يعاني أسرى قطاع غزة في السجون الإسرائيلية من شتاء بالغ القسوة؛ إذ يمنع عنهم الاحتلال الأغطية والملابس الثقيلة رغم البرد القارس
عادت أم الأسير الفلسطيني باسل عريف، مصدومة من رحلتها الشاقة لسجن "ريمون"، فهذه المرة لم يكن حال ابنها الأسير باسل "على ما يرام"، سألته " ما بك؟"، فقال "يا أمي.. لقد أخرجوني والأسرى مرتين من الغرف للعدّ في العراء".
رحلة أم باسل في طريق زيارة ابنها في سجن ريمون الاسرائيلي الواقع في صحراء النقب "تستدعي خروجها فجر يوم الاثنين لتقلّها حافلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر من غزة مروراً بمعبر إيريز/ بيت حانون الاسرائيلي شمال القطاع للوصول إلى السجن ظهراً".
"كان الطقس شديدة البرودة فجر أمس الاثنين والطريق موحِش من غزة إلى صحراء النقب، إلا أن هذا التعب والإرهاب والصقيع والأمطار لا تساوي ثانية اعتقال واحدة في سجون الاحتلال"، كما تقول السيدة الخمسينية.
ولا يزور ابنها سواها من بين أفراد عائلتها "إذ شروط زيارة المعتقل لا تنطبق إلا على الوالدين والزوجة والأبناء تحت سن 16 عاما، وتقول "ابني ليس له إلا أنا ووالده لكن قوات الاحتلال تمنع زوجي من زيارة باسل بحجة الأسباب الأمنية".
وأمضى باسل 15 عاماً في سجون الاحتلال منذ اعتقاله في العام 2002 في مدينة رام الله، ويقضي حكماً بالسجن المؤبد مرتين و52 عاماً أخرى لضلوعه في تنفيذ عمليات فدائية ضد قوات الاحتلال.
ويقبع حوالي سبعة آلاف أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من بينهم حوالي 350 أسيرا ينحدرون من قطاع غزة، وتمنع سلطات الاحتلال إدخال الملابس والأغطية الشتوية لهم.
وتقول أم باسل، إن مصلحة إدارة السجون الإسرائيلية (الجهة المشرفة على السجون) تمنع الأهالي أو المؤسسات من إدخال ملابس وأغطية أسرى قطاع غزة الشتوية منذ نحو ثماني سنوات.
وتؤكد الأم الفلسطينية "أن ابنها ومثله المئات من أسرى غزة يعيشون في فصل الشتاء في ظروف لا تتوفر فيها مراعاة أدنى الحقوق الإنسانية".
وتتابع " لا يستطيع المرء وهو يرتدي كل الملابس الثقيلة ويشعل التدفئة في منازل محكمة الإغلاق تحمُّل البرد القارس.. فكيف بالأسرى وهم محرمون من ملابس الشتاء وأغطيته ولا تتوفر لهم أي تدفئة في غرف السجن السيئة".
ولا يتمكن أهالي الأسرى من معانقة أبنائهم أو حتى مصافحتهم باليد؛ إذ الزيارة تكون في غرفة يفصل الزجاج فيها بين الأسير وزواره، وتكون الرؤية عبر الزجاج والكلام يكون من سماعتين واحدة عند الأسير والأخرى عند زائره.
زيارة باسل لم تتعد 40 دقيقة، تخللها تشويش لأكثر من عشر دقائق في سماعات الاتصال، قبل أن يعلن السجان بفظاظته المعتادة "انتهاء الزيارة" لتصل أم باسل منزلها غربي غزة في السادسة من مساء الاثنين.
ذكريات مؤلمة
ذكريات زيارة الأبناء في السجون "ليس كأي ذكريات.. إنها ذكريات تطفح بالألم والمعاناة والقهر للأسير ولأهله" كما قالت أم باسل.
وتضيف السيدة الخمسينية "تغادر وتترك فلذة كبدك وراءك ينهش جسده النحيل البرد والصقيع أي ذكريات سأحملها عن تلك التجربة".
ولم تفلح جهود المؤسسات الدولية والمحلية، خصوصاً اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إقناع سلطات الاحتلال بالسماح بإدخال الملابس والأغطية الشتوية لأسرى غزة في السجون.
وقال جمال فروانة رئيس منظمة أنصار الأسرى لـ"بوابة العين": إن جهود المنظمات الحقوقية الدولية والإسرائيلية، لم تنجح في إرغام سلطات الاحتلال على إدخال ملابس لأسرى قطاع غزة المعتقلين في السجون الصحراوية.
ووصف فروانة السجون الإسرائيلية المنتشرة في صحراء النقب بأنها بمثابة "ثلاجات" تقل فيها درجات الحرارة في ساعات الليل عن الصفر مئوية.
وأشار أن أمراضاً عدة تصيب الأسرى خلال فصل الشتاء بسبب الصقيع والبرد، لافتاً إلى أن الإهمال متعمد من إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى.
وقال إن "اعتلال صحتهم في الشتاء يزيد من معاناتهم ومن قلق ذويهم أيضاً".
وبحسب هيئة شؤون الأسرى، فإن مئات الأسرى عانوا البرد القارس خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب الأحوال الجوية الباردة، وممارسات الاحتلال التي تمنعهم من إدخال الملابس والأغطية ومصادرة أدوات التدفئة، واحتجازهم في غرف وأقسام تفيض بالرطوبة والبرودة.
وقالت الهيئة في بيان لها، إن معاناة الأسرى تزداد كلما ازدادت برودة الطقس أو تساقطت الثلوج والأمطار، بينما تكون المعاناة أشد لأولئك الذين يعتقلون حديثا وينامون على الأرض بلا أغطية أو حتى فراش بسيط.
aXA6IDMuMTQ1LjExMC45OSA= جزيرة ام اند امز