية "مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا"، ولقد حققنا في ثلاث سنوات ما يشبه المعجزة، رغم الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد، وفيما يلي بعض الحقائق:
- يتم الآن إنشاء المقر الجديد للمدينة على مساحة ٢٠٠ فدان في منطقة حدائق أكتوبر، ومن المقرر افتتاحه في منتصف عام 2016 .
- يعمل بالمدينة ١٢٠ أستاذا وباحثا أكاديميا في ٧ معاهد بحثية في مجالات الطاقة والعلوم الطبية والنانو تكنولوجي وخلافه.
- بلغت أسرة المدينة ما يقرب من ألف شخص من الأكاديميين والإداريين.
- استقبلت جامعة العلوم والتكنولوجيا بالمدينة الدفعة الثالثة من الطلاب المتفوقين في الثانوية العامة وما يعادلها بمجموع أعلى من ٩٦٪، وبلغ عدد الطلاب الدارسين ٥٤٠طالبا.
- يدعم الشعب المصري المدينة بقوة من خلال تبرعاته، وكان أكبر دعم قدم من المصريين الوطنيين هو من الدكتور حسن عباس حلمي، والسيد سميح ساويرس.
- أنتج الباحثون أكثر من ٢٠٠ ورقة بحثية محكمة قدمت في المؤتمرات الدولية.
- ونشر الباحثون ١٧٥ ورقة بحثية في دوريات ومجلات علمية دولية رفيعة المستوى، تتعلق بقضايا المجتمع المصري.
إن هذه المقالة بالجارديان جاءت في وقتها لتمنحنا جميعا الثقة بالنفس، ولنشترك في بناء مصر الحديثة، بعد أن اكتملت خارطة الطريق بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة