العاهل السعودي: إصلاحات اقتصادية شاملة لمواجهة عجز الميزانية
اقتصاديون لـ"العين": حجم الإنفاق يؤكد التوجه لدعم الاقتصاد والإصلاحات الهيكلية
أعلنت السعودية، اليوم الاثنين، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 2016 بواقع إيرادات تقدر بـ513 مليار ريال.
أعلنت السعودية، اليوم الاثنين، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 2016 بواقع إيرادات تقدر بـ513 مليار ريال ومصروفات 840 مليار ريال، لتسجل عجزاً بلغ قرابة 326 مليار ريال، مع انخفاض المصروفات المقدرة للعام الجديد 2016 حوالي 135 مليار ريال مقارنة بعام 2015.
وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عقب إقراره الموازنة المالية الجديدة خلال ترؤسه مجلس الوزراء أن هذه الميزانية تأتي في ظل غياب استقرار بعض الدول المجاورة، وأن الأولوية تأتي لاستكمال المشاريع المرحّلة من الميزانيات السابقة.
وقال الملك سلمان أنه تم توجيه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لإطلاق برنامج إصلاحات اقتصادية وهيكلية شاملة، مبيناً أن هذه الميزانية قائمة على أسس متينة تتعدد فيها مصادر الدخل، وسيتم من خلالها رفع كفاءة الإنفاق العام.
وفي تفصيل لمخصصات القطاعات، فقد خصص مبلغ 191 مليار ريال لقطاع التعليم والتدريب والقوى العاملة، و104 مليارات لقطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية، و21 مليار ريال لصالح قطاع الخدمات البلدية، في حين خصصت 213 مليار ريال للقطاع الأمني والعسكري، و24 مليار لقطاع التجهيزات الأساسية والنقل، و78 مليار ريال لقطاع الموارد الاقتصادية، و23 مليار لصالح قطاع الإدارة العامة، كما تم تخصيص مبلغ 183 مليار ريال لدعم الميزانية العامة ومواجهة التقلبات التي يمكن أن تطرأ على الاقتصاد العالمي بما فيه أسعار النفط خلال العام القادم.
وأكد اقتصاديون في حديث لـ"العين" أن عجز الموازنة السعودية لهذا العام خالف توقعات مراقبو السوق والمحللون الماليون الذي توقعوا أن يفوق العجز ٤٠٠ مليار ريال، وأثبت أن المملكة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية رغم كافة الظروف التي تمر بالمنطقة، وقادرة على توفير إنفاق يخدم تطلعات المستقبل الاقتصادي الجيد للسعودية ومكانتها.
حيث قال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين: إن العجز للعام المالي 2015 برغم كونه 365 مليارا إلا أنه جاء أقل مما توقعه المراقبون والمؤسسات المالية التي كانت تتحدث عن 450 مليار ريال في عجز الموازنة الحالية، وبرغم أن 365 أعلى من العجز الذي توقعته الحكومة إلا أنه يأتي أقل مما توقعه المراقبون على أساس انخفاض الدخل بشكل كبير وازدياد النفقات، لكن هذا يؤكد على أن هنالك ضبطا أكثر فيما يتعلق بالنفقات.
وأضاف: "لو عدنا للنفقات لوجدنا أن 974 مليارا تعتبر قريبة مما كان متوقع مطلع 2015، وهو 860 مليار ريال، وهذا يعني أن ما تم إضافته للنفقات هو 120 مليارا، وهو يوازي ما قدم كمكافأة للموظفين والموظفات مطلع العام الحالي".
وقال البوعينين: إن ميزانية العام الجديد 2016، تركزت على الإنفاق العام، حيث تم اعتماد 840 للإنفاق، وهي بذلك تمضي قدماً في تنشيط الاقتصاد السعودي لتحقيق نموه واستكمال تطوير البنية التحتية، باعتبار أن الحكومة المحرك الأساسي للاقتصاد، وبالتالي فإن التزامها بإنفاق هذا المبلغ يعني التزامها بدعم الاقتصاد وفق ما أكده خادم الحرمين.
وأضاف:" الإيرادات البالغة 513 تشير إلى أن العجز المتوقع في 2016 سيكون 327 مليار ريال، وأعتقد أنه وبالرغم من أن 327 رقمٌ ليس بالقليل، ولكن يمكن تفادي قلته من خلال السحب من الاحتياطات المالية وبالتالي يمكن تغطية هذا العجز مستقبلاً".
وبين البوعينين أن إصرار الحكومة على هذا الإنفاق بهذا الشكل هو جزء من توجهها لدعم الاقتصاد والعمل على إصلاحاتها الهيكلية، التي تعتمد في الأساس على دعم القطاع الخاص وجعله المحرك للاقتصاد، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال استمرارية الإنفاق.
وقال:" أشار الملك في خطابه إلى أن الميزانية تأتي مع تراجع النمو الاقتصادي العالمي، وبرغم ذلك المملكة تصر على إنفاق 840 مليار ريال في العام الجديد، كما أن في خطابه إشارة إلى برنامج التحول الوطني وإعادة الهيكلة الاقتصادية، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل ومشاركة القطاع الخاص، تأكيداً لكونهما المحور الأساسي لما تهدف إليه الحكومة مستقبلاً، مما سيساعد على تنافسية قطاع الأعمال".
وأضاف البوعينين: "كما أن إصرار خادم الحرمين على تحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة في مناطق المملكة وتعزيز عمل الجهات الرقابية بما يحفظ المال العام ومحاسبة المقصرين يحقق كفاءة الإنفاق، التي لا يمكن تحقيقها إلا بتشديد الرقابة والمحاسبة"، مبيناً أن الأرقام التي أعلنت اليوم جاءت متفائلة وربما تنعكس إيجاباً على السوق السعودي بشكل عام.
من جهته أكد المحلل الاقتصادي والأستاذ في جامعة الملك فيصل الدكتور محمد بن دليم القحطاني لـ "العين" أن هذه الميزانية جاءت مخيبة للتوقعات، التي تحدثت عن عجز يفوق الـ400 مليار ريال، وهذا دليل واضح على متانة الاقتصاد السعودي.
وقال: "هناك مخاوف اعترت السعوديين قبل إعلان الميزانية بأن تشهد انكماشا كبيرا للنفقات بسبب هذا العجز وتعطل الكثير من المشروعات، إلا أن إعلان رفع النفقات أعطى ويعطي الثقة للمستثمرين المحليين والخارجيين والمواطنين بأن الاقتصاد السعودي ثابت ويعرف كيف يتعامل مع الأزمات ويتجاوب مع المتغيرات والظروف، فإن خادم الحرمين الشريفين وضع نصب عينيه استمرار التنمية وانسيابية عجلة التنمية الاقتصادية".