لو حمزة نمرة إخوان أو منتمٍ أو خلايا نائمة أو متعاطف، ما كان خرج على الإخوان بهذا التصريح
قطع الفنان حمزة نمرة الشك باليقين، وقال إنه ليس إخوانياً، بل إن عائلته من الأساس لم تكن لها أى مشاركة فى الحياة السياسية، لا مشاركات إخوانية ولا غير إخوانية، سواء الأبوان أو الأجداد.. هل هذا كافٍ ليعود صوته إلى الإذاعة المصرية؟
وزاد الأمر إيضاحاً فى لقائه مع الإعلامى التونسى «نوفل الورتانى»، ببرنامجه «لاباس»: «إنه تبنى مواقف مضادة لمواقف الإخوان أكثر من مرة، خاصة عند إصدار الرئيس الأسبق مرسى التعديلات الدستورية، مشدداً أنه عارضه بالرغم من أن الإخوان كانوا يؤيدونه».. هل هذا كافٍ ليكف مقيمو عرائض الاتهام؟
يزيدنا «حمزة» من الشعر بيتاً أنه يتبنى الموقف الذى يراه على حق بصرف النظر عن لأى طرف ينتمى هذا الرأى، وهو يعبر عن هذا بفنه. ويضعنا «نمرة» فى قلب المأساة، الاتهام بالإخوانية، يقول: «فكرة أنى إخوانى انتشرت لدرجة أنها أصبحت وكأنها حقيقة من كثرة تداولها، بالرغم من أنه لا صحة لها».
لو حمزة نمرة إخوان أو منتمٍ أو خلايا نائمة أو متعاطف، ما كان خرج على الإخوان بهذا التصريح، الإخوان هيقطعوه تقطيعاً، الفنان يتبرأ من الإخوانية، وينفى التهمة ليس عنه فحسب، بل عن العائلة حتى سابع جد، ناقص يحلف براس جده، هل هذا كافٍ لمحو هذا الالتباس، وعودة هذا الصوت ليغرد مصرياً؟
نمرة المصرى يغرد عربياً، وشارك فى احتفالات الثورة التونسية قبل أن تقلب باضطرابات، وحصد جماهيرية هائلة، لكنّ منعه مصرياً- ولو بقرار شفاهى- لا يحرمنا فقط من هذا الصوت الشادى، ولكن يرسم صورة غير حقيقية عن القاهرة التى تغلق أبوابها أمام أجمل أصواتها.. «نمرة» يستحق مكانة أفضل، وفرصة أرحب، ومكاناً لائقاً فى وطنه.
«أقولك إيه»، أغنية فُسّرت تفسيراً سياسياً، أثارت شكاً فى مواقفه، والتبس على البعض أنه متعاطف إخوانياً، وزاد المرجفون الطين بلة بوصفه إخوانياً، وبلغ الأمر حد منع أغانيه مصرياً، والتفكير فى شطبه نقابياً، لم ينظر من حاربوه إلى مجمل مواقفه، اتخذوا من أغنية «أقولك إيه» تكأة للنيل من وطنية المطرب الشاب، ولم يسمع أحد لدفاعاته، وضعوه فى خانة الاتهام، حَذَر الأخونة.
لا أطلب العفو عن «حمزة»، فهو ليس متهماً، ولكن أطلب الترفق فى الاتهام بالإخوانية، الذى بات يهدد مواهب، صعب أن يجود بها الزمان. «نمرة» بعد هذه التصريحات القاطعة يستحق أن يُرَد له اعتباره، وأن يدعى إلى الاحتفالات والمهرجانات الوطنية لأنه مصرى وطنى، ومن حق كل فنان أن يكون له موقفه السياسى، وأن يعبر عنه، ما لم يخن القضية الوطنية، الكنج محمد منير مثلاً يصرّح بكره عبدالناصر، هل هذا منع صوته، بل يصدح صوته بحب مصر، وينام ويصحو بمصر، ولم يكرهه الناصريون!
الحساب السياسى للفنان لا يكون أبداً على حساب الموهبة، على الأقل حمزة نمرة لم يغنّ على منصة رابعة، ولا اقترب من مرثيات الإخوان، وكون قنوات الإخوان تهتبل مقاطع من أغانيه، ظناً ووهماً أنها ضد الحكم فى مصر، ليس ذنبه، بل ذنب لصوص الإخوان فى القنوات الحرام.
عقاب حمزة نمرة لأن الإخوان يذيعون أغانيه عجيب، فلنذِع نحن أغانيه، نحن أولى من الإخوان بمطربنا المصرى الجميل، بهذا الصوت الشجى، وهناك من الأبيات الوطنية ما يصدح بها، وليختَر من الأبيات ما شاء وشاء له الهوى، وليتصالح مع جمهوره الذى جرى التشويش عليه بأغنية ترد فيهم الروح، وتزرع فيهم الأمل، وحمزة أهلٌ لهذه المهمة الوطنية، فليضطلع بها، ويجتهد أن يعود إلى قلب جمهوره مجددا، ويرفع هذه الغشاوة عن العيون، أن تسمعه الآذان يشدو بأحلى اسم فى الوجود.
يا حمزة، الرد بالتصريحات ليس كافياً، الرد فى «تونس» على ما أثير فى «القاهرة» لا يشفى، الرد بالغناء فى مصر، غنِّ يا حمزة، «غنى.. لسه الأغانى ممكنة»، وليمد المحبون أيديهم لإعادة «نمرة» إلى المسرح الذى غادره مشيعاً بلعنات الكارهين للإخوان المجرمين.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة المصري اليوم وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة