متحف المستقبل.. أيقونة معاصرة تصنع الغد بروح التكنولوجيا
تكلفة المتحف فاقت 136 مليون دولار أمريكي، بهدف عرض الاختراعات ودعم المبتكرين في مجال التكنولوجية ومساعدتهم في تنفيذها.
تواصل إمارة دبي إبهار العالم يوماً بعد يوم بحركة ونشاط لا يتوقفان في كافة المجالات، حتى في ظل الأزمة المالية العالمية أو تراجع أسعار النفط، ومنذ اللحظة التي أعلن فيها عن فوز المدينة بحق تنظيم المعرض العالمي (إكسبو 2020) نهاية 2013، تعهدت دبي بتنظيم حدث استثنائي، لم تتوقف فيه عند ما تم إنجازه منذ ما يزيد على عشرين سنة حتى اليوم، بل أطلقت مجموعة من المشروعات الجريئة في العقار والسياحة والترفيه، مزجتها بفكرة الاهتمام بالإبداع والمبدعين لكي تكون نافذة وجسراً ينقل المدينة والعالم إلى المستقبل، ستكون غالبيتها جاهزة قبل انطلاق الحدث بعد أربع سنوات من الآن تقريباً.
وها هي دبي تشهد افتتاح متحف المستقبل، الذي يعد أحد أهم الفعاليات الرئيسية المصاحبة للقمة العالمية للحكومات التي انطلقت اليوم وتستمر حتى 10 فبراير الحالي بمدينة جميرا في دبي تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل" .
وبلغت تكلفة المتحف حوالي 500 مليون درهم (أي ما يزيد عن 136 مليون دولار) بهدف عرض الاختراعات ودعم المبتكرين في مجال التكنولوجية ومساعدتهم في تنفيذها.
ووضع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس الأحد حجر الأساس المعرفي لهذه التحفة المعمارية الفريدة من نوعها، والتي تضم تقنيات جديدة تم تطويرها خصيصاً للمبنى الذي يشكل لوحة فنية كبيرة على شارع الشيخ زايد.
ويتميز متحف المستقبل، بتصاميمه الداخلية ذات الطابع المستقبلي الذي يهدف لنقل الزوار لتجربة قد لا يعايشونها على أرض الواقع خلال المستقبل المنظور، وسيعتمد في تطوير محتواه على تحليل البيانات التي سيتم جمعها من تفاعل الزوار على اختلاف فئاتهم، لصياغة تقارير استشرافية تقترح سياسات وقرارات يمكن من خلالها لحكومات العالم تعظيم الاستفادة من هذا القطاع.
ويركز متحف المستقبل على قطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي باعتباره واحداً من أهم القطاعات الحيوية التي سيكون لها تأثير مباشر ومحوري في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات بما في ذلك الصحة والتعليم وكافة الجوانب الأخرى المهمة في حياة الناس.
ولأول مرة، خلال الدورة الرابعة للقمة الحكومية سيفتح متحف المستقبل أبوابه للعامة، خلال الفترة المسائية، ضمن جدول زمني من السادسة إلى الثامنة مساء، لإتاحة الفرصة للجمهور للاطلاع على مستقبل العلوم، وسيركز متحف المستقبل هذا العام على قطاع الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، حيث تشير دراسة لمؤسسة ماكنزي البحثية إلى أن هذا القطاع سيشكل سوقاً عالمية تصل قيمته إلى 8.7 تريليونات دولار أميركي بحلول عام 2025.
ومن المتوقع أن يصبح متحف المستقبل، وجهة سياحية فريدة من نوعها على مستوى العالم، حيث سيكون عند الانتهاء منه أكبر مركز دراسات للتنبؤ بأهم الاتجاهات المستقبلية في المجالات العلمية والتقنية، وسيعمل على تطوير شراكات مع كافة الجهات الحكومية حول العالم لتطوير حلول تقنية، بالإضافة لذلك سيسهم في تطوير مناهج تعليمية حديثة ومبتكرة للطلاب من كافة أنحاء العالم بالتعاون مع أفضل الجامعات العالمية ومراكز الأبحاث المتخصصة.
ويتوقع المحلل الاقتصادي، موسى العيسوي، أن يسهم هذا الصرح المعرفي، في زيادة أعداد السائحين إلى إمارة دبي، في السنوات المقبلة، بالإضافة إلى نمو اقتصادي كبير بسبب الطفرة العقارية التي تشهدها الإمارات حالياً، حيث تقدر حجم المشروعات العقارية قيد الإنشاء ب350 مليار دولار.
وأضاف: إن إمارة دبي قامت في السنوات الأخيرة بتنويع مصادر اقتصادها وتقليل اعتماده على الموارد الطبيعية حيث شرعت في إنشاء مشروعات سياحية ضخمة من أشهرها فندق برج العرب وبرج خليفة أطول مبنى في العالم، إضافة إلى إنشاء سوق مصرفية وتشجيع الاستثمار الأجنبي عبر تشريعات خاصة كالسماح بملكية الأجانب للأراضي لمدة تصل إلى 99 سنة، وها هي اليوم تكشف النقاب عن أحد هذه المشروعات الضخمة لتثبت أنها قادرة على النهوض بعيداً عن النفط.
وأكد العيسوي أن الإمارات جادة في أن تكون وجهة عالمية رئيسية في مجال الابتكار، وستمضي بثبات نحو هذا الهدف عند اكتمال متحف المستقبل في 2017 ليغدو بلا منافس أكبر منصة لاختبار الأفكار، وتطوير الحلول التقنية للتحديات في مجالات التعليم، والصحة، والمدن الذكية، والنقل، والطاقة، وباختصار، الحاضنة الأكبر للابتكار في الوطن العربي.
ماذا يحمل المتحف في جعبته؟
يتكون المتحف من ثلاثة أقسام رئيسية، يتطرق الأول إلى تأثير الروبوتات والذكاء الاصطناعي في تحسين حياة وقدرات الإنسان البدنية والذهنية، باحثاً عن إجابات لأسئلة صعبة مثل؛ هل ستستبدل عضلة قلبك إذا كان ذلك يعني قدرتك على العيش لفترة أطول؟ وهل ستقبل أن تضيف أجزاء روبوتية لأطفالك لتحسين أدائهم في المدرسة؟
أما القسم الثاني فيهدف إلى إجابة أسئلة مثل؛ كيف تشعر حيال أن تقوم الروبوتات برعاية كبار السن؟ هل يمكن أن تصل علاقة الإنسان بالروبوتات إلى حدود توازي علاقة الإنسان بالإنسان؟
ويبحث القسم الثالث من متحف المستقبل مدى تأثير تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي على عمليات الإدارة واتخاذ القرار، ويهدف إلى إجابة أسئلة مثل؛ هل تثق بأنظمة الذكاء الاصطناعي في إدارة أموالك الخاصة؟ هل تثق بأنظمة الذكاء الاصطناعي في اختيار مسارك المهني؟
تقنيات لا حدود لها
يضم المتحف مجموعة من التقنيات التي تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم، حيث ترسم المستقبل بعيون شباب اليوم من خلال التخيل والابتكار واستحضار المستقبل ومنها:
الرُكبة الذكية
تقنية مستقبلية تمنح مستخدمها قدرات خارقة للقفز والركض، وتقنية ذكية أخرى تجعل مستخدمها يتسلق الجدران من دون أن يتعرض لخطر السقوط، هي «غيكو تيبس» التي تتكون من أدوات متناهية الصغر يتم تركيبها على أطراف الأصابع تمكن مستخدمها من الالتصاق بالأجسام، وتسلق الجدران.
العين الذكية
للتواصل الاجتماعي في المستقبل حلول مبتكرة تتجاوز الخيال. فمواقع التواصل الاجتماعي لن تكون وحدها الوسيلة لمشاركة الآخرين تجاربنا وذلك بفضل تقنية «آي شير» أو العين الذكية، التي تمكن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من رؤية ما يشاهده أصدقاؤهم ومتابعوهم عبر هذه المواقع في اللحظة نفسها.
دريم ستريم
يضم متحف المستقبل تقنيات مستقبلية «دريم ستريم» والتي تتيح للإنسان تصميم أحلامه كما يحلو له ومشاركتها مع أصدقائه وأقربائه.
مود فيو
يَعِد المستقبل بتواصل مختلف مع الناس من خلال تقنية مثل «مود فيو» التي تتيح قراءة أفكار الآخرين وأمزجتهم وتعطي نصائح بناءً على تحليل فوري لهذه التعابير.
وهذه التقنية تحقق أحلام الملايين «بالانفصال الكامل» عن كل ما يزعجهم والتمتع بلحظات من السكون التام عبر فصل الإشارات العصبية الواردة إلى الدماغ بشكل مؤقت بحيث يرتاح الدماغ من الضخ العصبي.
أوتو لينغوا
تعلم اللغات لم يعد مهمة صعبة فتقنية مثل «أتو لينغوا» وهي عبارة عن سماعة ذكية تمكن مستخدمها من تعلم اللغات بطريقة تفاعلية ومرنة وسريعة، إضافة إلى تقديمها خدمة الترجمة الفورية باللغة التي يحددها المستخدم.
تجربة
يمكن للراغبين في معايشة التجربة التفاعلية التي سيتم خلالها استشراف مستقبل الروبوتات والذكاء الاصطناعي في المتحف؛ التسجيل عبر الموقع: http://www.museumofthefuture.ae.
سيتم افتتاح فعاليات متحف المستقبل ضمن القمة العالمية للحكومات، بالتزامن مع إطلاق عدد من المبادرات العالمية ذات الطابع المستقبلي، وذات العلاقة بالقطاعات الحيوية ذات الأهمية لدولة الإمارات والعالم، ومن بينها مشروع إكس (Project X)، الذي سيكون واحداً من مفاجآت المتحف لهذا العام.