الصحفيون الفلسطينيون تعرضوا لانتهاكات إسرائيلية كباقي شعبهم المحاصر، غير أنها كانت أشد لمنعهم من نقل الحقيقة وممارسة عملهم
لليوم السابع والثلاثين على التوالي يخوض الصحفي محمد القيق المعتقل لدى الاحتلال الإسرائيلي "إضرابًا مفتوحًا عن الطعام"، رفضًا لاعتقاله بحجة ممارسته "التحريض" في عمله الإعلامي.
القيق هو واحد من 17 صحفيًّا فلسطينيًّا يرزحون في سجون الاحتلال منذ فترة طويلة، يدفعون حريتهم ضريبة عملهم الإعلامي وسعيهم لتسليط الضوء على معاناة شعبهم.
وقالت الصحفية فيحاء شلش زوجة الصحفي محمد القيق لبوابة "العين": "الاحتلال اعتقل زوجي في الحادي والعشرين من شهر نوفمبر من منزلنا في مدينة رام الله، ووجهت له مخابرات الاحتلال تهمة غريبة جدًا".
وتابعت شلش: "لقد وجهوا له تهمة التحريض الإعلامي في انتفاضة القدس"، وتابعت: "الاحتلال مفلس.. ولا يملك ما يدين فيه زوجي.. لذلك حولوه للاعتقال الإداري".
انتهاكات متعددة
والاعتقال أحد أشكال الانتهاكات المتعددة التي يتعرض لها الصحفيون على أيدي الاحتلال الإسرائيلي.
وسجل العام الجاري (574) اعتداء إسرائيليا على الصحفيين الفلسطينيين ومؤسساتهم العاملة في الأراضي الفلسطينية، حسب تقرير لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية.
وأشارت شلش إلى حجم المعاناة التي يكابدها الصحفي الفلسطيني خلال أداء رسالته الإعلامية "الصحفي الفلسطيني يعمل وسط مخاطر دائمة.. إذ الاحتلال لا يتورع عن استهدافنا بشكل متعمد لمنعنا من نقل حقيقة جرائمه ضد شعبنا للعالم".
قرار انتقامي
الوزير عيسى قراقع -رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين- أكد أن قرار الاعتقال الإداري -لمدة أربعة أشهر- بحق القيق هو قرار "انتقامي تعسفي"، وبأوامر من جهاز المخابرات الإسرائيلية التي هددت القيق بزجه في الاعتقال الإداري سنوات طويلة بعد أن فشلت في انتزاع اعترافات منه خلال التحقيق معه في معتقل الجلمة.
وشهد عام 2015 أكثر من (85) حالة اعتقال واحتجاز وتمديد اعتقال واستدعاء وتحقيق بينهم صحفي أجنبي، و(10) صحفيات تم خلالها إبعاد اثنتين عن مدينة القدس، واستخدام 4 منهن كدروع بشرية، جرى إطلاق سراحهن فيما بعد، فيما لا يزال 17 صحفيًّا يرزحون في سجون الاحتلال.
الاعتقال الإداري
وحسب الصحفي أمين أبو وردة فإن الاحتلال اعتقله في الرابع عشر من شهر إبريل الماضي "بسبب برنامجه الإذاعي المخصص لنقل صوت الأسرى للعالم الخارجي".
وقال أبو وردة -الذي أخلي سبيله قبل حوالي شهر، لبوابة "العين"-: "أي نشاط من قبل أي مؤسسة أو شخص إعلامي يساند الأسرى يكون هدفًا مستباحًا لمخابرات الاحتلال، والاعتقال الإداري يكون بالمرصاد؛ كونه يمكن مخابرات الاحتلال من احتجاز أي شخص لفترة طويلة دون تهمة تحت بند "الملف السري".
شهيدان وجرحى
ولم تقتصر اعتداءات الاحتلال على اعتقال الصحفيين فحسب، فقد شملت استهدافهم بالرصاص الحي ما أدى الى استشهاد اثنين منهم في 2015، هما أحمد جحاجحة (23 عاما) من القدس المحتلة، وأحمد الهرباوي من قطاع غزة، وإصابة 190 آخرين بينهم ثلاثة صحفيين أجانب، ومنع من السفر، ومنع من التغطية، وإغلاق مؤسسات إعلامية.
ووفق اتحاد الإذاعات والتلفزيونات، فقد تعمدت سلطات الاحتلال خلال 2015 استخدام القوة المباشرة والمفرطة لقمع حرية العمل الإعلامي في الأراضي الفلسطينية واستهداف الصحافيين ووسائل الإعلام من أجل إقصائهم وإبعادهم عن الميدان ومنع عمليات التغطية؛ خاصة تغطية أحداث انتفاضة القدس، ما جعل الصحافيين يدفعون أثمانًا باهظة للتمكن من الاستمرار في القيام بأعمالهم المهنية ونقل الحقيقة.
تصاعد الانتهاكات في الانتفاضة
ورصد التقرير السنوي للاتحاد (574) انتهاكًا قامت بها سلطات الاحتلال خلال العام.
وسجل شهر أكتوبر الماضي -الذي شهد بدايته اندلاع انتفاضة القدس الحالية- أعنف أشهر السنة في استهداف الصحفيين؛ حيث سجل (159) انتهاكًا، تعددت بين استهداف الصحفيين وتعرضهم للإصابة المباشرة، والاعتداء عليهم بالضرب والتهديد، واعتقالهم واحتجازهم وتمديد اعتقالهم، ومداهمة منازلهم ومصادرة أدواتهم الصحفية، ومنعهم من تصوير وتغطية الفعاليات والمسيرات من جانب واستخدامهم كدروع بشرية، وحرمانهم من السفر من جانب آخر، وإبعاد عن مدينة القدس المحتلة، وإغلاق مؤسسات إعلامية.
وأشار التقرير إلى تعرض (144) صحفيا للضرب ومحاولات الدهس، و(81) صحفيا تعرضت منازلهم ومكاتبهم للدهم والتفتيش ومصادرة أدوات عملهم الإعلامية، كما تم منع (37) من السفر عبر المعابر التي تسيطر عليها قوات الاحتلال في الضفة وغزة، إضافةً إلى تعرض (21) مؤسسة إعلامية لإغلاق أو تهديد بالإغلاق.
عام أسود
ووصف نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين تحسين الأسطل "عام 2015 بأنه العام الأسوأ على الصحفيين الفلسطينيين من حيث عدد الانتهاكات التي استهدفتهم"، وأضاف "يجوز لنا أن نطلق عليه العام الأسود على الصحفيين".
وأشار الأسطل إلى أن انتهاكات الاحتلال التي طالت الصحفيين في 2015 كانت الأعلى بعددها (579)، إذ مقارنة بالسنة السابقة (2014) فإنه سجل (351) انتهاكًا بينها (17) حالة قتل للصحفيين على أيدي الاحتلال.
وأكد نائب نقيب الصحفيين لبوابة "العين"، أن حجم الانتهاكات "مفزع جدًّا" ويستدعي وقفة حقيقية من المنظمات الصحفية الإقليمية والدولية لمحاسبة مسؤولي الاحتلال على جرائمهم بحق الصحفيين.
تخليد الصحفيين
ولتخليد الصحفيين دشن المكتب الإعلام الحكومي بغزة، صباح الأربعاء طابعًا بريديًا خاصًا بالصحفيين ضمن فعالياتها لإحياء يوم الوفاء للصحفي الفلسطيني
وقال مدير عام المكتب سلامة معروف في مؤتمر صحفي: إن هذا الطابع البريدي هو الأول في التاريخ الفلسطيني الذي يختص بمناسبة إعلامية بيوم الوفاء للصحفي الفلسطيني.
وأضاف معروف، أن البريد يصدر في 6 أنواع بريدية لتنضم إلى مصفوفة الإصدارات البريدية الفلسطينية، تخليدًا من المكتب الإعلامي الحكومي لجهود الصحفيين تجاه القضية الفلسطينية.
وأوضح معروف، أنه منذ صدور الطابع البريدي الأول عام 1840م وحتى هذه اللحظة لم يصدر في سياق التاريخ الفلسطيني أي طابع بريدي يختص بمناسبة إعلامية.