أعلنت المجر إغلاق باب الهجرة غير الشرعية اليها، بعد أن تحولت الى بوابة أوروبا لآلاف المهاجرين بعد عبورهم تركيا واليونان
أعلنت المجر إغلاق باب الهجرة غير الشرعية اليها، بعد أن تحولت الى بوابة أوروبا لآلاف المهاجرين بعد عبورهم تركيا
واليونان والبلقان، بحثا عن مأوى وحياة أفضل. فقررت طرد المهاجرين الذين أطلقت عليهم تعبير »المهاجرين الاقتصاديين«، وبناء جدار على إمتداد 110 أميال عند حدودها مع الصرب. فى نفس الوقت الذى بدأت فيه دول أوروبية عديدة مثل إيطاليا وفرنسا والتى تستقبل المهاجرين من أفريقيا عبر البحر المتوسط، تتخذ الإجراءات القانونية لمنع دخول المهاجرين اليها، وإعادتهم الى أوطانهم.
لقد أصبحت مشكلة اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من أكبر القضايا الدولية اليوم؛ فقد أصدرت وكالة غوث اللاجئين الدولية تقريرا يشير الى ان عدد اللاجئين ارتفع فى نهاية عام 2014 الى نحو 60 مليونا فى العالم، وهو أكبر عدد لاجئين فى عام واحد منذ أن بدأ الأحصاء.
قد يرى البعض أن أوروبا على حق فى إغلاق حدودها أمام المهاجرين غير الشرعيين، خاصة وأنهم جميعا من الفقراء الذين سوف ينقلون مشاكلهم الى داخل أوروبا، ويتسببون فى أزمات إجتماعية وإقتصادية، أوروبا فى غنى عنها. ولكن إن كانت الغالبية العظمى من اللاجئين والمهاجرين اليوم بسبب الحروب فإن المشكلة التى بدأت منذ الثمانينيات وتفاقمت بعد ذلك، تعود أصولها الى أسباب اقتصادية تسببت فيها سياسات الدول الشمالية وخاصة الاستعمارية السابقة تجاه العالم الجنوبى الفقير. وفى الحالتين، الحروب أو الأسباب الاقتصادية، فإن الغرب يتحمل العبء الأكبر من المسئولية. ففى الحالة الأولى بدأت الحروب الداخلية فى العالم منذ الحرب فى أفغانستان، ثم إعلان الولايات المتحدة حربها ضد الإرهاب بغزو العراق وتوالت الحروب فى الشرق الأوسط وتتدخل القوات الاطلنطية لإجراء تغييرات حاسمة فى النظم القائمة كما حدث فى ليبيا أيضا. وكذلك فى أفريقيا التى شهدت تأجج الحروب فيها بسبب ثرواتها الطبيعية، مطمع الغرب، والسبب فى المنافسة بين الشركات الكبرى عابرة القارات ومتعددة الجنسيات.
وبالنسبة للحالة الثانية، فإن الأسباب الاقتصادية تعود بعضها الى فترة الاستعمار لدول العالم الثالث خاصة فى افريقيا وشمال افريقيا حيث قام الاستعمار بقمع واستغلال ونهب ثروات مستعمراتهم. وبعد الاستقلال استمر الاستغلال ليخلق التفاوت الكبير بين الأغنياء فى الشمال والفقراء فى الجنوب، ليس بسبب »عدم كفاءة » الجنوب، بل بسبب ممارسات الشمال القمعية. ففى كتاب »الدول الأكثر فقرا« للكاتب فيجاى براشاد، أشار الكاتب الى معاناة الزراعة والمزارعين فى الدول الفقيرة فى أمريكا اللاتينية وافريقيا وأسيا حيث قامت »التكتلات الزراعية فى الولايات المتحدة وأوروبا باستبعاد صغار المنتجين، (المزارعون الحقيقيون) وحلت محلهم المزارع الصناعية التى تستخدم التقنيات عالية التطور.. فزاد إنتاج الغلات الزراعية ولكن انخفض التنوع فى الانتاج وفى عدد المزارعين«.
وفى قطاع الصناعة، فرض الشمال على الجنوب الفقير إقامة مناطق صناعية عالية التكنولوجيا لتصنيع منتجات التصدير، ولقد أدى ذلك الى إدخال آلات لتحل محل العمال، وبالتالى ارتفعت البطالة وساد »الشعور باليأس فى المناطق الريفية فى دول العالم الثالث« .. »ومن هنا بدأت تنطلق موجات الهجرة على نطاق واسع« داخلى من الريف الى الحضر او خارجى من دول العالم الثالث الى الشمال بحثا عن حياة أفضل ولقمة العيش.
ولمواجهة هذه المشكلة يجب على الغرب أولا ان يعترف بمسئوليته عنها، وثانيا أن يعيد النظر فى سياسته المتعالية تجاه العالم الفقير الغنى بثرواته الطبيعية، لسد الفجوة بين الفقراء والاغنياء. إن أراد أن يبقى الفقراء فى بلادهم يجب أن يجعل تلك البلاد أكثر آمانا وجاذبية.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة