"رافا" ضحية قسوته الخططية
المهمة الأولى لزيدان في الريال هي تحرير لاعبيه من الخطط الفنية الصارمة التي ألزمهم بها رافاييل بينيتيز.
جدل كبير بين خبراء كرة القدم حول ما يمكن أن يقدمه مدرب حديث العهد بالمهنة مثل الفرنسي زين الدين زيدان لفريق عريق مثل ريال مدريد.
ورغم الاتفاق على مبدأ أن تاريخ زيدان كلاعب لا يشفع له النجاح كمدرب، خاصة أن تجربته القصيرة مع الفريق الثاني للريال (كاستيا) لا يمكن وصفها بالناجحة، بينما لا يمكن الحكم على تجربته كمساعد لأنشيلوتي في تدريب الفريق الأول، الموسم قبل الماضي؛ لأنه كان مجرد منفذ لأفكار المدير الفني الإيطالي.
أجزم بأن المهمة الأولى لزيدان في الريال هي تحرير لاعبيه من الخطط الفنية الصارمة التي ألزمهم بها المدير الفني الراحل رافاييل بينيتيز، وأن يترك العنان للنجوم الذين دفع النادي مئات الملايين لجلبهم، لكي يعبروا عن مهاراتهم الكروية الرفيعة فيما يمكن وصفه بالعودة إلى زمن تيلي سانتانا مدرب الفريق الذهبي للبرازيل في مونديال 1982، حينما كان السحرة لا يهتمون بالدفاع بدافع ثقتهم في إحراز 3 أهداف مقابل كل هدف يدخل مرماهم.
الأدلة على ذلك كثيرة؛ أبسطها أن نتائج الريال، رغم تذبذبها بشكل عام، إلا أنها لم تكن بالغة السوء للدرجة التي تدفع إدارة النادي لإقالته في نصف الموسم بهذا الشكل المهين، فهو في المركز الثالث متأخر عن أتلتيكو مدريد المتصدر بأربع نقاط، كما أن البديل ليس أفضل منه خططيًّا بالتأكيد.
لكن مشكلة رافاييل في قسوته الخططية التي قلبت النجوم عليه، ثم سهلت تخلي إدارة بيريز عنه؛ لأن فريق الكرة بالنسبة له ليس مجرد بطولات ونتائج، وإنما منتج سلعي تزداد قيمته كلما زاد إمتاعه.
أبرز أخطاء رافا محاولته العدل بين لاعبيه -من وجهة نظره- في الحمل البدني، بحيث يتشارك الـ11 لاعبًا في المهام الدفاعية المبكرة في منتصف ملعب المنافس، بدلًا مما كان يحدث في السابق من استنزاف بعض اللاعبين بدنيًّا في مهام دفاعية بطول الملعب لإعطاء فرصة التقاط الأنفاس للنجوم.
فلسفته التي تعتمد على الدور الدفاعي للأجنحة بالتحول عند فقدان للكرة بالدفاع من وسط الملعب والضغط على حامل الكرة لمنع المنافس من الحصول على فرصة بناء هجمته بطريقة مثالية.
هذه الفلسفة كانت أول مسمار في نعش استمراره مديرًا فنيًّا للريال، خاصة عندما حاول أن يطبقها على نجمين لا يطيقان اللعب الدفاعي من الأصل وهما الدون رونالدو والكولومبي خاميس رودريجيز.
مقابل ذلك كان سلفه الإيطالي أنشيلوتي يعطي الحرية للأجنحة للتحرك إلى الأمام وبالعرض حسب مقتضيات المباراة، وهو الأمر الذي ساهم في تعزيز نجومية رونالدو وفعاليته الهجومية مقابل تراجع دور لاعب تكتيكي مهم مثل جاريث بيل الذي وجد نفسه في كثير من مباريات الموسم الماضي مجرد مساعد للدون.
وزاد بينيتيز الطين بلة بمطالبته كريم بنزيمة الضغط على مدافعي الفريق المنافس في مناطقهم الخلفية، وهو ما كان يهدر 90% من جهد وطاقة بنزيمة، ويؤثر بالتالي على فعاليته الهجومية.
المفارقة أن رافا عندما أبدى تساهلًا خططيًّا واستجاب للنداءات المطالبة بالاعتماد على النجوم في مباراته أمام برشلونة، كانت النتيجة كارثية حينما خسر برباعية نظيفة على أرض ملعب البرنابيو، وظهر النجوم أمثال رودريجيز وبيل وكروس ومودريتش مجرد أشباح للاعبين المجتهدين الذين "باعهم" رافا مثل إيسكو وكاسيميرو وغيرهما.
هذه الأشياء مجرد نماذج تشرح أسباب سوء العلاقة بين رافا والنجوم، وسر تخلي إدارة الريال عنه بهذه البساطة.
أما لماذا راهن بيريز على زيدان صاحب الخبرة المعدومة؟ فالإجابة ببساطة أنه المدرب الوحيد تقريبًا الذي سيقبل نصائح بيريز الفنية، وأهمها إطلاق الحرية للنجوم ليبدعوا كيفما شاؤوا دون الالتزام بالمهام الدفاعية، ودون التقيد بخطط فنية معقدة وصارمة.
aXA6IDMuMTcuMTc5LjEzMiA= جزيرة ام اند امز