الرقابة "طوق النجاة" للمصريين من خروقات "القيمة المضافة"
الرقابة هي الحل الوحيد لمواجهة أية محاولات لكبح جماح ارتفاع الأسعار في مصر مع دخول ضريبة القيمة المضافة التطبيق شهر أكتوبر المقبل.
الرقابة هي الحل الوحيد لمواجهة أية محاولات لكبح جماح ارتفاع الأسعار وجشع التجار في مصر مع دخول ضريبة القيمة المضافة التطبيق شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل بنسبة 13% ترتفع إلى 14% من العام المالي 2017 – 2018 أي في يوليو/ تموز 2017، وهذا ما أجمع عليه المراقبون والمحللون للأسواق في مختلف القطاعات.
والمخاوف من حدوث موجات من ارتفاعات الأسعار في مصر تتزايد منذ إقرار البرلمان لضريبة القيمة المضافة الأسبوع الماضي، كما تتردد مخاوف أخرى من قيام التجار بعمليات تخزين لبعض السلع المشمولة بالضريبة الجديدة، للاستفادة من فارق السعر بعد إضافة نسبتها على السلعة.
وأثارت تلك المخاوف قلق المستهلكين، مع تردد أنباء عن بدء البعض بالامتناع عن بيع سلع من نوعية السجائر وكروت شحن الهواتف المحمولة، وغيرها من السلع المختلفة، وهو ما دفع العديد من الاقتصاديين لإطلاق التحذيرات من تداعيات تطبيق الضريبة دون وجود رقابة فاعلة، خصوصًا مع توقعات بارتفاع سلع مثل السيارات بنحو 20% مع أول تطبيق للضريبة، فيما لم تعلن الحكومة حتى الآن عن أية آلية شاملة بشأن الرقابة على الأسواق.
المستشار الاقتصادي أحمد خزيم يرى أن البلاد ستدخل موجة من ارتفاعات الأسعار، والرقابة هي أهم وسيلة لحماية الناس من أية محاولات استغلال من جانب التجار لتوظيف الضريبة لصالحهم، منوهًا بأن الخروقات ستتم في كل الأحوال، إلا أن الرقابة ستحد من الارتفاعات المبالغ فيها، خصوصًا أن التجار بدأوا بالفعل في رفع الأسعار، ومنع تداول بعض السلع لتعظمي مكاسبهم غير الشرعية.
وقال "الضريبة جاءت في وقت غير مناسب، خصوصًا مع الاستعداد لتطبيق سياسة تعويم الجنيه، وهو ما يضيف مزيدًا من الأعباء على كاهل المواطن، رغم ما يقال إن تطبيق الضريبة سيحقق 30 مليار جنيه في صالح الموازنة العامة للدولة، فهي ستترك أعباء على المواطن حتى في السلع المعفاة من الضريبة، لكونها مفروضة على مكونات إنتاج تدخل في تصنيع السلع المعفاة".
من جهته، أوضح السياسي ناجي الشهابي، أن حماية المستهلك تقع على عاتق الحكومة، وهي طوق النجاة من كل محاولات الجشع التي أضحت سياسة تجارة التجزئة، مع غياب الرقابة العامة على الأسواق في السنوات الأخيرة، ولا يعني تحرير الأسواق وتطبيق سياسة العرض والطلب فتح الباب لخنق المواطن.
ويرى أنه ومع تطبيق القيمة المضافة ستشهد الأسواق ارتفاع في الأسعار وعلى مختلف السلع بما فيها السلع المعفاة من الضريبة الجديدة، وهو ما سيفوق قدرات المواطن من محدودي الدخل، على الرغم من أن المؤشرات تبين أن الأجهزة الرقابية على الأسعار غير قادرة على القيام بالدور الرقابي الكامل، مع عزم الحكومة تطبيق مبدأ ترك السوق للرقابة الذاتية، والإصلاح التدريجي وصولًا للتوازن السعري.
ولفت الشهابي إلى أن الدور المجتمعي مهم للغاية في ضبط السوق خصوصًا من جمعيات حماية المستهلك، واستخدام أدوات الضغط كافة على قطاع تجارة التجزئة، ومحاولات الجشع وتعطيش السوق، موضحًا أن هذا الدور مهم في ظل التوقعات بعدم قدرة أجهزة الدولة بمفردها على مواجهة احتكار الأسواق من جانب التجار.
ولفت الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية إلى أن تجار التجزئة وحتى الموردين استبقوا تطبيق الضريبة برفع الأسعار، واحتكار بعض السلع بهدف الاستفادة بأكبر نسبة لصالحهم، فمصالح المواطن لا تدخل في حسابات المحتكرين، وتقع مسؤوليتها على الدولة فقط.
وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار هي القاعدة الثابتة بعد تطبيق أي ضريبة، والقول بانخفاض الأسعار كلام ليس له أصل وليس في محله، ولهذا نشدد على تعزيز أدوات الرقابة لضبط الأسواق من أية اختلالات سعرية تضر بالمواطن، وحتى بزوار البلاد من السياح.
أما محمد إسماعيل عضو مجلس النواب المصري، فأكد على أهمية وجود أدوات رقابية حكومية وشعبية على الأسواق من الآن على الأسواق، وتعظيمها مع بداية تطبيق ضريبة القيمة المضافة، موضحًا أنه وبدون هذه الرقابة فالفوضى ستكون سمة السوق المصري، والنتائج ستحملها المستهلك البسيط، لافتًا إلى أن بعض المؤشرات السلبية بدأت تظهر بالأسواق في شكل منع تداول بعض السلع التي سيتم فرض ضريبة عليها من أول الشهر المقبل، وتصلنا شكاوى بشأن سلع مثل السجائر، وبطاقات شحن هواتف المحمول، بل يتردد أن بعض تجار السيارات يمتنعون عن تحديد سعر لتسليم السيارات الجديدة المباعة حاليًا، ويحددون توقيتات التسليم من أول الشهر المقبل.
وحذر إسماعيل من تفاقم سيطرة المحتكرين على الأسواق وخروجها عن رقابة الحكومة، وتركها لصالح فئة محدودة، الأمر الذي قد يؤدي إلى نوع من الفوضى التي تؤدي إلى مشاكل اجتماعية، وعلى الدولة أن تقوم بمهامها في هذا الشأن من خلال رقابة صارمة وحاكمة، ولا نطالب هنا بسياسة التسعير، لأنها من البنود الملغاة والمتفق عليها مع صندوق النقد.
وكان وزير المالية عمرو الجارحي قال "إن ضريبة القيمة المضافة ليست بضريبة جديدة على المواطنين، ولكنها تعديل لقانون ضريبة المبيعات بهدف علاج التشوهات التي يعاني منها الاقتصاد المصري، وأن جميع السلع الأساسية معفاة من الضرائب حتى لا يتضرر محدودو الدخل".
وقد أقر مجلس النواب المصري الإثنين الماضي 29 أغسطس/آب قانون ضريبة القيمة المضافة، وهي ضريبة مركبة، غير مباشرة، تفرض على الفرق بين سعر التكلفة وسعر البيع للسلع المحلية والمستوردة، وستقوم الشركات بتحصيليها ودفعها إلى الدولة وبنسبة %13، على أن تزيد النسبة إلى 14% بداية من السنة المالية المقبلة 2017-2018.
وتشمل مجموعة من السلع أبرزها التبغ والسجائر، ومنتجات النفط، وزيوت الطعام النباتية، والمقرمشات، والبطاطس المصنعة، والأسمدة والمبيدات الزراعية، والصابون والمنظفات، والمياه الغازية، وأجهزة التكييف.
ومن بين السلع والخدمات الـ 56 المعفاة، ألبان الأطفال، والشاي والسكر والبن، والخبز، والحيوانات والطيور والأسماك الطازجة أو المجمدة، ورق الصحف والطباعة، وخدمات البريد المصرفية، وخدمات التأمين والتعليم، وخدمات النقل البري، وصناعة الدواء.
وقد رحب صندوق النقد الدولي بإقرار الضريبة، والتي تأتي ضمن اتفاقيه مع الحكومة المصرية، والذي يقضي بمنح مصر تسهيل ائتماني بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات، وهو ما اعتبره البعض بمؤشر على قرب موافقة الصندوق النهائية على القرض لمصر، وهو ما دفع رئيسة صندوق المقد "كريستين لاجارد" على العمل لحث بعض الدول لمنح مصر تسهيلات ائتمانية إضافية.
وإلى ذلك اعترف أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية بأن العديد من السلع، بل ربما أغلبيتها شهدت زيادة كبيرة بمجرد إقرار البرلمان ضريبة القيمة المضافة، موضحًا أن عددًا من كبار التجار وأصحاب المحال التجارية استغل قرب تطبيق قانون القيمة المضافة أول أكتوبر "تشرين الأول" القادم، لافتًا إلى الارتفاعات شملت السلع المعفاة من الضريبة أيضًا.
ورصد اتحاد الغرف أسعار المواد الغذائية التي شهدت زيادات، في كل من السكر "20% زيادة" ليصل سعر الكيلو جرام إلى ما بين 8 و10 جنيهات، والزيت "30٪،" ليتراوح السعر بين 10 و11 جنيهًا، والألبان والجبن "10و15٪، والدواجن " 3%" ووصل سعر كليو اللحوم البلدية إلى ما بين 80 و100 جنيه، فيما ارتفع سعر السجائر المستوردة من 13 جنيهًا إلى 21 جنيهًا للعلبة.
وشدد أحمد الوكيل على ضرورة وجود رقابة صارمة على الأسواق والتحكم خاصة مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة، مع تكثيف الحملات على الأسواق في مختلف المحافظات مع تفعيل دور مباحث التموين وقطاعات الرقابة لردع أي مخالف لحماية للمستهلكين واقتصاد البلاد.
aXA6IDMuMTQyLjIwMC4yNDcg جزيرة ام اند امز