"العين الإخبارية" تكشف 6 معسكرات إيرانية لتجنيد الأطفال في سوريا
الحرس الثوري يخضع أطفالا من سوريا والعراق وأفغانستان وباكستان لتدريب مكثف قبل الزج بهم في ميادين المعارك في الساحتين اليمنية والسورية.
دروس عقائدية وتحريضية وتدريبات عسكرية تمثل أبرز ما يتلقاه أطفال سوريون في معسكرات الحرس الثوري الإيراني داخل الأراضي السورية الخاصة بتدريب الأطفال؛ وإعدادهم لخوض المعارك في سوريا واليمن ومناطق أخرى يخطط النظام الإيراني للتدخل فيها مستقبلا.
- المقابر الإيرانية.. شواهد تجنيد طهران الأطفال للقتال بسوريا
- تجنيد الأطفال.. جرائم الحوثيين لا تنتهي في اليمن
بعد نحو شهر من المحاولات والاتصالات، تمكنت "العين الإخبارية" من كشف 6 معسكرات أنشأتها مليشيا الحرس الثوري الإيراني في سوريا؛ الأول يقع في معسكر شيباني شمال غرب دمشق وتحرسه مليشيا حزب الله اللبنانية، ويوجد في المعسكر إلى جانب ضباط من النظام السوري ضباط ومستشارون من الحرس الثوري الايراني والمليشيات العراقية التابعة لإيران.
مواقع المعسكرات الإيرانية في سوريا
ويعد معسكر شيباني المعسكر الرئيسي الذي يتلقى فيه عدد كبير من الأطفال السوريين والفلسطينيين والأفغان والباكستانيين والعراقيين واليمنيين تدريبات عسكرية مكثفة، قبل الانتقال إلى جبهات القتال، وتشير المعلومات المتوافرة إلى انتقال العديد من هؤلاء الأطفال إلى اليمن لخوض المعارك إلى جانب مليشيا الحوثي الموالية لإيران.
المعسكر الثاني يقع في منطقة النيرب شرق محافظة إدلب، وهو معسكر مليشيا لواء القدس الفلسطيني التابع للحرس الثوري، ويقود هذا اللواء فلسطيني يُدعى محمد سعيد، تربطه علاقات شخصية مباشرة بقائد فيلق القدس الإرهابي قاسم سليماني، ويحتضن هذا المعسكر أطفالا فلسطينيين وسوريين.
المعسكر الثالث يقع في منطقة القصير جنوب محافظة حمص؛ حيث تتولى عناصر مليشيا حزب الله اللبنانية التابعة لإيران الإشراف على المعسكر وتدريب الأطفال به، ومن ثم نقلهم إلى جبهات القتال، بينما يقع المعسكر الرابع في مدينة الميادين جنوب شرق محافظة دير الزور، ويتولى ضباط سوريون من جيش النظام وضباط من الحرس الثوري الإيراني والمليشيات العراقية عمليات تدريب الأطفال عسكريا وعقائديا في المعسكر.
وتضم دير الزور أيضا المعسكر الخامس الذي ينقسم إلى 3 أفرع؛ يقع أحدها في حي الجورة والثاني في منطقة عين علي، والثالث في حي القصور.. أما المعسكر السادس الذي أنشئ في مارس/آذار الماضي فيقع في مدينة البوكمال المحاذية للحدود العراقية.
أشبال الخلافة الداعشية على الطريقة الإيرانية
أحمد، وهو صبي سوري لم يتجاوز بعد الـ12 عاما، من سكان مدينة الميادين، جُند خلال الأشهر الماضية في صفوف المليشيات ضمن كتائب الأطفال التابعة للحرس الثوري الايراني.
وقال أحمد لـ"العين الإخبارية": "جاء إلى منطقتنا رجل دين شيعي، وطلب منا نحن الأطفال الانتساب إلى المعسكرات، وأبلغنا بأنهم سيعطوننا رواتب تصل إلى 300 دولار ومساعدات غذائية، بالإضافة إلى إعفائنا من الخدمة العسكرية في الجيش السوري، وتزويج من يريد منا الزواج، وبالفعل زوّجوا صديقي محمد وأعطوه منزلا"، مبينا أنه رفض الزواج؛ لصغر سنه.
وتلقى أحمد خلال نحو 40 يوما تدريبات عسكرية مكثفة على استخدام الأسلحة الخفيفة وخوض الاشتباكات المباشرة، إلى جانب دروس عقائدية وتحريضية ضد دول الخليج العربي وجميع الدول المناهضة للنفوذ الإيراني في المنطقة والعالم، وهو ينتظر حاليا بدء مرحلة جديدة من التدريب العسكري ستتضمن صناعة المتفجرات، وتنفيذ عمليات الاغتيال والاختطاف وحرب المدن وخوض الاشتباكات المباشرة، استعدادا للمشاركة في المعارك.
وعلى شاكلة معسكرات أشبال الخلافة التي أنشأها تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق ومعسكرات طيور الجنة التي أنشأها تنظيم القاعدة في العراق، تدير مليشيا الحرس الثوري والمليشيات التابعة لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن هذه المعسكرات التي تخرج مليشيات من الأطفال تحت مسميات منها "أبناء الحسين" و"أبناء الزينبيات" و"أشبال الحسين"، التي تجمع مئات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و15، أما الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 فخصصت لهم معسكرات أخرى في المناطق نفسها، يتدربون فيها على استخدام الأسلحة الثقيلة وتفخيخ السيارات والطرق والمباني وخوض حرب المدن واحتجاز الرهائن.
أحمد ليس الطفل السوري الوحيد الذي جنده الحرس الثوري في صفوف مليشياته، فبحسب مصادر خاصة بـ"العين الإخبارية" تتراوح أعداد الأطفال في كل معسكر من المعسكرات الستة بين 600 و1000 طفل.
مازن صبي آخر، يبلغ عمره 16 عاما، أصبح مسلحا في صفوف المليشيات الإيرانية بعد تلقيه تدريبات في هذه المعسكرات، وأوضح مازن لـ"العين الإخبارية" أنه انتسب إلى فيلق القدس الإيراني، مؤكدا أنه يتلقى نحو 300 دولار شهريا.
يقول الصبي لـ"العين الإخبارية": "تلقيت دورة عسكرية لمدة 30 يوما ومن ثم أخذونا إلى جبهات القتال.. أبلغونا خلال التدريب بأن نكون جاهزين للذهاب إلى اليمن لنصرة الحوثي، وقال لنا مدربونا والمشرفون على المعسكر، وكانوا إيرانيين وعراقيين وسوريين، إن الإمام المهدي المنتظر يريدنا أن نكون جنوده في اليمن ويجب أن نلبي نداءه".
بينما يؤكد عمر، وهو صبي يبلغ عمره 15 عاما من سكان بلدة البوكمال المحاذية للحدود العراقية، وقد انخرط في معسكر الحرس الثوري الواقع في حدود بلدته منذ شهر مقابل وعود من رجل دين شيعي بإصدار عفو عن والده المعتقل لدى النظام السوري "الدروس والمحاضرات التي تلقيناها في المعسكر كانت تركز على ضرورة الثورة على دول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، حقيقة أنا أجبرت على الانضمام لهم كي يحصل والدي على حريته".
ويرسخ المدربون الإيرانيون والعراقيون المسؤولون عن الدروس العقائدية والفكرية في المعسكرات لدى الأطفال فكرة أنهم جنود المهدي المنتظر (الإمام الثاني عشر من أمة الشيعة) وأنهم سيذهبون للقتال في أي منطقة يطلبها منهم المهدي، سواء أكانت تلك المنطقة في أفريقيا أو في الخليج العربي أو أي دولة في العالم لتخليص شعوبها من الظلم وتوليهم الحكم في تلك الدول، أما التدريب العسكري فيشرف عليه ضباط سوريون، وجميعهم ضمن صفوف الحرس الثوري.
وسائل التجنيد
وكشف مضر الأسعد، المتحدث الرسمي للمجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية (إحدى القوى المنضوية في المعارضة السورية)، عن تفاصيل هذه المعسكرات لـ"العين الإخبارية"، قائلا: "يجند الحرس الثوري الأطفال بثلاثة طرق، هي طريق المدارس على أساس تعليم الأطفال، وأبناء المطلوبين من قبل السلطات السورية، الذين تصدر لهم المليشيات الإيرانية وبالتنسيق مع النظام السوري العفو مقابل تجنيد أبناء أو إخوان المطلوب بالترغيب والترهيب، إضافة إلى إغراء عائلاتهم بإعطائها الأموال والمواد الإغاثية والأسلحة مقابل مشاركة أبنائها في المعارك ضمنا مع 15 كتيبة تابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا".
ويتراوح راتب الطفل الذي يتقاضاه مقابل انتسابه للمليشيات بين 150 و300 دولار، أما الأطفال الأكبر عمرا فتتراوح رواتبهم بين 300 و700 دولار، فيما يتقاضى الضباط وذوو الرتب العسكرية الأعلى بين 1000 و1500 دولار، وهي مبالغ كبيرة بالنسبة للوضع الاقتصادي الذي تشهده سوريا.
وأشار الأسعد إلى أن الحرس الثوري بدأ مؤخرا بإحضار فتيات من جنسيات مختلفة تتراوح أعمارهن بين 15 و30 عاما إلى هذه المعسكرات لتوفير الخدمات وإعطاء دروس للأطفال، وكذلك لتحبيب الأطفال بالمعسكرات.
وأردف الأسعد قائلا: "تحاول مليشيا الحرس الثوري ومليشيا حزب الله والمليشيات الإيرانية الأخرى في سوريا ترسيخ فكرة أن دول الخليج العربي هي التي أفشلت الثورة السورية في عقول الأطفال، وقد أُبلغ الأطفال بأن إيران تدعم الثورة لكن ليس على نظام الأسد بل الثورة على قتلة الحسين بن علي بن أبي طالب، وتعدهم مقابل المشاركة في هذه الثورة بتوفير الرخاء والأمان والحياة الأبدية لهم"، كاشفا عن أن قياديا شيعيا عراقيا يدعى محمود نواف العداي هو المسؤول عن جميع المليشيات والمعسكرات الإيرانية في سوريا، إلى جانب عميد في الحرس الثوري يدعى جواد غفاري وهو من الضباط الإيرانيين الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية خلال ثمانينيات القرن المنصرم.
في غضون ذلك قال موظف سوري من سكان مدينة دير الزور، يعمل داخل مؤسسة الجهاد والبناء التابعة للحرس الثوري الإيراني، لـ"العين الإخبارية" مفضّلا عدم الكشف عن هويته: "تقدم المؤسسة التي أعمل فيها المساعدات للنازحين من مدن وبلدات وقرى ريف دير الزور الشرقي إلى البراري حولها، وتعدهم برجوع قريب إلى بيوتهم مع إعفائهم من ملاحقات الحكومة السورية وكذلك إعفاء أبنائهم من الخدمة العسكرية، وتقديم مكافآت مالية لهم مقابل التحاق أطفالهم بمعسكرات الحرس الثوري".
وتسكن المدن التي أنشأت فيها إيران معسكرات تجنيد الأطفال العرب السنة من أبناء العشائر والقبائل العربية، وبحسب معلومات أهالي تلك المناطق تمارس المليشيات الإيرانية منذ أعوام عمليات تغيير ديموغرافي عبر وسائل مختلفة.
aXA6IDE4LjExNi44NS4xMDgg جزيرة ام اند امز