المصالحة الداخلية تفقد بريقها في الشارع الفلسطيني
محللون: المصالحة الفلسطينية تحتاج تنفيذًا على الأرض
الشباب بات يؤمن أن المزيد من مقاومة المحتل هي المطلب الرئيس للفلسطينيين حاليًا
ولسنوات، تدعو الشخصيات والقوى السياسية والمؤسسات المختلفة إلى ضرورة رأب الصدع الفلسطيني، وتحقيق المصالحة الوطنية، لإنقاذ المشروع الفلسطيني من المؤامرات التي تحاك ضده.
آخر تلك الدعوات جاءت اليوم من القيادي محمد دحلان، المفصول من حركة فتح التي يقودها الرئيس محمود عباس، الذي أبدى "استعداده الكامل لبذل كل الجهد المطلوب في سبيل الوحدة الوطنية"، ومن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الذي دعا لضرورة تحقيق الوحدة الفلسطينية.
دحلان قال: "اختلفنا بما يكفي واختصمنا بما يكفي، واختلفنا مع حركة حماس بما يكفي، أما آن في ذكرى وفاة ياسر عرفات، أن نعيد الاعتبار وأن نصحح أخطاء الماضي، وأن نضع الجهد الجماعي باتجاه إنقاذ ما يمكن إنقاذه في القدس وفي غزة وفي الضفة الغربية".
ورأى أنه "لا يوجد خيار آخر غير التسامح، وأن نبني المستقبل بعيدًا عن أخطاء الماضي، وبالتالي اليوم هذه المسؤولية في يد عباس وحماس، عباس يستطيع أن يحسم أمر فتح، لكنه لا يستطيع أن يحسم وحدة الوحدة الوطنية، يحتاج إلى مساعدة وإلى موقف جريء وجدي من حماس".
فيما دعا إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى عقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية في غزة، إذا ما تعذر عقده في العاصمة المصرية القاهرة، أو أي عاصمة عربية، من أجل دعم انتفاضة القدس وتحقيق جاد للوحدة الفلسطينية.
الناشط الفتحاوي هشام ساق الله، لم يعد يصدق كل التصريحات حول المصالحة، ويوضح: "الجميع يتحدث عن المصالحة منذ سنوات لكن للأسف ترى الأمور على حالها".
هروب من المسؤوليات
يقول ساق الله لـ"بوابة العين": "لا أثق بكل ما يقال عن المصالحة" هذه الأقوال للهروب من المسؤوليات الملقاة على عاتق الحركتين؛ وإلا لو أرادوا تحقيق المصالحة على الأرض فليقدموا بادرة واحدة فقط للمواطن العادي، تتمثل في إطلاق كل طرف المعتقلين السياسيين لديه".
وفشلت اتفاقيات المصالحة التي جرت بين الفصائل برعايات عربية وفلسطينية، كان أبرزها اتفاقيات: مكة، والقاهرة، وصنعاء، والدوحة، وآخرها اتفاق الشاطئ الموقع بغزة عام 2014، في تنفيذ الاتفاق على الأرض وجمع الفصائل الذين فرقهم الانقسام الناجم عن أعمال القتال المسلح الداخلي بين فتح وحماس منتصف العام 2007.
ولا يبتعد الناشط أحمد بشير القريب من حركة حماس عن ساق الله كثيرًا، ويرى أن صبر المواطن نفذ من فشل كل الاتفاقات السابقة في تحقيق المصالحة الداخلية.
ويقول بشير لـ"بوابة العين"، إن الشباب المنتفض في شوارع الضفة وغزة لم يلق بالاً لدعوات تحقيق الوحدة، وتشكيل قيادة موحدة، وغيرها من الدعوات، وبات يؤمن أن المزيد من مقاومة المحتل هي المطلب الرئيسي للفلسطينيين اليوم.
الميدان يوحد الشباب
ويشير بشير إلى أن انخراط الشباب الفلسطيني بمختلف أطيافهم ومكوناته السياسية في الانتفاضة المشتعلة ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ حوالي شهر ونصف الشهر، هي التي ستحقق الوحدة الحقيقية: "دماء الشباب الفتحاوي والحمساوي والجهادي والجبهاوي النازفة على أيدي الاحتلال هي التي ستحقق الوحدة الحقيقية".
ودعا الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي، إلى اعتماد استراتيجية سياسية موحدة استنادا إلى واقع الهبة الشعبية، ووثيقة الوفاق الوطني وقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الأخيرة، ووضع آليات تنفيذها، وبما يقود لتعزيز دور منظمة التحرير بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وشدد الصالحي على أن "هذا هو أقصر الطرق لتحقيق إنها الانقسام، وبما يخدم أيضًا مجمل الحراك السياسي والكفاحي الفلسطيني، خصوصًا في ظل مواصلة الغطرسة والعدوانية الإسرائيلية المتصاعدة".
فشل التنفيذ أخطر
ويعتقد المحلل السياسي هاني العقاد، أن ما أشار إليه ساق الله وبشير، له ما يبرره في عالم السياسة، ويقول: "المصالحة لا تحتاج إلى تصريحات من هنا وهناك بقدر ما تحتاج إلى تنفيذها على الأرض، والفرقاء قد قطعوا خطوات طويلة من أجل الوصول إلى المصالحة، لكنهم فشلوا في تنفيذ كل الاتفاقات على الأرض".
ويقول العقاد لـ"بوابة العين": الفشل في تنفيذ الاتفاقيات المتعددة يرتد سلبًا على الجمهور، أكثر مما لو لم تكن هناك اتفاقيات، لذلك مطلوب من الفصائل والقيادات الفلسطينية أن تتجنب توليد اتفاقات أو تفاهمات جديدة، والعمل على ترجمة بنود الاتفاقات على الأرض لطرد حالة اليأس التي تصيب الشارع.
ويلقي العقاد باللائمة على فشل الفرقاء في تحقيق المصالحة، ويقدم سبيين للفشل في تحقيقها الأول يكمن في "انعدام الثقة بين طرفي الانقسام"، والثاني "عدم استعداد الفريقين للتخلي عن المكاسب والامتيازات التي تحققت لهما بفعل الانقسام"