إن هؤلاء المسيطرين على المشهد الإعلامى الآن يعتبرون أن الحق فى احترام الخصوصية وعدم التشهير فيه «خيار وفاقوس».
يا سبحان الله، انتفض إعلاميو مصر وسياسيوها إلا قليلا، دفاعا عن حق المخرج السينمائى والنائب البرلمانى «خالد يوسف» فى احترام خصوصيته ردا على ما نشره الإعلامى الوطنى الحر النزيه اللامع للغاية أحمد موسى من صور شديدة الخصوصية منسوبة للمخرج السياسى.
بالطبع ما قام به الإعلامى الوطنى الحر أحمد موسى غير مقبول وفقا لقواعد المهنية الإعلامية ومبادئ الدستور المصرى والإعلان العالمى لحقوق الإنسان. ليس هذا فحسب بل إن ما فعله أحمد موسى ربما انطوى على مخالفة قانونية خاصة وأن احتمال فبركة هذه الصور يظل هو الأقوى، ولذلك يجب أن ينتفض كل أحرار الوطن وحماة الخصوصية والفضيلة دفاعا عن النائب المخرج خالد يوسف.
لكن أجدنى مضطرا إلى تذكر كيف تبارى الكثيرون من هؤلاء الإعلاميين والسياسيين للتنكيل بالمحسوبين على تيار الإسلام السياسى وبخاصة المحسوبين على حزب النور من النائب السابق «أنور البلكيمى» إلى زميله فى النيابة البائدة «على ونيس» وغيرهما عندما «سقطوا فى فخ الرذيلة». وكيف تبارى هؤلاء فى التشنيع على السياسى حمدين صباحى عندما تورطت ابنته سلمى فى قضية مالية ينظرها القضاء، وكيف يتبارون فى التشنيع على خصوم النظام الحاكم من علاء عبدالفتاح إلى محمد البرادعى مرورا بعبد المنعم أبوالفتوح وغيرهم الكثيرون.
إن هؤلاء المسيطرين على المشهد الإعلامى الآن يعتبرون أن الحق فى احترام الخصوصية وعدم التشهير فيه «خيار وفاقوس».
وهؤلاء الإعلاميون الذين هالهم كما هالنى أيضا مشهد القبض على رجل الأعمال ومؤسس جريدة المصرى اليوم صلاح دياب باعتبار هذا المشهد انتهاكا صارخا لحقوق الرجل كإنسان ومواطن مهما كانت الاتهامات الموجهة إليه، تجاهلوا، بل وهللوا لمشاهد القبض على الكثيرين من المعارضين وتصويرهم فى أوضاع مهينة.
هذه الازدواجية التى يعانى منها المشهد الإعلامى والسياسى فى مصر هى «أم المصائب» التى نواجهها والتى تقطع الطريق على أى تقدم حقيقى فى ملف الحريات والحقوق بشكل خاص وملف العدالة بشكل عام. فعندما تخص شبهات الفضيحة خصوما للنظام السياسى تصبح الاستباحة هى الأصل ويصبح من يدافع عن حق المتهم فى حماية خصوصياته وترك ملفه للقضاء، يدافع عن الإرهابيين والمتطرفين أو فى أفضل الحالات يصبح عميلا لقوى مناوئة للدولة. أما عندما تخص الفضيحة شخصا محسوبا على قوى سياسية أو إعلامية مؤثرة يصبح الحديث عن حقوق الإنسان والمواطن فرض عين على الجميع.
خالد يوسف مخرج قدير وسياسى صاحب فكر وموقف، يستحق كل الحماية من محاولات الاغتيال المعنوى التى يتعرض لها الآن. لكن فى الوقت نفسه على أى شخص يرى فى نفسه الشرف والنزاهة أن يدافع عن حق أى إنسان فى احترام خصوصيته وإنسانيته حتى لو كان متهما بأشنع التهم، لأن المعاقبة على هذه التهم مسئولية القضاء، وليست مسئولية الإعلام.
أخيرا أقول إن الدفاع عن حق خالد يوسف وحده لا يكفى لكى يدعى أى إعلامى أو سياسى أنه منحاز إلى حقوق الإنسان وإلى الحريات، ما لم يكن هذا هو موقفه فى مواجهة الاعتداء على حق أى مواطن وخصوصيته بغض النظر عن انتمائه السياسى أو الفكرى.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة