وحدث ما كنا نخشى منه وتحدثنا عنه كثيرا من قبل، ففى ظل استغلال ائتلافات وتيارات للحديث باسم الدولة دون أن تجد من يثنيها عن هذه الأفعال
وحدث ما كنا نخشى منه وتحدثنا عنه كثيرا من قبل، ففى ظل استغلال ائتلافات وتيارات للحديث باسم الدولة دون أن تجد من يثنيها عن هذه الأفعال، تسللت قائمة انتخابية لمجلس النواب دون أى معايير واضحة، وكانت النتيجة هى استنساخ لمسار جماعة الإخوان المسلمين فى الانفراد بالحكم والهيمنة والتراجع عن تصريحاتها السابقة قبل الوصول للحكم من «مشاركة لا مغالبة» إلى «محاولة الهيمنة على كل المناصب والمواقع»، وها هى قائمة «فى حب مصر» تعيد نفس الأساليب من خلال التفكير أولا فى الاستحواذ على منصب رئيس المجلس والوكيل، إلى الاستحواذ على منصب الرئيس والوكيلين، والاستعداد للسطو على كل اللجان النوعية والمناصب تحت ستار «دعم الدولة».
وللأسف شاهد ملايين المصريين الجلسات الأولى لمجلس النواب بما حملته من ضحالة وعشوائية ورعونة، دون أن يدرك النواب أنهم فى مهمة تاريخية، والشعب يعتمد عليهم بشكل كبير فى تغيير كثير من مشكلات الواقع، وأن هناك مؤسسات دولية اقتصادية وسياسية وبرلمانية أصبحت تنظر باهتمام لتشكيل مجلس النواب من أجل استكمال عقود مشروعات واستثمارات وقروض تنتظر موافقة البرلمان، وأى تهاون من النواب وعدم إحساسهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم تضع مصر فى موقف حرج، وما قد يترتب عليه من خذل آمال وطموحات ملايين المصريين بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
ونتيجة ما سبق لم يندهش المتابعون لجلسات مجلس النواب بأنباء استقالة النائب المخضرم كمال أحمد – الذى زاملته خلال عضويتى السابقة بمجلس الشعب وأعرف معارضته لأى انعواج فى المسار السياسى - قبل العدول عنها ورفض المجلس الموافقة على الاستقالة، بعد شيوع الفوضى والهرج بشكل لم يحدث من قبل وحتى مع أغلبية الحزب الوطنى قبل 2011 وأكثرية الإخوان بعد 2011، وهى الاستقالة التى كانت ستسبب حرجا كبيرا لمجلس النواب الوليد.
وبالرغم من أن المشاهد العبثية التى تأتى لنا من مجلس النواب سببها تيارات وائتلافات وأحزاب تتبارى على حب الرئيس السيسى، بينما الحقيقة أن ما يحدث هو العكس، فالمجتمع استقبل الجلسات بسخرية، وهناك اتهامات تتزايد بشأن تدخل جهات فى الدولة لتشكيل المجلس بتركيبته الحالية، ومنهم من يرى أن هناك نواب معارضون لثورة 25 يناير يمثلون الشعب تحت قبة البرلمان، بالرغم من حديث الرئيس السيسى أكثر من مرة بأنه لا يجب الفصل بين 25 يناير و30 يونيو، ونصت ديباجة الدستور الجديد على الاعتراف بشرعيتهما، ولكن للأسف هناك من يستغل الأمور لصالحه، ويسعى لإلهاء المجتمع بمثل هذه القضايا الفرعية على حساب القضايا الأكثر أهمية.
وهناك من يرى أن مجلس النواب ولد بشكل عشوائى بالرغم من طيلة المدة التى استنفزها المجتمع للخروج بهذا المجلس للنور، إلا أن هناك من يرى أن من وضع البرلمان بتشكيلته الحالية «لئيم»، وهو ما يعنى إما أن هناك رغبة من الدولة فى ترك الساحة للتقاتل بين مجموعة أغلبها هواة ويحاولون إقصاء الأصوات الشريفة العاقلة والمخضرمة برلمانيا تحت القبة لتحقيق مصالحهم، وإما أن هناك اتجاها من الدولة للسيطرة على المجلس بطريقة ما، وفى كلا الحالتين الدولة مسؤولة عما يحدث فى مجلس النواب.
ومثلما أثلج الرئيس السيسى صدورنا بزيارة الكاتدرائية والحديث مع شعبه بتلقائية وهو ما رد عليه آلاف المواطنين بالترحيب والهتاف والتعبير عن الحب الكبير، عليه التدخل مع الجهات التى يقال عنها إنها تدخلت فى إعداد مجلس النواب وخروجه بهذا الشكل الذى لا يتناسب مع طموح المصريين، ومنع استحواذ ائتلاف بعينه على لجان البرلمان تحت ستار دعم الدولة تارة وحب الرئيس تارة أخرى، فحب الرئيس فى قلوب ملايين المصريين، ولا يريدون معه وسيطا، وأتمنى أن يوجه رئيسنا المحبوب رسالة ودية عفوية للنواب بمنع إثارة المواطنين بما يقومون به من سقطات تحت القبة، فمنع إذاعة جلسات مجلس النواب لن تخفى هذه السقطات، وإنما بتحمل كل عضو مسؤولية مقعده والدور التاريخى الذى يلعبه المجلس، ليس داخليا فقط وإنما إقليميا وإفريقيا ودوليا، حيث تشاء الأقدار أن يتم انتخاب مجلس النواب الحالى مع ذكرى 150 عاما على بدء الحياة النيابية فى مصر فهل يدرك هؤلاء أهمية ذلك؟!
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة المصري اليوم وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة