مع انتهاء المعركة الكبرى للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في ولايتي ساوث كارولينا ونيفادا وللحزب الديمقراطي في نيفادا
مع انتهاء المعركة الكبرى للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في ولايتي ساوث كارولينا ونيفادا وللحزب الديمقراطي في نيفادا بدأت تتضح ملامح كثيرة ظلت غامضة لشكل المنافسة.
بالنسبة للديمقراطيين فإن فوز بيرني ساندرز في نيفادا كان سيمثل كارثة لهيلاري كلينتون، ليس لحجم الولاية ولكن لما يعنيه.
فهي أول ولاية جنوبية في الانتخابات، واستراتيجية هيلاري تركز علي الجنوب كحائط صد لمواجهة صعود ساندرز.
لكن التفوق الذي كان ساحقا لهيلاري في استطلاعات الرأي منذ شهر بنحو ٢٥ نقطة أخذ يتضاءل حتي اختفي قبيل الانتخابات.
فوز ساندرز كان سيمثل أيضا نقلة نوعية في اعتماده علي البيض حتي الآن كما حدث في آيوا (التي خسرها بفارق ضئيل) ومن بعدها نيوهامشير التي فاز فيها باكتساح.
لكن نيفاد بها تنوع عرقي ونسبة أكبر من الهيسبانيك (من أمريكا اللاتينية) وكذلك من السود. وقد تمكن بالفعل من تحقيق تقدم بينهم خلال الأسابيع الأخيرة خاصة بين الشباب، بما أصاب حملة هيلاري بالذعر مما يمكن أن تمثله خسارتها هناك، وتم حشد كل القوي المتاحة وتدخّل هاري ريد زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ وهو من نيفادا حيث عمل مع آخرين لحشد التأييد بين عمال نقابات كثيرة مثل الطبخ والكازينوهات ودفعهم للتصويت، فنجت هيلاري بفوز محدود لكنه حاسم وخرج بها من عنق الزجاجة.
هي الآن في طريقها لفوز شبه محسوم في ساوث كارولينا هذا الأسبوع بفضل تصويت السود لصالحها، وهم يمثلون ٥٥٪ في الولاية، وهي تدرك الآن أن السود يتحكمون في مصير حملتها، لذلك خرجت الإعلانات الأخيرة التي تركز فيها علي قضاياهم وتتقرب منهم، وظهر ذلك في المناظرات التي تتحدث فيها مدافعة عن أوباما وسياساته، لعلمها أنه يحظى بشعبية هائلة بين السود.
وإذا ما سارت الأمور بشكل طبيعي فإنها ستكتسب قوة الدفع بعد ساوث كارولينا لتنطلق بثقة أكبر نحو "الثلاثاء الكبير" بداية شهر مارس الذي تجري فيه الانتخابات في ١٤ ولاية، حيث يمكنها أن تحقق تفوقا في الولايات الجنوبية الكبيرة يعوضها حتي عن خسارة بعض الولايات الشمالية مثل ماساتشوسيتس وفيرمونت، وهو ما يعني أنها ستشق طريقها ولو بصعوبة نحو الحصول علي ترشيح الحزب، وإن كان الوقت ليس في صالحها لأن ساندرز يزداد قوة في استطلاعات الرأي العام.
في كل الأحوال فقد أظهرت هذه الانتخابات التمهيدية جوانب كثيرة لضعف هيلاري كمرشحة في الانتخابات العامة في نوفمبر ضد أي مرشح جمهوري. هي تبرر ذلك بأن المجتمع ربما ليس مستعدا بعد لتولي امرأة رئاسة البلاد، وقد يكون ذلك صحيحا جزئيا، لكن السبب الأهم هو أن هناك نسبة كبيرة من الناخبين حتي بين الديمقراطيين الذين يشكّون في أمانتها ولا يرونها محل ثقة.
ولاتزال هناك مشاكل كبيرة تواجهها في قضية استخدام إيميل خاص في إرسال خطابات سرية بما عرضها للتسريب. وبالتأكيد يحشد لها الجمهوريون الآن كل أسلحتهم بصرف النظر عن مرشحهم القادم.
من وجهة نظر كلينتون ربما يكون المرشح الجمهوري المحافظ السناتور تيد كروز هو الأنسب لها، لمواقفه المتشددة التي تجعله منفرا للمستقلين الذين يحسمون هذه الانتخابات، سواء في قضايا حق الإجهاض أو الهجرة غير الشرعية أو الضرائب والرعاية الصحية إلي آخره.
لكن كروز لن يكون غالبا المرشح الجمهوري القادم.
فقد حصل علي المركز الثالث في ساوث كارولينا وهي الولاية التي تتجه للمحافظين لوجود نسبة كبيرة بها بين الإنجيليين ثم عاد وحصل علي نفس المركز في نيفادا، وربما يحقق بعض النتائج الإيجابية يوم "الثلاثاء الكبير" خاصة في ولاية تكساس التي ينتمي إليها، لكن الصراع الآن هو في الأغلب بين دونالد ترامب ، والسناتور ماركو روبيو.
ترامب حقق حتي الآن نتائج إيجابية واضحة بفوزه الكبير في نيفادا وساوث كارولينا ومن قبلهما نيوهامشير.
لكنه فيما حققه كان يعتمد أساسا علي تفتت أصوات المنافسين خاصة من يعبرون عن "مؤسسة الحزب".
لكن هذا التفتيت يقل الآن مع خروج حاكم فلوريدا الأسبق جيب بوش من السباق وقد تتجه نسبة كبيرة من مؤيديه لصالح روبيو. ويبقي له منافس آخر من نفس التيار هو جون كاسيك حاكم ولاية أوهايو الذي قد يستمر لفترة في الانتخابات، لكن هناك توجها الآن لحشد أصوات الناخبين الأقل تشددا ناحية روبيو ليكون أكثر قدرة علي مواجهة ترامب.
وهنا يمكن القول إن الانتخابات الجمهورية التي بدأت بسبعة عشر مرشحا قد تقلصت الآن إلي ثلاثة بشكل أساسي، وستكون مناظرة اليوم مشهدا مثيرا لنري كيف سيكون الصدام بينهم خاصة بين روبيو و ترامب، حيث تفادي كل منهما الآخر حتي الآن بشكل كبير، وربما تحسم هذه المواجهة طبيعة الصراع خلال الأسابيع القادمة.
في كل الأحوال فإن سيولة العملية الانتخابية بدأت تتشكل ملامحها، وظهرت أيضا مواطن القوة والضعف لدي المرشحين في كلا الحزبين.
وقد يكون هناك كارثة كبري في انتظار هيلاري والديمقراطيين، حيث يتحدث البعض الآن عن بطاقة جمهورية محتملة تضم كلا من روبيو وهو من فلوريدا، و كاسيك من أوهايو. وفوز الجمهوريين بالولايتين سيضع البيت الأبيض بين أصابعهم، وهو ما يحتاج إلي شرح أكبر في مقال قادم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة