العيد الوطني الـ51 لعُمان.. إنجازات رائدة ونهضة متجددة

في مثل هذا التاريخ، يحتفل العُمانيون باليوم الوطني، متسلحين بالإرادة والعزيمة والثبات للمحافظة على مكتسبات ومنجزات نهضة بلادهم.
ويوافق الـ 18 من نوفمبر/تشرين الثاني، مولد سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد، لما شهدته البلاد في عهده من نهضة وتطور في مجالات شتى.
وبدأ الاحتفال بهذا اليوم، الذي تواكبه"العين الإخبارية" بسلسة تقارير هذا العام، قبل 51 عاما مع تولي السلطان قابوس الحكم في 1970.
وبعد توليه مقاليد الحكم في 11 يناير/كانون الثاني 2020، وجّه السلطان هيثم بن طارق باستمرار 18 نوفمبر يومًا وطنيًّا للنهضة تحتفل به السلطنة كل عام، في لفتة طيبة تعبِّر عن أصدق مواقف الوفاء والصدق وأنبل المشاعر تجاه السلطان الراحل.
وفيما يعد السلطان قابوس مؤسس نهضة عمان الحديثة، فإن خلفه هيثم بن طارق هو قائد مسيرة النهضة المتجددة، التي ظهرت ملامحها جلية في الإنجازات التاريخية التي حققتها البلاد على أكثر من صعيد.
إنجازات أبرزها المراسيم التاريخية التي أصدرها في يناير/كانون الثاني الماضي في الذكرى الأولى لاعتلائه العرش، والتي تضمنت مرسومين أحدهما يتعلقان بالنظام الأساسي للدولة والآخر بالسلطة التشريعية.
مرسومان وضع بموجبهما آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، واستحدث منصب ولي العهد لأول مرة في تاريخ البلاد.
كما حدد مهام واختصاصات البرلمان، إضافة إلى تغييرات أخرى شملت مختلف مناحي الحياة ومختلف الأجهزة والسلطات في السلطنة، ليدشن مرحلة جديدة يسطر فيها العمانيون مسيرة نهضتهم المتجددة نحو مستقبل واعد، بنظام حكم يمثل لهم صمام الأمان.
وتتجسد تلك النهضة المتجددة في رؤية "عُمان 2040"، التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان.
ويحتفي العمانيون بعيدهم الوطني الثاني في عهد السلطان هيثم بن طارق وقلوبهم تفيض بمشاعر الحب والامتنان والتقدير لسلطان البلاد، وهم يلامسون ويشهدون الإنجازات التنموية التي تحققها بلادهم على مختلف الأصعدة في مسيرة النهضة المتجددة.
دستور جديد
وما بين هذا وذاك، تبرز ملامح تلك المسيرة في إصدار دستور جديد للبلاد.
وشهد مطلع العام الجاري صدور النظام الأساسي للدولة وفقًا للمرسوم السلطاني رقم 6/ 2021 ليكون ركنًا أساسًا لمواصلة الجهود وصياغة مستقبل أفضل لعُمان والعمانيين، وقاعدة رصينة لنهضتهم المتجددة.
ويتضمن المرسوم القاضي بإصدار نظام أساسي جديد للدولة "وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، ووضع آلية تعيين ولي العهد وبيان مهامه واختصاصاته".
والنظام الأساسي للدولة يعد بمثابة دستور سلطنة عمان ويوفر الإطار القانوني لتطوير وتنفيذ كافة التشريعات والسياسات الحكومية.
أما فيما يتعلق بقانون مجلس عُمان فإنه يتضمن اختصاصات المجلس وشروط العضوية وجميع حقوق وواجبات الأعضاء إضافة إلى تنظيم كل ما يتعلق بشؤون المجلس.
وبهذين المرسومين يؤسس السلطان هيثم لمرحلة هامة جديدة في تاريخ سلطنة عمان.
رؤية 2040
وتضمن المرسومان تغييرات أخرى شملت مختلف مناحي الحياة والأجهزة والسلطات في السلطنة.
تغييرات ترتكز على الوضوح والصراحة والشفافية والمساءلة والمحاسبة والعدالة والحقوق والواجبات، بشكل يسهم في تسريع الخطى لتحقيق "رؤية عٌمان 2040" التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان.
وتحل ذكرى العيد الوطني الـ 51 في وقت تمضي فيه عمان قدما لتنفيذ الرؤية المستقبلية ”عُمان 2040″، التي انطلقت بداية من يناير الماضي، وستنفذ على مدى 4 خطط تنموية متتالية استهلتها السلطنة بانطلاق خطّة التّنمية الخمسيّة العاشرة (2021 ـ2025)، والتي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان.
وترتكز الخطة الخمسية العاشرة (2021 – 2025) على 4 محاور رئيسة تتفرع منها 14 أولويّة وطنيّة و88 هدفًا استراتيجيًّا و68 مؤشّرًا لقياس الأداء.
وتسعى الخطة الخمسية العاشرة إلى تحقيق عددٍ من الأهداف من بينها "تحفيز النّشاط الاقتصادي وتطوير بيئة الاقتصاد الكلّي ورفع كفاءة إدارة الماليّة العامّة وتحقيق التوازن بين إجراءات ضبط وترشيد الإنفاق العام خاصة الجاري منه.
وتتبنى سياسات ماليّة توسّعية منضبطة تحقّق معدّلات نموّ مستدامة وتطوير البنية الأساسيّة اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاص وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الاستراتيجيّة الكبرى ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وتستهدف جذب مزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر مع البناء على توقعات لأسعار النفط عند متوسط (48) دولارًا أمريكيًّا للبرميل خلال سنوات الخطة، وتدعيم مشاركة المحافظات في تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040.
وتركز الخطة على متوسط معدل نموّ سنويّ يقارب 3.2 بالمائة في الناتج المحلى للأنشطة غير النفطية من خلال التّركيز على قطاعات اقتصاديّة واعدة مثل الصّناعات التحويليّة ذات المحتوى التّكنولوجي المرتفع والزراعة والثروة السمكيّة والاستزراع السّمكي والتّصنيع الزّراعي والغذائي والنقل والتخزين واللّوجستيات.
مواجهة كورونا
على صعيد مواجهة فيروس كورونا، نجحت السلطنة في مواجهة التحديات الناتجة عن انتشار الفيروس على أكثر من صعيد، كان أبرزها توفير لقاحات معتمدة دوليًّا وفق حملة وطنية للتحصين.
كما اتخذت اللجنة العُليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، عدة قرارات ضمنت بشكل كبير سلامة المواطنين والمقيمين، الأمر الذي انعكس إيجابًا في التعامل مع الجائحة على مستوى سلطنة عُمان.
وأدت هذه القرارات والإجراءات المتخذة إلى تحسن مؤشرات الوضع الوبائي لفيروس كورونا في سلطنة عُمان من حيث تسجيل انخفاض كبير في حالات الوفيات ومعدلات الإصابات ونسبة الشفاء التي بلغت 98.5 % تساندها حملة وطنية للتطعيم شملت أغلب فئات المجتمع من مواطنين ومقيمين بنسبة 83 %.
الشباب والمرأة
وحرصا من السُّلطان هيثم بن طارق على الشباب وتوفير فرص عمل لهم ودعم أصحاب الأعمال العاملين لحسابهم الخاص، والحد من التأثيرات الناتجة عن انتشار جائحة كورونا ، تم إطلاق مجموعة جديدة من المبادرات التشغيليّة في شهر مايو/ آيار الماضي في إطار تنفيذ خطة توفير ما يزيد على (32) ألف فرصة عمل هذا العام.
كما ترأس السلطان هيثم اجتماع اللجنة الإشرافية للبرنامج الوطني للتشغيل في الـ 5 من يوليو/ تموز الماضي في دلالة عميقة أن هذا الملف يُعدّ من أهم الأولويات الوطنيّة.
وإيمانًا منه بأهمية إشراك الشباب في التنمية، حث السلطان هيثم بن طارق خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي "على أهمية إيجاد آليات وقنوات اتصال معهم لإيضاح الجهود المبذولة كافة لتلبية متطلبات مسيرة التنمية في مختلف القطاعات، والاستماع إلى تطلعاتهم واحتياجاتهم".
وفي إطار الاهتمام بالمرأة وحقوقها، أكد حرصه على أن تتمتع المرأة بحقوقها التي كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها وهو من "الثوابت الوطنية".
وترجمةً للأسس التي تتبنّاها سلطنة عُمان في مجال تمكين المرأة في شتّى المجالات التنمويّة وتحفيزًا لدورها في المجالات الرياضيّة والثقافيّة، أصدر ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب العماني في أكتوبر الماضي، قرارًا وزاريًّا بإشهارِ نادي المرأة العُمانيّة للرياضة والإبداع الثقافي .
إنشاء مدارس وجامعات
على صعيد الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي، تم تعديل مسمى وزارة التعليم العالي إلى وزارة التعليم والبحث العلمي والابتكار في أغسطس/آب من العام الماضي.
وفي الشهر نفسه، صدر مرسوم بإنشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بفروعها في محافظات سلطنة عُمان وصدر نظامها في يونيو/ حزيران الماضي .
وأقر مجلس الوزراء إنشاء فرع من الجامعة بمحافظة مسندم تضم عددًا من التخصصات في إطار الاهتمام بشأن تطوير المحافظة وتحقيق تنمية شاملة مستدامة.
كما تم إنشاء كلية الدقم في سبتمبر/أيلول الماضي ومقرها محافظة الوسطى في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تخضع للقوانين واللوائح والقرارات المنظمة للجامعات والكليات الخاصة المعمول بها في سلطنة عُمان.
وصدرت توجيهات ببناء 6 مدارس بتكلفة مالية تقديرية تبلغ حوالي 8 ملايين و850 ألف ريال عماني.
تلك المدارس والجامعات ستضاف إلى صروح العلم البالغ عددها 2430 مدرسة و11 جامعة حكومية وخاصة و18 كلية خاصة ستمكن أبناء وبنات سلطنة عُمان من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة.
الاهتمام بالبيئة
على صعيد الاهتمام بالبيئة، أصدر السُّلطان هيثم بن طارق مرسومًا سلطانيًّا في أغسطس/آب الماضي بإنشاء محمية خور خرفوت الأثري بمحافظة ظفار لتضاف إلى المحميات الأخرى المتنوعة في سلطنة عُمان ليصبح عددها 21 محمية .
كما صادقت السلطنة على عدد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة والتشريعات المنظمة على المستوى المحلي.
السياسة الخارجية
حافظت السلطنة في عهد السلطان هيثم على ثوابت سياستها الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، واحترام سيادة الدول وعلى التَّعاون الدولي في مختلف المجالات.
وواصلت مع أشقائها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية، الإسهام في دفع مسيرة التعاون، والنأي بالمنطقة عن الصراعات والخلافات، والعمل على تحقيق تكامل اقتصادي يخدم تطلعات الشعوب العربية.
كما ظهر سعي سلطنة عُمان الدؤوب إلى الإسهام في خدمة قضايا السلام من خلال عدد من القضايا مثل تأييدها التطورات الإيجابية التي نتجت عن قمة العُلا التي عُقدت بالمملكة العربية السعودية، والتي أسهمت في رأب الصدع الخليجي.
وتؤكد بشكل متواصل على عدالة القضية الفلسطينية ومطالبِ الشعب الفلسطيني.
كما تواصل مساعيها مع السعودية والمبعوثين الأممي والأمريكي الخاصين باليمن والأطراف اليمنية المعنية للتوصل إلى تسويةٍ سياسيةٍ شاملة للأزمةِ القائمة في اليمن، بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني، وإدانتها المستمرة للإرهاب بأشكاله كافة.
وأجرى السُّلطان هيثم بن طارق زيارة إلى السعودية في يوليو / تموز الماضي هي الأولى له خارجيا منذ توليه مقاليد الحكم، التقى خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
وقد تُوّجت الزيارة بتأسيس المجلس التنسيقي السعودي العماني وفتحت آفاقًا أرحب وأوسع بين البلدين الشقيقين للتعاون في مختلف المجالات وخاصة الاقتصادية.
مستقبل واعد
ورغم التحديات التي فرضها انخفاض أسعار النفط العالمية والآثار المترتبة جراء جائحة كورونا، فإن الإجراءات والخطوات الحكيمة التي أعلن عن تنفيذها السلطان هيثم على مدار أول عامين من حكمه، كانت كفيلة بتجاوز تلك الظروف ومواصلة مسيرة النهضة.
وأسهمت الإجراءات التي اتخذتها سلطنة عُمان في تعديل التصنيف الائتماني في عدد من الوكالات ومن بينها موديز، حيث عدلت نظرتها المستقبلية لسلطنة عُمان من سلبية إلى مستقرة في أكتوبر الماضي، مع التأكيد على التصنيف عند Ba3.
وعدلت وكالة ستاندر آند بورز نظرتها المستقبلية لسلطنة عُمان من مستقرة إلى إيجابية.
وتوقع صندوق النقد الدولي في سبتمبر/ أيلول الماضي تعافيَ الأنشطة الاقتصادية في سلطنة عُمان وتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بحوالي 2.5 بالمائة في هذا العام و4.2 بالمائة في عام 2023.