من الصعب جداً حصر إرادة دبي في مقال أو حتى كتاب، نحن هنا فقط، لندخل مع دبي سنة 2016 خلف عبقرية وراءها قادة ينظرون للأمام
ولدتْ من رحم اللا شيء، ولدتْ من عبقرية راشد بن سعيد آل مكتوم قائدها في رحلة العدم والريادة لتصبح حينها من أهم مدن المنطقة وجسرها التجاري بين الشرق والغرب !ليأتي بعدها فارسها سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ليكمل مشوار المدينة الحالمة، بفلسفة الإبداع والرهان على المستقبل والإصرار واللا مستحيل .
لتضرب دبي موعداً مع الإبهار وجرأة القرار، حتى أصبحت بفضل الله وحنكت سموه المدينة التي لا تنام كلما أنجزت مشروعاً شرعت في الثاني، بعيداً عن ضجيج المتشائمين، فهنا القيادة تعمل ولا تتكلم، تنتج وتنجز دون ضوضاء الفلسفة، فالقادم إليها سينبهر منذ أن يحط في مطارها أكبر المطارات الدولية في العالم، ليجد نفسه في مدينة همها الأول بناء الإنسان ونشر الأمن فيها ممزوجا بالعدل، وإنشاء مجتمع عصري بمرافق تتعدى أعلى المقاييس الدولية، لتبني للطب مدينة، وللإعلام مدينة تستقر فيها أقوى المحطات العربية والعالمية، وفيها لعقل الإنسان والتكنولوجيا أيضاً مدينة، وها هي تستحوذ على أعلى نسبة إشغال للفنادق، بنمو يفوق المعدلات السياحية في مدن العالم، وصارت مركزا تجاريا ومالياً تستقطب أكبر الشركات والمستثمرين في العالم.
قدمت دبي في آخر يوم من سنة 2015 درساً جديداً للعالم هذه المرة في كيفية التعامل وإدارة الأزمات والكوارث، ففي ذروة استعداداتها لاحتفاليتها المشهورة والمعهودة بالعام الجديد، ضرب حريق ضخم أحد أهم مرافقها فندق العنوان في "داون تاون دبي" والذي يتوسط مكان الاحتفال الرئيسي الذي ينتظره بشغف الملايين في الإمارات وحول العالم، نجحت دبي ممثلة في شرطة دبي والدفاع المدني والإسعاف وبشكل ملفت بالسيطرة على الحريق الكبير وإخلاء نزلاء الفندق والملايين حوله، في زمن قياسي دون حوادث كبيرة تذكر بتعامل احترافي يليق باسم سيدة مدن العالم دبي، فهي مدينة الأمن والأمل والنور في منطقة وعالم يضج بظلام الحروب والقتل! لثبتت للعالم قوة استعداداتها لكل طارئ فالحوادث العرضية تحدث لكن السر في كيفية التعامل معها والسيطرة عليها وتقليل الأضرار .
ولأنها دبي المدينة المختلفة التي لا يليق بها وجه المآسي والحزن، ولا تلتفت قيادتها وسكانها للمتشائمين والذين يحاولون النيل من نجاحاتها، أبت إلا أن تواصل رسم السعادة والاحتفال، وعلى بعد أمتار بسيطة من الحادث وبعد ساعات فقط، تفجرت أنوار الفرح والأمل في سماء دبي ابتداء من برج خليفة وحتى منطقة المرسى مروراً بالمعلم الرائع برج العرب، لترسم لوحة فنية احتفالية رائعة على طول 23 كيلو متر من شواطئها الساحرة، والأهم من ذلك وما لفت الانتباه في خضم هذه الحادثة الابتسامة التي لم تفارق محيا سكان وزوار المدينة، الابتسامة التي تدل على الثقة المطلقة والأمل المطلق في دبي ومؤسساتها !
دبي مدينة تتجسد في فكر قائدها وربانها "بوراشد" حفظه الله، الفكر الذي يقدم العقل على العاطفة، في خلق بيئة يتنافس فيها المتنافسون، بعزيمة قوية في مواجهة كل تحدٍّ حتى أصبح الروتين عدوها، والمستحيل خصمها فهزمتهم، وأخذت من الدنيا نصيبها بعيد عن تهميش الدين، ورزقها الله بقيادة أرست المساواة والعدل في المجتمع والصدق منهجاً للحياة والأمن أولوية، وقدرة حكيمة على النظر أبعد مما يراه الآخرون .
من الصعب جداً حصر إرادة دبي في مقال أو حتى كتاب، نحن هنا فقط، لندخل مع دبي سنة 2016 بعزيمة جديدة معهودة لنقفز معها من نجاح إلى نجاح خلف عبقرية وراءها قادة ينظرون للأمام قرروا أن يقللوا الكلام ويكثروا العمل خدمة للوطن والإنسان، وأن تكون دبي ملاذا لكل مبدع وخلاّقْ، وليحتضنوا العِلم ويرعوا المعرفة، دبي بحد ذاتها رسالة لمن يهمه الأمر، لمن يهمه شعبة ووطنه ومن يريد التطوير والتحديث ومن في قلبة ذرة أمل، أن لا مستحيل في العمل والمثابرة والصدق.
وأخيراً كل عام وأنتم "دبي" !
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة