الليبيون يحتفلون بالذكرى الخامسة خارج منظومة حكم القذافي في ظل الكثير من الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ ثورة "17 فبراير"
بعد خمس سنوات قضاها الليبيون خارج منظومة حكم القذافي إثر انتفاضتهم عليه في السابع عشر من فبراير سنة 2011، وفي ظل الكثير من المنزلقات والمشاكل التي مرت وتمر بها البلاد بعد الثورة، يبدو أنهم لا يزالون يعتبرون أن هذه الذكرى تمثل لهم الكثير من الأمل رغم كل ما تحمله معها من آلم.
خرج عدد كبير من الناس إلى وسط مدينة طرابلس وتحديدًا إلى ميدان الشهداء متوشحين علم الاستقلال ومزينين سيارتهم كمحاولة للخروج من المزاج العام السائد المتأثر بشكل كبير بكم الأزمات التي تعصف بالبلد وتعبر على حجم سعادتهم بهذه المناسبة التي باتت تمثل لهم يومًا وطنيًّا.
سالم أحمد أبورقيعة، 53 سنة، وهو تاجر كان في ميدان الشهداء وأعرب عن فرحته عن قدوم الذكرى الخامسة لثورة فبراير، ويعتبر أن وجوده في ميدان الشهداء هو تعبير عن مشاركته في هذا الاحتفال، كما يرى بأن أكبر تحدٍّ لثورة فبراير أنها تواجه ثورة مضادة ممن هم على توجهات غير توجهاتها، ويعتبر أن الحرية هي أهم مكسب للثورة، مع عدم رضاه عن السياسيين الذين وجه لهم دعوته بالتخلي عن صراع الكراسي والاتجاه للوطن.
التقى مراسل "العين" في ميدان الشهداء عمر المهذب، 63 عامًا، متقاعد، وأجاب ردًّا على سؤال حول شعوره في هذه المناسبة بأنه لا يمتلك ما يعبر به عن المشاعر التي تعتريه وخصوصًا أنه قد عاش فترة من عمره خلال النظام السابق.
وأضاف بأنه سُجن وعُذب حتى تمكن من الفرار من البلد ولم يعُد إلا بعد الثورة، ومن ثم يرى بأن شعوره مملوء بالأمل وبأن الله سبحانه وتعالى سيشيع علينا الأمن والأمان اللذين قد نفتقدهما الآن، كنتيجة لاعتبار أن هذه الفترة هي مرحلة انتقالية لا بد منها بعد انتهاء نظام حُكم دام لأكثر من أربعين سنة".
وتابع قائلاً: "إن أكبر تحدٍّ يواجه البلد الآن هو التدخل الخارجي والاستعانة بالأجنبي، وهذا أمر يؤدي بالبلاد إلى ما لا تُحمد عقباه".
محمد عمر بن حسين، 40 عاما، أستاذ جامعي، يعتبر أن أكبر تحد يواجه ثورة فبراير هو الذين يحاربونها والراغبين في عودة النظام السابق، فهم من يشدون الثورة للوراء ولا يسمحون بتقدم البلد، وعلاوة على أنه يعتبر أن الحرية هي المكسب الأهم الذي خرج به الشعب من هذه الثورة التي شوهها بعض الساسة بممارساتهم وأطماعهم وصراعاتهم.
محمد خليفة، 30 سنة، موظف يعتبر أن أهم مكسب تحصل عليه الشعب هو انتزاعه لحريته حتى ولو أن هذه الحرية وللأسف أدت إلى الكثير من الممارسات، ما ترتب عنه دخول البلد في أزمة حقيقة وخصوصًا على الصعيد الأمني؛ حيث إن كل شخص يفعل ما يشاء ولا رادع له، خصوصًا أن السياسيين يتصارعون فيما بينهم حول الحكم ومصالحهم الشخصية ولم يغلبوا مصالح الوطن على مصالحهم.
أضاف أن البلاد تعاني من الكثير من المشاكل بعد ثورة السابع عشر من فبراير، ولكن لا يزال الأمل يحدونا في أن تستقر وتستقيم الأمور فيما لو أن السياسيين ابتعدوا عن تجاذباتهم وصراعهم على الحكم.
أتت هذه الاحتفالات في مدينة طرابلس وبعض المدن الليبية الأخرى، في وقت لا تزال تعيش فيه ليبيا حالة من عدم الاستقرار في كافة المجالات، فالأمن والأمان مفقودان، وجزء من البلاد تحت سيطرة جماعة داعش الإرهابية، والحكومات تتوالد وتتخلق كما لم يحصل في أي بلد من قبل، فبعد حكومة واحدة أتت أخرى لتخرج قبل يومين ثالثة، في ظل وضع اقتصادي سيء تمر به البلاد، ما أثر بشكل كبير على حالة المواطن وعدم قدرته على الحصول على ما يحتاجه من السلع والخدمات وأهم حاجياته الأولية، كنتيجة لتأخر صرف الرواتب وعدم توفر السيولة المالية في المصارف.