إسرائيل وهجوم حماس.. 6 «دروس» للمستقبل
الدوائر الأمنية والسياسية بإسرائيل بدأت باستعراض الدروس المستفادة من هجوم حماس، من أجل تحديد ما ينبغي لها أن تفعله في المستقبل.
وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، فإن استخلاص النتائج الخاطئة من هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي سيجعل المنطقة أقل أمناً.
وبدخول الحرب شهرها الرابع، بدأ الخبراء في المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية في إسرائيل استخلاص الدروس المستفادة من يوم الهجوم.
محاذير لخصها دانييل بايمان، الأستاذ في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، والزميل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في 6 دروس لا ينبغي على إسرائيل الإقدام على ارتكابها.
الدرس الأول: الردع لا يجدي نفعاً
منذ سيطرة حماس على غزة في عام 2007 حاولت إسرائيل ردع الحركة وغيرها من الخصوم، باستخدام التهديد تارة أو القوة أو الضربات المحدودة تارة أخرى لإقناعهم بأن ثمن أي هجوم سيكون باهظا.
وبحسب التقرير، افترض الإسرائيليون أن قادة حماس أدركوا أن هجوما واسع النطاق على إسرائيل سيكون كارثيا على الفلسطينيين في غزة، وعلى قبضتهم على السلطة، وقدرتهم على توفير الدعم الاقتصادي للقطاع، ولن ينجحوا في ذلك.
لكن الهجوم الشامل الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أظهر للإسرائيليين أن "الردع خطأ"، وهو ما انعكس بحسب الكاتب على لسان أحد المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، بقوله "الردع شيء يستمر حتى يصبح الطرف الآخر مستعداً للحرب".
الدرس الثاني: لا يمكن الاعتماد على الاستخبارات
منذ إنشائها تعتمد إسرائيل بشكل كبير على خدماتها الاستخباراتية، للتحذير بشأن قدرات الخصم ونواياه، ما مكن إسرائيل من التحول من خصم إلى خصم دون إرهاق مواردها.
لكن هجوم حماس المباغت كان فشلا استخباراتيا ذريعا، لأنه وقع رغم اعتراض الاستخبارات الإسرائيلية لخطة حماس قبل أكثر من عام من تنفيذ الهجوم، فضلاً عن تلقيها العديد من الإشارات التحذيرية التكتيكية التي تجاهلها كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين.
وترى المجلة أن هذه التجربة تؤكد ضرورة افتراض الأسوأ بشأن قدرات الخصم ونواياه لتجنب وقوعه على حين غرة.
لكن القيام بهذا سيؤدي حتماً إلى تضخيم التهديد، الأمر الذي يتطلب المزيد من الإنفاق الدفاعي، وفي الحالة الإسرائيلية، استدعاء احتياطيات أكبر وأطول أمداً، وهو ما لا تستطيع الدولة تحمله.
الدرس الثالث: الدفاعات لا تجدي نفعاً
يرى التقرير أن السياج الذكي الذي بنته إسرائيل بطول 40 ميلاً حول غزة، والمدجج بالكاميرات والرادارات وأجهزة الاستشعار، بهدف وقف هجوم واسع النطاق من قبل حماس وتقديم تحذير في حال جمعت حماس قواتها، قد فشل أيضا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويضيف التقرير أنه كان على حماس أن تخطط لعدة سنوات وتنفذ عملية واسعة النطاق للتغلب على الدفاعات، وهي ليست مهمة سهلة، وكان ينبغي للمخابرات الإسرائيلية التعرف عليها وتعطيلها.
ومن ثم، فإن الدفاعات في حد ذاتها لا تكفي مطلقا، وينبغي أن تكون مدعومة بمعلومات استخباراتية وقدرة على الرد السريع، مما يجعل أي خرق أقل أهمية بالنسبة لإسرائيل وربما كارثياً بالنسبة لحماس.
الدرس الرابع: التهديد الأكبر الذي تواجهه إسرائيل من الخارج
ترى المجلة أن الخطر الأكبر الذي يواجه إسرائيل ليس خطرا خارجيا إنما داخلي، فقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي كانت إسرائيل مليئة بالانقسامات، بين اليهود الأشكناز والسفارديم، وبين اليهود بشكل عام والسكان العرب الإسرائيليين، وبين اليهود المتدينين والعلمانيين، وبين الإسرائيليين اليمينيين واليساريين.
لكن حكومة نتنياهو عززت هذه الانقسامات، حيث أنشأت ائتلافا مع المتطرفين اليمينيين واقترحت تشريعات من شأنها أن تشكل تراجعا عن استقلال القضاء، إضافة إلى تدابير أخرى مثيرة للجدل، مما يعرض استقرار إسرائيل للخطر، ويشكل تهديدا لطابعها الديمقراطي.
الدرس الخامس: معاناة الفلسطينيين لا تشكل أهمية لإسرائيل
قتل أكثر من 22 ألف فلسطيني في غزة، أغلبهم من الأطفال، منذ هجوم حماس، كما عانى الفلسطينيون في الضفة الغربية أيضاً، حيث سقط مئات الضحايا منذ الهجوم.
وبحسب التقرير، تبرر إسرائيل الخسائر في صفوف المدنيين بأنها ضرورة عسكرية لتحقيق هدفها المتمثل في تدمير حماس وبنيتها التحتية العسكرية "وهكذا استهدفت أنفاق حماس حتى لو كان ذلك يعني هدم المباني المبنية فوقها.
بيد أن هذه التكلفة البشرية الهائلة تقوض سمعة إسرائيل الدولية وعلاقاتها الدبلوماسية.
فالدعم الواسع الذي أبداه عدد من القادة الأوروبيين، بما في ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد الهجوم، تحول الآن إلى انتقاد بسبب هذا العدد الهائل من الضحايا الفلسطينيين، وسط دعم لقرارات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.
والأهم من ذلك، حسب التقرير، اللوم الذي وجهته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على مقتل المدنيين، حيث انتقدت دوائر ديمقراطية مهمة بشكل خاص الرئيس الأمريكي لدعمه القوي تل أبيب.
وخلصت المجلة إلى أن استمرار المستويات المرتفعة من الضحايا المدنيين يهدد بتعريض الدعم المالي والعسكري الأمريكي لإسرائيل للخطر.
الدرس السادس: عدم الوثوق بالقادة الفلسطينيين في صنع السلام
يرى الكثير من الإسرائيليين أن محادثات السلام في التسعينيات كانت مجرد خدعة، وأن انسحابهم من غزة عام 2005 أدى إلى سيطرة حماس على السلطة هناك، وأن نتيجة التخلي عن الأراضي كانت الهجمات الصاروخية وقذائف الهاون، وليس السلام.
لكن كاتب المقال أشار إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وغيره من قادة السلطة الفلسطينية تبنوا مرارا محادثات السلام، غير أن توسيع المستوطنات، ومذابح المستوطنين في الضفة الغربية التي وقعت قبل 7 أكتوبر ومرت دون عقاب، هي من كان السبب فيما جرى.
الخلاصة:
خلص التقرير إلى أنه "يتعين على الإسرائيليين تخفيف حدة حملتهم العسكرية للحد من الخسائر بصفوف المدنيين الفلسطينيين والسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، وتبني مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية بدلاً من رفضها".
واعتبرت أن "هذا لن يكون سهلاً، ولكن كل هذه الخطوات ضرورية لضمان أمن إسرائيل على المدى الطويل".
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xODAg جزيرة ام اند امز