فبراير كان شهر الجدل حول شيوخ السياسة الخارجية الأمريكية. فقد انفتح الباب على مصراعيه للجدل بخصوص أولبرايت وكيسنجر
فبراير كان شهر الجدل حول شيوخ السياسة الخارجية الأمريكية. فقد انفتح الباب على مصراعيه للجدل بخصوص مادلين أولبرايت وهنرى كيسنجر، إذ عاد كلاهما للأضواء من بوابة حملة هيلارى كلينتون الانتخابية.
ففى الأسبوع الأول من الشهر، وقبل هزيمة كلينتون فى انتخابات ولاية نيوهامبشير، تصدرت المرشحة الديمقراطية المنصة وسط جمهور يدعمها وبصحبتها مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية فى عهد بيل كلينتون، وأول سيدة تتبوأ هذا المنصب فى تاريخ أمريكا. يومها أعلنت أولبرايت دعمها القوى لهيلارى كلينتون، وقالت فى إشارة إلى منافسها برنى ساندرز الذى يستخدم تعبير «الثورة» لوصف حملته الانتخابية، إن البعض «يتحدثون عن الثورة.
ستكون ثورة بالفعل إذا ما صار لدينا أول سيدة رئيسة للولايات المتحدة». ولأن استطلاعات الرأى أظهرت أن أغلبية الشابات يؤيدن ساندرز، قالت أولبرايت إنه «يجب على الشابات دعم هيلارى كلينتون»، ولكنها أضافت عبارة طالما استخدمتها فى سياقات مختلفة ولكنها هذه المرة قلبت الدنيا ضدها.
فقد أضافت أولبرايت «وتذكروا أن هناك موضعا خاصا فى جهنم للنساء اللائى لا يدعمن بعضهن البعض». وبغض النظر عن أن أولبرايت نافست أعتى المتطرفين حين اعتبرت أن من لا تعطى صوتها لكلينتون مصيرها جهنم (!!)، فقد أثارت كلماتها استياء شديداً لدى قطاعات واسعة من الأمريكيات، ليس فقط لدى الشابات منهن، وإنما لدى النساء من الأقليات والأكبر سنا.
فالقطاعات الواسعة من المرأة الأمريكية التى تؤيد ساندرز يعتبرن أن كون هيلارى امرأة ليس «مؤهلاً» يترتب عليه تأييدهن لها، لأنهن يختلفن بشدة مع مواقفها فى السياسة الداخلية والخارجية. وراحت بعضهن يعددن مواقف هيلارى كلينتون بل أولبرايت كوزيرتين لم تتورع أى منهما عن خوض حروب لا مبرر لها سببت مآسى لا حصر لها لنساء أمريكيات ونساء حول العالم.
وبعد أن ظهرت هيلارى كلينتون على الشاشات تدافع عن أولبرايت، التى تخاطبها باسمها الأول، مادلين، إذا بوزيرة الخارجية السابقة تكتب مقالا فى النيويورك تايمز كان بمثابة اعتذار ضمنى عن استخدام تلك العبارة التى وصفتها بأنها «لم تكن دبلوماسية»!
والأسبوع التالى مباشرة كان أسبوع الجدل حول هنرى كيسنجر، وزير الخارجية فى عهد الرئيس الجمهورى نيكسون. فبعد أن كانت هيلارى كلينتون قد ذكرت أكثر من مرة أنها شعرت «بالإطراء حين قال هنرى كيسنجر إننى أدرت وزارة الخارجية أفضل من أى شخص على مدار سنوات طويلة»، ثم كرّر بيل كلينتون المعنى ذاته مضيفا تعبير «منذ عقود» على لسان كيسنجر، بما يتضمن بالمناسبة أولبرايت (!)، اختار برنى ساندرز فى المناظرة التى عقدت منتصف الشهر أن يشير لتلك التصريحات فى معرض الهجوم لا الإطراء قائلا «اعتمدوا علىّ، فأنا لن أسمتع لهنرى كيسنجر»، مضيفا أنه يعتبر الرجل «من أكثر وزراء الخارجية الأمريكيين إحداثا للدمار» فى تاريخ بلاده الحديث. الطريف أن هيلارى كلينتون لم تدافع، هذه المرة، عن كيسنجر، الذى تخاطبه هو الآخر باسمه الأول، هنرى، وإنما قالت إنها كانت تسعى كوزيرة للخارجية لأن تسمع أصوات خبراء مختلفين، وإن هناك «ممن قد تختلف معهم فى عدد من الأمور من تجد لديه رأياً مهماً أو علاقات» تفيد فى أداء دورك.
الأطرف من هذا كله هو سؤال أثار حيرتى، فما الذى يجعل مرشحة تسعى لأن تبدو أكثر «تقدمية» وتسعى للحصول على أصوات اليسار والشباب، نساء ورجال فضلا عن الأقليات، أن تذكر هنرى كيسنجر أصلا؟!
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة المصري اليوم وبوابة العين الالكترونية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة