يختلف مفهوم الأمان في الحياة الزوجية حسب مفهوم الزوجة لهذا الأمان، ومدى احتياجها، فبعض الزوجات تؤمن أن الأمان يكون في الناحية المادية.
حين تسأل أي امرأة عن مواصفات الرجل الذي تتمنى أن تعيش معه لا تفكر كثيرًا، سرعان ما ترد قائلة: "أن أشعر معه بالأمان، لا يهم وقتها حالته المادية، أو المهنية، أو أي شيء، المهم الأمان". لكن ما الأمان الذي تتحدث عنه النساء في كل مكان وزمان ويبحثن عنه؟ وهل يمكن للنساء الباحثات عن الأمان أن يجدن تعريفًا جامعًا مانعًا لهذا الـ"أمان" المفقود المبحوث عنه عند الأزواج؟ هل الأمان مثل أصابع اليد الواحدة متعدد الأشكال لدى الزوجات، مما يزيد الأمر صعوبة على الأزواج المتهمين بعدم توفير الأمان لزوجاتهم؟
"العين" سألت عددًا من الزوجات عن مفهوم الأمان المراوغ، ورصدت رد الأزواج المتهمين عليهن.
عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتورة سهيلة زين العابدين، ترى أن الأمان يعني السكن، كما جاء في قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)، والسكن يعني الحماية، وهو مرتبط بالمودة والرحمة، وهذا ما تبحث عنه المرأة وتحتاج إليه، والأمان بالنسبة إلى الزوجة هو الصدق في حبه لها، وخوفه عليها، والاهتمام بها، وتوفير ما تحتاج إليه.
وتعيب زين العابدين على الأزواج الذين يهلمون زوجاتهم، وتقول لـ"العين" إن كثيرًا من الرجال للأسف لا يعطي للزوجة الاهتمام الكافي، فمنهم من يترك زوجته في المستشفى مثلاً في حالة تخدير كامل أحيانًا، ويذهب هنا وهناك، يتركها لسائق يخدمها، وهذا يؤثر سلبًا على الحياة الزوجية، بينما في حال الاهتمام الكافي، يحقق تأثيرًا إيجابيًّا على الحياة الزوجية.
وتقول الكاتبة ثناء طحان إن "الأمان هو أن يقف زوجي إلى جانبي في كل ما يعترضني من ظروف في الحياة، وأن يكون حنونًا، وهذا يكفيني".
"حورية، ب"، ربة منزل، تؤكد أن الأمان الذي تنشده المرأة هو الأمان العاطفي في المقام الأول، وتضيف لـ"العين": "إذا لم تجد الزوجة أمانها العاطفي مع الزوج الذي تحبه، تلجأ إلى استبدال البحث عن الأمان المادي بالعاطفة، لشعورها أن الزوج لا يمثل أكثر من المادة التي يقدمها للزوجة، وهناك الأمان الاجتماعي الذي تحتاج إليه المرأة، بأن تكون زوجة شخص مرموق، وهذا في حد ذاته يُشعرها بالأمان الاجتماعي بين أسرتها، وهناك أيضًا الأمان النفسي الذي من الصعب إيجاد وصف له، هي حالة تشعر بها الزوجة، لو أنها شعرت بها مع زوجها، ساعتها من الصعب عليها إلا أن تبادله أمانًا بأمان، وثقة بثقة، وهناك أيضًا أمان الحماية، حين تشعر الزوجة باحتياجها إلى زوج يحميها، وهذا أيضًا يوفر لها ما تنشده مع الزوج الذي اختارته وتفضل أن تكمل حياتها معه.. مفهوم الأمان واسع فضفاض جدًّا، ومتى ما شعرت المرأة ولو بجزء منه، فإنها تشعر بسعادة لا تعادلها سعادة".
وترى سيدة الأعمال السعودية باسمة سعد الدين أن الأمان يعني الثقة والأمان على المستوى العام، وتقول: "الأمان الشخصي هو الثقة في وجود إنسان في حياتك، عندما تحتاج إلى الحنان تجده، عندما تحتاج إلى الحب تجده، عندما تضل الطريق، تغمض عينيك وتمسك يديه وتسير، عندما تحتاج إلى الدفء تجده، عندما تحتاج إلى المال تجده أيضًا، وإذا لم تجد هذا الشخص، عزّز ثقتك بنفسك، واستمد الأمان من قوتك وذاتك، ففي كثير من الأحيان يقتلنا الشعور بانعدام الأمان، فنضطر إلى صنع أحاسيس تُشعرنا به، كي لا تقتلنا الحقيقة، تصنيع الأحاسيس لا يعني خداع أنفسنا أبدًا، إنما هو إقناع ذاتنا وتدريبها على القناعة والرضا بما يحيط بنا بأشياء جميلة، كروعة محصولك الذي تحصده من إنجازاتك.
دفاع الأزواج
وجهت "العين" كل اتهامات الزوجات إلى عدد من الأزواج المتهمين دائمًا بعدم توفير الأمان لزوجاتهم، ويعلق الإعلامي سلطان الشامري، على هذه الاتهامات بقوله: "حيّرتنا النساء، ليس هناك مفهوم واحد لمصدر الأمان للزوجة، فهناك مراحل تمر بها الحياة الزوجية تختلف فيها مصادر الأمان لها، كما أن كل حياة زوجية تختلف عن الأخرى، حسب شخصية كل من الزوجين وعلاقة كل منهما بالآخر، وشخصيتيهما ومكوناتهما النفسية، وعوامل اجتماعية أخرى تؤثر في علاقتهما بشكل مباشر أو غير مباشر، فالعملية معقدة جدًّا، ولها ارتباط بطبيعة العلاقة بين الزوجين، وما يعتريها من مشاعر الحب والعطاء المتبادل والتنازلات ومستوى مشاعر الغيرة في شخصيتيهما، وحجم الثقة وطبيعة التواصل في ما بينهما، فقد تجد زوجين متحابين، لكن هذا الحب لا يشفع لعلاقتهما الهشة المهددة بتأثر من أحد هذه العوامل".
أما سعد القرني، مصمم جرافيك، فيختلف مع رأي الشامري، بقوله "الزوج هو الإنسان الوحيد الذي من المفترض أن يفهم طبيعة زوجته، ومستوى الأمان الذي تبحث عنه، لأنه بديل الأب، الذي يكون هو أمان العالم بالنسبة إلى ابنته، وحين يأتي الزوج ليحل محل الأب في المسؤولية، عليه أن يعطي بلا حدود، وكذلك الزوج أيضًا يحتاج هذا الأمان، ليكشف لها أسراره، سواء المادية أو الاجتماعية، الأمان لا تبحث عنه الزوجات فقط، بل يبحث عنه الزوج أيضًا، فالمودة والرحمة التي أوصى بها ديننا الحنيف أن تتوفر في الزواج، هي ملخص لما يمكن تسميته الأمان، من دون أي حيرة أو اتهامات متبادلة، فكثير من الزوجات يعلنّ استياءهن لو أعطى الرجل من ماله لأهله مثلاً، وهذا يقلل من مستوى الأمان الذي يشعر به الزوج معها".
العضيدان: الزوج الذكي يكتشف الحقيقة
تقول المستشارة الأسرية سلوى العضيدان: "يختلف مفهوم الأمان في الحياة الزوجية حسب مفهوم الزوجة لهذا الأمان، ومدى احتياجها إليه، فبعض الزوجات تؤمنّ بأن الأمان يكون في الناحية المادية، لذلك فمهما كان الأمان العاطفي الذي يوفره لها الزوج، فلن تشعر الارتياح النفسي الذي يوفره لها الزوج، لأنَّ الأمان بالنسبة إليها مفقود حسب احتياجها، وبعض الزوجات يرين الأمان في الإشباع العاطفي، لذلك مهما كان الأمان المادي الذي يقدمه لها الزوج فلن تشعر بالأمان، فالمسألة تختلف من زوجة لأخرى، وبالتالي إن وُجد الأمان المطلوب، فسينعكس ذلك إيجابيًّا على الحياة الزوجية، وإذا فُقد فسيترتب على ذلك آثار سلبية، ونصيحتي للزوج أن يكون ذكيًّا بما يكفي ليعرف حقيقة الاحتياج الذي يُشعر زوجته بالأمان في حياتها معه".