فيلم المخرج الإماراتي ماجد الأنصاري.. العالم العربي في "زنزانة"
يحتفي "مهرجان دبي السينمائي" بالتجربة الروائية الطويلة الأولى للمخرج الإماراتي ماجد الأنصاري في إدراجه بعروض الافتتاح ولجائزة الجمهور.
يحتفي مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الـ 12 بالتجربة الروائية الطويلة الأولى للمخرج الإماراتي ماجد الأنصاري، عبر وضعه في عروض الافتتاح، ويترشح أيضا للمنافشة على جائزة الجمهور، الذي ما أن يدخل على السينما إلا ويجد زنزانة حقيقية أمامه كجزء من ترويج الفيلم وتعريف المشاهدين به، وهي خطوة شجاعة من الحملة التعريفية بالفيلم في ظل الحديث في أروقة المهرجان عن الطرق الأفضل للتعريف بالفيلم الإماراتي.
وتدور أحداث "زنزانه" (92 دقيقة) داخل مركز توقيف لجهاز شرطي ما، وعبر ذلك نكون إزاء ممارسات شرطي فاسد ومختل يتلذذ بتعذيب الآخرين وبالقتل، ومواطن بسيط محطم قادته الأقدار الغريبة ليكون محتجزا في سجنه وينفذ ما يطلبه منه مجبرا.
يظهر الشرطي الفاسد (بدور الممثل الفلسطيني علي سلمان) ويبدأ بتنفيذ ممارسات بشعة بداية بقتل مدير المركز بطريقة عنيفة وفيها الكثير من التلذذ والسادية من دون أن نعي السبب الحقيقي لذلك، وهو ما يضعنا أمام حالة تشويقية لا تتكشف خيوطها إلا في نهاية العمل والمتمثل في رغبته بتهريب أخيه المحكوم بالإعدام.
يضعنا المخرج في ظروف القهر والاضطهاد التي يتعرض لها المواطن العربي في سجون السلطة الحاكمة، وهو وإن لم يحددها الفيلم كنوع من المناورة وتجنب المباشرة جعلت من الجمهور يطابق ما يجري في هذا السجن الواقعي في مكان غير معلوم مع القصص التي يقرأ عنها يوميا حول هذا الموضوع.
يستعرض الفيلم كيف يحول الضابط الفاسد حياة المواطن الأسير "طلال" (بدور الممثل الفلسطيني صالح بكري) ويدفع به إلى مطاوعته بدءًا من نقل بصماته على السكين الذي قتل فيه مدير المركز وليس انتهاء بالصمت أمام كل من تقودهم خطاهم إلى المركز، وإلا فإنه سينتقم من حبيبته التي تطلب منه الطلاق، ووسط كل ذلك نرى محاولات الخلاص اليائسة التي يقوم بها "طلال" للهروب أو إنقاذ زوار المركز الشرطي.
الفيلم الذي يشي ببصمات إخراجية وفنية ملفتة للمخرج وبأداء تمثيلي مبهر للمثل الفلسطيني علي سلمان، شابه بعض العيوب التقنية أو الهنات الإخراجية، مثلا الفترة الزمنية التي عكسها الفيلم ووجود أدوات وأكسسوارات ليست موجودة في تلك الفترة، وكذلك أداء الطفل ابن طلال غير المحترف، لكنها بالمجمل لا تنتقص من هذه التجربة التي كانت تحديا أمام الفيلم وتصويره حيث أكثر من ساعة ونصف من أحداث الفيلم داخل غرفة واحدة.
الفيلم في النهاية ينتصر للشعب حتى لو دفع بموت البطل "طلال" في سبيل إنقاذ ابنه وطليقته التي يحبها، وكذلك موت الشرطي على يد أخيه الهارب من حكم الإعدام بعد أن يحترق بالنار.
وبالرغم من قسوة الفيلم والكثير من المشاهد العنيفة إلا أن مسحة كوميدية في شخصية الشرطي الفاسد خففت من ثقل موضوعه المؤلم.
من الملفت في "زنزانة" هو عدم اختيار المخرج مكانا وزمانا محددين للفيلم، أهو خيار فني وتلك الرغبة الكامنة في الانتشار وتجنب إثارة حساسيات أنظمة عربية عبر عدم الحديث عن دولة بذاتها على اعتبار أنها جميعا فيها من شاكلة هذا العنف والقهر الذي ظهر بالعمل السينمائي بدرجات متفاوتة؟ أم جبن السينما إذ تتصدى لموضوع بالغ الحساسية في علاقة السلطة أو رجالها بالمواطنين البسطاء المسحوقين والمحبطين؟
فجملة يحدث "في مكان ما في العالم العربي" تتقدم الشريط، رافقها تنوع في الممثلين (فلسطين/ الإمارات) ما خلق تنوعا في اللهجات، وتمويها في الأماكن بالتسميات الغريبة، وهو أمر خدم العمل بلا شك، أمام حقيقة أن العالم العربي كله يبدو لنا زنزانة صغيرة.
ليكون خيار المخرج الذي اختار الابتعاد عن تحديد مكان حقيقي لفيلمه فرصة ليكون النقاش متجاوزا للحدود الجغرافية العربية.
لكن هل الأمر مرتبط بشخوص فاسدين ومختلين أم أن الأمر في جوهره تعبير عن سياسات لا تحترم الإنسان وتتعامل مع الموطنين بصفتهم أرقاما يسهل تحطيمها وإخفاؤها وقتلها تماما كما فعل الشرطي الفاسد الذي راكم الجثث في حمام المركز، وحاول قتل الجميع في سبيل نجاته.
معلومات عن الفيلم:
إخراج: ماجد الانصاري
إنتاج: رامي ياسين
سيناريو: روكوس سكاي, لاين سكاي
تصوير: كولن ليفيك
مونتاج: شهناز دليمي
موسيقى: تريفور غوريكيس
تمثيل: علي الجابري، صالح بكري، علي سليمان، عهد كامل، عبدالله بوعابد، منصور الفيلي، ياسة جمعة، إياد حوراني.
aXA6IDE4LjExNy4xMDUuMjE1IA==
جزيرة ام اند امز