دعت شخصيات دينية فلسطينية إلى تدخل دولي لوقف تصاعد اعتداءات اليمين الإسرائيلي التي تطال المقدسات الدينية في مختلف الأراضي الفلسطينية
دعت شخصيات دينية وسياسية فلسطينية إلى تدخل دولي حقيقي لوقف تصاعد اعتداءات اليمين الإسرائيلي المتطرف التي تطال المقدسات الإسلامية والمسيحية في مختلف الأراضي الفلسطينية، وأبدوا استغرابهم من محاكمة أفراد من المستوطنين أدينوا بقتل فلسطينيين، دون المساس بمرجعياتهم الدينية التي تواصل حملات التحريض ضد المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
آخر التهديدات التي طالت المقدسات أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مساء أمس، ضد رفع الأذان في مآذن المساجد المنتشرة داخل المدن الفلسطينية في إسرائيل، حيث أعلن أنه سيعمل على منع خروج الصوت إلى خارج المسجد، فيما قبله بساعات أطلق حاخام متطرف دعوةً لحرق الكنائس المنتشرة في مدينة القدس المحتلة.
مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، ندد بتهديدات نتنياهو للمساجد من خلال "التوعد بمعالجة الضجيج الصادر منها على حد هذا الزعم الباطل"، وقال حسين: إن تصريح نتنياهو "الذي يتماشى مع اقتراح أحزاب إسرائيلية، يدعو إلى تحديد استعمال سماعات المساجد بادعاء أنها تستعمل للتحريض على العنف والإرهاب".
وتابع حسين: "إن نداء (الله أكبر) الذي تصدح به مآذن المساجد هو شعار إيماني وتعبدي، وليس نداءً تحريضيًّا كما يظن الاحتلال، من خلال تفكيره الشاذ والعقيم، وتدخّله السافر في عبادات المسلمين".
خطة لطمس الهوية
وأشار إلى أن الدعوات للتعدي على حرية العبادة والمقدسات تأتي في إطار مسلسل العنجهية والعدوان الذي تنتهجه سلطات الاحتلال تجاه أصحاب الديانات السماوية الأخرى، والتحريض المتواصل ضد المساجد والكنائس، وفق خطة ممنهجة لطمس كل ما هو عربي في فلسطين واستبداله باليهودي، ضاربة بذلك عرض الحائط بالشرائع والأعراف والقوانين الدولية.
واعتبر عضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الأب مانويل مسلّم، ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وتوجيه التهديد للمسيحيين والمسلمين، دليلا على السياسة الإسرائيلية العنصرية ضد الأديان، وهدفها إشعال حرب دينية.
وقال مسلم: "إن الممارسات الإسرائيلية بحق المسلمين والمسيحيين وأماكنهم الدينية في فلسطين، تدل على عنصرية الاحتلال، ومحاولة خلق حرب دينية في المنطقة".
وحذر من محاولات إسرائيلية للقيام بتفجيرات داخل المساجد الإسلامية والكنائس المسيحية، وقال: "هناك مخاوف من قيام عصابات المستوطنين بتفجير أماكن عبادة إسلامية ومسيحية، لخلق "بلبة طائفية في فلسطين".
لم تتوقف منذ سنوات فتاوى كبار الحاخامات المتطرفين ضد الفلسطينيين بمسلميهم ومسيحييهم ، لكنها في الآونة الأخيرة بدأت تلقى تأثيرها بين المستوطنين، وتطال نتائجها الفلسطينيين مباشرة.
ويقف الحاخامات، بينتسى جوبشتاين رئيس منظمة "لاهافا" اليهودية اليمينية المتطرفة، وإسحاق غيزنبيرغ، مدير مدرسة "عود يوسيف حاي" في مستوطنة "يتسهار"، المقامة على أراضي مدينة نابلس شمال الضفة، و دوف ليئور، أحد أبرز المرجعيات الدينية لحزب "البيت اليهودي" المشارك في الائتلاف الحكومي، على رأس مجموعة كبيرة من المتطرفين المنتشرين بعشرات الآلاف في المستوطنات والمدن الإسرائيلية، يغذونهم بأفكار تلمودية متطرفة تحرض على قتل كل من هو غير يهودي.
ويعتبر عميرام بن أوليئيل (21 عامًا) المتهم الرئيس مع مستوطن قاصر (17 عامًا) بمهاجمة منزلين في قرية دوما جنوب مدينة نابلس في 31 تموز/ يوليو، وأضرما النار فيهما، وأسفر الحريق عن مقتل الطفل الرضيع علي الدوابشة (18 شهرا) ووالديه، فيما أصيب شقيقه أحمد، البالغ من العمر نحو 4 سنوات، بجراح بالغة لا يزال يتلقى العلاج على إثرها، من أبرز أتباع غيزنبيرغ الذي بارك عملية حرق عائلة دوابشة.
ووجهت النيابة العسكرية الإسرائيلية لعميرام بن أوليئيل تهمًا بارتكاب 3 جرائم قتل، ومحاولتي قتل وإحراق والتآمر لارتكاب جرائم على خلفية عنصرية، وكذلك وجهت للقاصر تهمًا بإحراق ممتلكات والتآمر لارتكاب جرائم على خلفية عنصرية.
دعم رسمي
ويقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية د. صالح النعامي: إن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية عن كل نتائج التطرف على الأرض، لأن جميع الحاخامات الذين أصدروا فتاوى تحث على قتل الفلسطينيين وتحتفي بإحراق عائلة دوابشة هم موظفو دولة يتقاضون رواتب جزيلة من حكومة الاحتلال.
وتابع النعامي: "كما أن هناك دعما سياسيا يحظى به الحاخامات من أصحاب فتاوى القتل"، مشيراً إلى المديح الذي كاله نتنياهو شخصيًّا للحاخام ليئور، ووصفه بأنه "الكتيبة التي تقود شعب إسرائيل"؛ ووافق كذلك على إلقاء كلمة في مؤتمر نظمه الحاخام غيزنبيرغ.
وبحسب النعامي فقد اشتهر غيزنبيرغ بفتاواه التي تحرض بشكل مباشر على قتل الفلسطينيين والفتك بهم، مشيراً إلى إصداره في مطلع العام 2013 ما يمكن اعتباره "المسوغ الفقهي" الذي عملت على أساسه مجموعات "شارة ثمن" الإرهابية اليهودية.
ونفذت تلك المجموعات عشرات الاعتداءات في المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، وأحرقت عدداً كبيراً من المساجد وثلاث كنائس في الضفة الغربية وداخل المدن الفلسطينية في أراضي الـ48.
وقال النعامي: إن دعم الحاخامات الذين يحثون على القتل لا يقتصر على إسرائيل، إنما تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دوراً رئيساً في ذلك، من خلال الإعفاءات الضريبية التي تقدمها لمنظمات يهودية أمريكية يرأسها حاخامات يدعون لتدمير المسجد الأقصى، ولمدارس دينية يديرها حاخامات يصدرون فتاوى تحث على قتل الفلسطينيين، ومن بينهم مدرسة غيزنبيرغ.
التطورات في شارع المستوطنين يهدد بانزلاق حقيقي نحو حرب دينية تكون شراراتها المقدسات الإسلامية والمسيحية التي تتعرض لاستهداف يومي، ليس بالتصريحات والفتاوى الإسرائيلية فحسب، وإنما بالتخطيط لتفجيرها وتدميرها من قبل مجموعات متطرفة من المستوطنين، تنشط في القدس المحتلة على مدار الساعة.
ويقول المحلل السياسي طلال عوكل: إنه يتوجب على المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية أن يفتح عيونه جيداً على ما يجري داخل الساحة السياسية الإسرائيلية قبل أن يتفاجأ الجميع، بحقيقة أن إسرائيل تمارس الإرهاب وتنزلق نحو درك العنصرية.
ودعا عوكل المعنيين إلى الانتباه لما يصدر من تحذيرات على ألسنة مسؤولين رسميين إسرائيليين، حيث إن "هذا يكفي للخروج باستنتاجات تدين النظام السياسي الإسرائيلي".
aXA6IDMuMTQ2LjIwNi4yNDYg جزيرة ام اند امز