علمنا في وقت سابق من الصيف أن مجموعة من الـ«هاكرز» من المعتقد على نطاق واسع ارتباطهم بالكرملين
علمنا في وقت سابق من الصيف أن مجموعة من الـ«هاكرز» من المعتقد على نطاق واسع ارتباطهم بالكرملين، نجحوا في اختراق رسائل بريد إلكترونية سرية تخص اللجنة الوطنية التابعة للحزب الديمقراطي وجهات أخرى. ونشرت «واشنطن بوست» مؤخرا تقريًرا لإيلين ناكاشيما ذكر أن «هاكرز» روسا استهدفوا كذلك أنظمة تسجيل بيانات الناخبين ببعض الولايات. وفي جهود واضحة لتعزيز فرص المرشح الرئاسي دونالد ترامب في الفوز، يعمد هؤلاء الـ«هاكرز» إلى تسريب ما يعتبرونه أكثر الوثائق إضراًرا بالمرشح المنافس خلال لحظات حرجة من الحملات الانتخابية.
وفي الأسبوع الماضي، علمنا أمًرا آخر: أن الروس ليسوا مجرد «هاكرز» فحسب وإنما محتالون أيًضا، ذلك أنه اتضح أنه قبل كشفهم عن المعلومات التي سرقوها، عمدوا إلى إدخال تغييرات على الوثائق وإضافة معلومات زائفة، ثم تمريرها باعتبارها الوثائق الأصلية.
وكشف إلياس غرول، في مجلة «فورين بوليسي»، الأسبوع الماضي، أنهم وقعوا في خطأ النص الأصلي والآخر المزور بالنسبة لثلاث وثائق على الأقل. كانت هذه الوثائق قد سرقت من «أوبن سوسايتي فاونديشن» (مؤسسة المجتمع المفتوح) التابعة لجورج سوروس، حيث أدخل الـ«هاكرز» تغييرات لخلق انطباع كاذب بأن الناشط الروسي المناهض للفساد أليكسي نافالني يتلقى تمويلاً من سوروس. ويثير ذلك احتمالية خطيرة: هل يخطط عملاء بوتين لكشف وثائق مزورة تخص اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي عشية الانتخابات الرئاسية؟
ربما سيكشفون من خلالها أن «كلينتون فاونديشن» تمول تنظيم «داعش»، أو سيدعون اعتراف كلينتون بأنها لا تأبه للأميركيين الذين قتلوا في بنغازي. وقد يحاولون إظهار أنها تعرضت بالفعل لضرر بالغ في المخ بسبب حادث سقوطها منذ عدة سنوات، وأنها تعتمد حالًيا على أنتوني وينر في اتخاذ جميع قراراتها. الملاحظ أن مثل هذه الحملات «المضللة» من جانب روسيا تعود إلى حقبة «الحرب الباردة»، وتعتبر أشهر الأمثلة على ذلك تعمد السوفيات تصوير وباء الإيدز باعتباره مؤامرة من تدبير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). ولا يسع المرء سوى التساؤل عما كانت ستبدو عليه الحرب الباردة حال وجود «هاكرز» آنذاك. وبالطبع لن نعرف قط الإجابة، لأن الاتحاد السوفياتي انهار قبل اختراع آل غور للإنترنت.
ومع ذلك، يبقى الأمر الواضح أن حرب المعلومات المضللة التي تشنها روسيا في أنشط حالاتها. من جانبه، كتب نيل مكفاركر في «نيويورك تايمز» حول المحاولات الروسية لتقويض الشراكة العسكرية بين روسيا وحلف «الناتو». وفي هذا الإطار، عمدت موسكو إلى نشر معلومات كاذبة حول وجود مخزونات سرية من الأسلحة النووية في السويد، وزعمت أن جنود «الناتو» سيكون بإمكانهم اغتصاب السويديات دونما عقاب. وقد أسهم هذا الاستغلال الروسي لفكرة «تسليح المعلومات» في خلق حالة من التوتر والاضطراب داخل أوكرانيا عام 2014 ،عند غزوهم للقرم.
إذن، هل ينبئ ما سبق عن وجود مفاجأة تنتظرنا في أكتوبر برعاية بوتين؟
لقد سبق لروسيا بالفعل التدخل في الشؤون الداخلية لفرنسا وهولندا وبريطانيا وغيرها، ودعم أحزاب سياسية متطرفة لزعزعة استقرار هذه البلاد. ويبدو أنه يقوم بالمثل الآن داخل الولايات المتحدة.
في كل الأحوال، لا ندري ما الذي ينوي «هاكرز» الكرملين فعله هذا الخريف، لكن يمكننا أن نستشف القادم من وثائق سوروس المزورة.