مصر في 2015 .. عبور بقناة جديدة وإكمال خارطة الطريق واصطدام بطائرة
سقوط الطائرة الروسية الحادث الأبرز خلال هذا العام.
افتتاح قناة السويس،اغتيال النائب العام السابق، سقوط الطائرة الروسية،وأخيرًا استكمال خارطة الطريق .. تلك أبرز ما حمله عام 2015 على مصر.
وكانت مصر طيلة هذا العام الذى يلملم أوراقه في مرمى نيران هذا الإرهاب، والذي نتج عنه تراجع في الاقتصاد بجميع قطاعاته؛ حيث كان الخاسر الأكبر بسبب العنف الذي ساد البلاد منذ إزاحة جماعة الإخوان من المشهد السياسي في يونيو/ حزيران 2013.
لكن قطاع السينما تفوَّق على هذة المحن بإنتاج نحو 30 فيلمًا سينمائيًّا، فيما حققت أحزاب سياسية حديثة النشأة يصفها الكثيرون بـ"المحظوظة" إنجازات سياسية ووصلت إلى قبة البرلمان متغلبة على أحزاب قديمة.
ومثَّل حادث سقوط الطائرة الروسية المدنية فوق سيناء في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والذى تبنَّاه تنظيم "داعش" وأدى إلى مقتل 224 مواطنًا روسيًّا على متنها؛ الأبرز والأسوأ على الإطلاق خلال هذا العام.
لكن حتى الآن يُثار جدل واسع حول أسباب سقوط هذه الطائرة، حيث رجَّحت روسيا أن يكون الحادث ناجمًا عن عمل إرهابي، فيما استبعدت القاهرة تلك الفرضية.
وسبق سقوط الطائرة حادث آخر مماثل من حيث السوء والخطورة، وهو مشهد اغتيال النائب العام المصري هشام بركات في هجوم إرهابي باستهداف موكبه يوم 29 يونيو/ حزيران الماضي.
كما قُتل قاضيان من المشرفين على الانتخابات البرلمانية فى فندق بالعريش(شمال سيناء) إثر انفجار سيارة مفخخة وذلك أثناء الإشراف على الانتخابات البرلمانية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ولم يمر على آثار هذه العملية التى طالت أرفع منصب قضائي في مصر سوى القليل، حتى شنَّت جماعات الإرهاب في الأول من يوليو/تموز سلسلة هجمات متزامنة على نقاط تفتيش للجيش في مدن هذه المحافظة (شمال سيناء) حيث أسفر عن استشهاد 17 جنديًا.
ويُرجِّح خبراء ومراقبون أن لهذه العمليات الإرهابية التي شهدها عام 2015 ارتباط لصيق الصلة بالأحكام القضائية التي أصدرتها المحاكم المصرية بحق قيادات من تنظيم الإخوان .
ففي منتصف أبريل/ نسيان العام الجاري، وعقب صدور حكم قضائي بحق الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المعزول محمد مرسى بالسجن لمدة 20 عامًا في إحدى قضايا العنف، تم اغتيال الضابط بقطاع مصلحة الأمن العام العقيد وائل طاحون، لتوليه التحريات في عدد من القضايا التي تخص الإخوان.
أما في شهر مايو/ أيار طالت يد الغدر 3 قضاة آخرين في هجوم مسلح شنَّته جماعة "أنصار بيت المقدس" بعد ساعات من حكم قضائي آخر بإحالة أوراق مرسي و16 من قيادات الإخوان إلى المفتي في قضيتي "التخابر مع حماس" و"الهروب من سجن وادي النطرون".
356 حُكمًا بالإعدام
على صعيد متصل، كانت المحاكم المصرية قد قضت طوال عام 2015 بنحو 356 حكمًا قضائيًّا بالإعدام بحق الإرهابيين وقيادات الإخوان، وأبرزها بحق المرشد العام للجماعة محمد بديع ومرسي.
كما شهد صدور عشرات الأحكام بالسجن المؤبد في وقائع عنف الإخوان، وغيرها من القضايا التي تضم رؤساء سابقين ومشاهير أبرزها إعادة محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية "قتل المتظاهرين"، ووزير الزارعة السابق صلاح هلال في القضية المعروفة إعلاميًّا في مصر بـ"فساد وزارة الزراعة".
اكتمال خارطة المستقبل
وبخلاف تلك الحوادث، أكلمت مصر خارطة الطريق والتي وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي في يونيو/حزيران وذلك بإجراء انتخابات مجلس النواب.
ولم يكن هذا العام ذهبيًّا للأحزاب السياسية القديمة في مقدمتهم الوفد والتجمع، بل حقق حزبان حديثا النشأة هما "المصريين الأحرار" و"مستقبل وطن" طفرة كبيرة في الحياة السياسية؛ حيث كانا أصحاب الحظ الأوفر في هذه الانتخابات.
وحصل حزب "المصريين الأحرار" على 65 مقعدًا في المجلس و"مستقبل وطن" على 50 مقعدًا، فيما استمرت الأحزاب اليسارية وتيار السياسي اليساري البارز، حمدين صباحى، في كبوتهم.
بارقة أمل
وعلى خلاف الاقتصاد والبرلمان والإرهاب، مثَّلت بعض الأحداث الأخرى بارقة أمل جديدة للمصريين حكومةً وشعبًا.
ففي قطاع النفط والغاز الطبيعي أعلنت القاهرة خلال عام 2015 اكتشاف حقل "شروق" العملاق في شرق البحر المتوسط باحتياطي 30 تريليون قدم مكعب غاز طبيعي.
كما وقَّعت مصر نحو 56 اتفاقية بترولية باستثمارات حدها الأدنى أكثر من 13 مليار دولار، فضلًا عن حفر 254 بئرًا بحد أدنى، بالإضافة إلى 21 اتفاقية جديدة خاصة بقطاع البترول ستعود باستثمارات كبيرة على المصريين.
وكان افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة في أغسطس/ أب، واتفاقية بناء العاصمة الإدارية مع بعض الدول العربية والشركات الإمارتية في مارس/أذار، فضلًا عن توقيع اتفاقية بين موسكو والقاهرة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لإنشاء محطة نووية سلمية تشمل 4 مفاعلات بقرض روسي يُسدَّد على 36 عامًا؛ أبرز الإنجازات في هذا العام.
خسائر اقتصادية
وفيما يخص قطاعي السياحة والصناعة، مر هذا العام وسط خسائر لهما وانهيار كبير للصادرات إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية.
فسجَّل النمو الصناعي تراجعًا كبيرًا، ووصل إلى 0.2% مقارنة بـ9% عن عام 2014، ونحو 27% هبوطًا في أعمال التصدير، بحسب تقارير رسمية.
وفقدت الصادرات المصرية أغلب الأسواق التقليدية لها؛ حيث تراجعت في الأسواق الأمريكية بنسبة 29% وبلغت قيمتها 907 ملايين دولار بدلًا من 1.2 مليار عام 2014.
كما تراجعت في أسواق أكبر شريك تجاري لمصر (الاتحاد الأوروبي) بنسبة بلغت نحو 53% لتُصبح نحو 3.5 مليار دولار في 2015 بعد أن كانت 6.4 مليار دولار 2014.
وانطبق هذا الأمر على السوق الإفريقية أيضًا؛ إذ تراجعت الصادرات المصرية إليها بنسبة 32% لتُصبح قيمتها 826 مليون دولار بدلًا من 1.2 مليار دولار 2014.
أما على مستوى القطاع السياحي فسجَّل أعلى معدلات خسائر له (2،2 مليار دولار) وذلك عقب سقوط الطائرة الروسية في سيناء، وقرار عدد كبير من الدول الأوروبية وأمريكا بتعليق رحلاتها السياحية إلى القاهرة، فضلًا عن قيام روسيا بإجلاء رعاياها، وذلك كله وسط توقعات باستمرار نزيف الخسائر في هذا القطاع.
وزاد الدين العام وعجز الموازنة العامة للدولة فسجَّلا أعلى معدلات لهما؛ حيث وصل العجز الكلي للموازنة إلى 78.280 مليار جنيه، بنسبة 2.8% من الناتج المحلي.