بالمناسبة، الفاسدون الذي تم توقيفهم أو محاكمتهم، حتى الآن، هم فاسدون فعلا، لكنهم ضحايا صراع مراكز قوى.
"بكفينا نعمة الأمن والأمان "... هذه العبارة هلكونا فيها في وطني الصغير، لكأن دول العالم الأخرى يتقاتل فيها الناس في الشوارع بلا حسيب ولا رقيب، ويحملوننا جمايل لأنهم يحمون أنفسهم ويبالغون في الحماية حتى صارت لدينا أجهزة متداخلة ومتباينة ومتمايزة، ولم نعد نفرق بين المسؤول عن حمايتنا والمسؤول عن سمطنا وفنعنا ولهدنا.
المهم، ينسون أن نعمة الأمن والأمان لا يتمتع بها فقط المواطن الأردني العادي البسيط الذي لا يملك شيئا من متاع الدنيا عدا الأمن والأمان، كما لا يتمتع بها فقط الموظف البسيط ولا يتمتع بها فقط الرجوازي الصغير أو صاحب المتجر والسوبر ماركت، ولا يتمتع بها فقط بائع بسطة البطيخ والكندرجي المتجول وصبيان قهوة بن العميد في الشوارع.
أيضا يتمتع بالأمن والأمان في هذا الوطن الغالي، الفاسد والمرتشي واللص والمعتدي على كافة نصوص الدستور والقانون العام والأنظمة والتعليمات، والذي يهتك كل يوم عرض الدولة المدنية ويحولها إلى بنية قبلية قبل جاهلية، تعتمد على الغزو والسلب والنهب قبل الآخرين، حيث تكون الفروسية هي مرمغة وجوه المواطنين الآخرين بالتراب والحلول مكانهم في الوظائف، والاستدانة باسمهم والسرقة باسمهم.
أيضا يتمتع بالأمن والأمان الفاسد الذي يسرق البلد، سواء عن طريق بيع أصول الوطن عن بكرة أبيها وأمها وبنات عمها، أو ابتكار الشركات الوهمية وبيع أسهمها للمواطنين، ثم سرقتهم عينك عينك، ويظل هذا الفاسد يتمتع بالأمن والأمان، لا بل يفرض الأمن والأمان على الناس أجمعين.. ويحمّلهم جمايل كمان!!.
بالمناسبة، الفاسدون الذي تم توقيفهم أو محاكمتهم، حتى الآن، هم فاسدون فعلا، لكنهم ضحايا صراع مراكز قوى، وما هم إلا بيادق في لعبة شطرنج الفاسدين الكبرى، يضحي بهم اللاعبون الكبار خلال اللعبة للوصول إلى مراكز أكثر تقدما على الرقعة... رقعة شطرنج الفاسدين.
اشتكت امرأة للوزير وقالت بأن جنوده دخلوا وهي نائمة وسرقوا شياهها، فقال لها الوالي:
- كان عليك أن تسهري حتى لا تسرق شياهك.
فقالت المرأة للوالي :
- كنت أظن أنك سهران علينا، فنمت آمنة مطمئنة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة