تتضمن الأجندة التشريعية للمجلس القومى لحقوق الإنسان التى يرى أولوية إصدارها من خلال مجلس النواب مشروع قانون لتكافؤ الفرص وحظر التمييز
تتضمن الأجندة التشريعية للمجلس القومى لحقوق الإنسان التى يرى أولوية إصدارها من خلال مجلس النواب مشروع قانون لتكافؤ الفرص وحظر التمييز بين المصريين حيث يعانى الشعب المصرى من العديد من أوجه التمييز وافتقاد تكافؤ الفرص بين المواطنين، ولهذا لم يكن غريبا ان يهتم الدستور المصرى للتصدى لهذه الظاهرة التى ترتب عليها العديد من المشاكل التى تعانى منها فئات عديدة، فقد أكد الدستور فى مادته الأولى على مبدأ المواطنة بإعتباره احد اساسين يقوم عليهما النظام الجمهورى للدولة المصرية ، وهما المواطنة وسيادة القانون.. مما يستلزم التأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص وحظر التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو على أساس المكانة الاجتماعية أو الظروف الاقتصادية أو الآراء السياسية أو الإعاقة أو غير ذلك من مظاهر التمييز بين المواطنين. وللإنصاف فإن دستور 2014 لم ينفرد بتأكيد هذه المبادئ، فقد سبقه العديد من الدساتير التى التزمت بها ولكنها لم تطبق فى الواقع، وكان هناك دائما قصور فى التطبيق أدى إلى تراجع فى احترام سيادة القانون وزيادة كبيرة فى ظواهر العنف والبلطجة والتطرف بوجه عام، وخصوصا العنف الطائفى أو الدينى ، وساد شعور عام بالإحباط والظلم خاصة بين الشباب.
وقد أكدت الدراسات وحلقات النقاش التى أجراها المجلس القومى لحقوق الإنسان أن هناك ضرورة للتعجيل بإصدار قانون يحول مبادئ تكافؤ الفرص والمساواة بمفهومها العام كما وردت بالدستور إلى إجراءات تفرض التزامات محددة ومعاقبة المخالفين لها بما يضمن تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وحظر التمييز بين المواطنين تطبيقا للدستور، وذلك من خلال آليات مؤسسية فعالة للرقابة على تنفيذ القانون لا تكتفى بكشف المخالفات بمناسبة تلقى الشكاوى فقط وإنما تقوم بدور إيجابى من خلال إنشاء مفوضية لمناهضة التمييز بإصدار قانون تكافؤ الفرص وتأسيس مفوضية مناهضة التمييز ويقوم القانون المقترح من المجلس القومى لحقوق الإنسان على أربعة محاور أساسية.
وضع قواعد تشريعية مفصلة تحدد إلتزامات كافة مؤسسات الدولة العامة والخاصة فيما يتعلق باحترام مبادئ تكافؤ الفرص وحظر التمييز بين المواطنين ووضع العقوبات المناسبة لمخالفتها فى مجالات العمل والتوظف والترقى والتدريب والتأهيل والتعليم.
إنشاء أليات مؤسسية لمراقبة تنفيذ القانون، سواء على نحو إيجابى بإلزام مؤسسات الدولة العامة والخاصة بوضع وتنفيذ خطة لتحقيق هذه المبادئ على أرض الواقع ، أو سلبا بكشف المخالفات واتخاذ الإجراءات الرادعة لوقفها والحصول على التعويض لضحاياها .
وضع نظام إجرائى يسمح بالحصول على أوامر قضائية وقتية بوقف الانتهاكات بسرعة وتحقيق الإنصاف والعدالة لضحايا هذه الانتهاكات.
دعم ونشر ثقافة المساواة وعدم التمييز بين المواطنين ومبدأ تكافؤ الفرص من خلال التوعية بالحقوق التى يؤكدها القانون ودعم تطبيقه ، وكذلك من خلال المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية .
ويرى المجلس القومى لحقوق الإنسان أنه لا يمكن تطبيق هذا القانون ما لم تنشأ مؤسسة تقوم على مراقبة تنفيذه وتتخذ هذه المؤسسة صيغة مفوضية لتكافؤ الفرص ومكافحة التمييز يرأسها مفوض عام كما هو مطبق فى العديد من دول أوروبا وإفريقيا وكما هو الحال فى تونس والمغرب ويمكن أن تنشأ هذه المفوضية فى إطار المجلس القومى لحقوق الإنسان بحيث يكون المفوض العام أحد اعضائه المتفرغين لهذه المسئولية ويرأس بهذه الصفة لجنة أو مفوضية تنشأ وفقا لقانون تكافؤ الفرص وحظر التمييز أو إنشاء المفوضية كجهاز مستقل.
وتكون اختصاصات المفوض العام أو مفوضية تكافؤ الفرص ومكافحة التمييزهى مراقبة حسن تطبيق القانون من خلال متابعة مدى التزام مؤسسات الدولة بهذا القانون والتحقيق فى الشكاوى التى ترد إليه أو إخطار القضاء بوقوع المخالفة وإحالة المخالف للتحقيق، ويقترح أن يكون للمفوض العام الحق فى تحقيق التصالح مع الأطراف التى يجرى فى شأنها التحقيق بمناسبة أى مخالفة للقانون، يتعهد بموجبها المشكو فى حقه بوضع وتنفيذ خطة لتطبيق القانون ومنع وقوع مخالفات فى المستقبل مقابل تعهد المفوض العام بعدم اتخاذ إجراءات قضائية ضده فى هذا الشأن.
ولضمان فعالية المفوضية يكون لها وللمفوض العام حق رفع الدعاوى القضائية نيابة عن الضحايا، كما يكون من حقها اللجوء للقضاء ورفع الدعاوى القضائية نيابة عن صاحب الشكوى أو الإنضمام قضائيا للمضرور. وللمفوض العام تقديم المساعدة القانونية أو القضائية لأصحاب الشكاوى أو ضحايا الانتهاكات.
أما بالنسبة للعقوبات فإنه من الأفضل أن تكون غرامات بمبالغ كبيرة نسبيا تضاعف فى حالة العودة إلى المخالفة ، ويكتفى بالحبس فى المخالفات الجسيمة.
ويقوم المفوض العام بإعلان ونشر تقارير المخالفات على نفقة المخالف. كما يكون له تعويض ضحايا الانتهاكات عن الأضرار التى لحقت بهم.
هذه الأفكار والمقترحات التى أعدها المجلس القومى لحقوق الإنسان يجب طرحها للنقاش المجتمعى قبل تقديم مشروع القانون فى صورته النهائية فى مجلس النواب. وسوف يكون إصدار هذا القانون مدعما للوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعى وترسيخ مبادئ العدالة وسيادة القانون كما أن حسن تطبيق القانون سيساهم فى بناء ثقافة المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة