الراحل «ستيف جوبز» مؤسس شركة «آبل»، صار لاجئاً في مخيم كاليه الفرنسية، الذي يضم أكثر من 7 آلاف لاجئ من سورية وأفغانستان وإريتريا.
الراحل «ستيف جوبز» مؤسس شركة «آبل»، صار لاجئاً في مخيم كاليه الفرنسية، الذي يضم أكثر من 7 آلاف لاجئ من سورية وأفغانستان وإريتريا. هكذا تقول الجدارية التي رسمها الفنان البريطاني بانكسي، وأبدع في رسم صورة ستيف وهو يحمل بإحدى يديه جهاز «أبل» قديماً، وبالأخرى حقيبة صغيرة لأغراضه، وكُتبت إلى جانب الصورة المعبّرة، عبارة «ابن مهاجر من سورية». الصورة جاءت ضمن رسوم أخرى، يهدف الفنان البريطاني من خلالها إلى شد الانتباه إلى أزمة اللاجئين حول العالم. وهو أوضح في بيان، أن «الجميع يظنّ أن موجات النزوح قد تستنزف موارد بلادنا، لكن ستيف جوبز كان ابن أحد المهاجرين السوريين من مدينة حمص»، في إشارة إلى التأثير الهائل الذي تركه ستيف في تاريخ البشرية.
بانكسي عبّر عن موقفٍ أخلاقي يليق به كفنان عُرِف عنه الدفاع عن المظلومين في لوحاته التي امتدّت إلى دول العالم حتى فلسطين، لكنه من خلال هذه الحملة أراد لفت نظر الدول الأوروبية إلى القضية الأهم في مسألة اللاجئين، من خلال عبارته «لا أحد يستحق العيش بهذه الطريقة»، التي وضعها إلى جانب رسومٍ أخرى، مطالباً الأوروبيين باستقبال اللاجئين ودمجهم داخل مجتمعاتهم... كأنه يقول: «علينا عدم معاودة تجربة العرب في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي تحوّلت إلى منسيات للمرض والجوع والإحباط.
تحذيرات بانكسي، أو مخاوفه، تؤكدها تجربة ستيف جوبز، فهو ابن عبد الفتاح جندلي، الذي هاجر من سورية إلى الولايات المتحدة عام 1950، لكنه لم يعِش كلاجئ، بل عاش في كنف الزوجين بول وكلارا جوبز اللذين تبنّياه، وعاش مثل أي طفل أميركي... تعلّم وفرح وحلم، وحقّق حلمه على نحو يفوق الخيال.
مخيمات اللاجئين، أياً يكن مستواها، تبقى سجناً يهدر كرامة البشر، ويعرّض الإنسان لموت معنوي أشد من القتل. تكفي تجربتنا مع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين للتدليل على أن فكرة المخيمات لم تُنتِج سوى تدمير آدمية الإنسان الفلسطيني، من خلال ما يلاقيه من الجوع والهوان والاكتئاب والبطالة والإحباط.
لا شك في أن رسالة بانكسي التي تسعى إلى رفض الاستسلام لفكرة مخيمات اللجوء، ونفي الاعتقاد بأن الهجرة تستنزف موارد الدول، تستحق التقدير والاهتمام، ولا بد من السعي إلى دعمها وتبنّي مبادرات وقوانين تحقّق اندماج اللاجئين في المجتمعات، عوضاً عن الاكتفاء بمشاريع إغاثة تكرّس حال الهوان الذي يعيشه اللاجئون السوريون اليوم.
الأكيد أن رفض فكرة دمج اللاجئين في المجتمعات، وإن شئت توطينهم، من أجل إبقاء حق العودة مستقبلاً، كذبة افتُضِح زيفها منذ العام 1948. مَنْ يعِش كريماً سيكون أقدرَ على المطالبة بحقه.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الحياة وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة