التصويت في البرلمان البريطاني في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حول ما إذا كان ينبغي قصف أهداف "داعش" في سوريا، كان مشكلة كبيرة
التصويت في البرلمان البريطاني في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حول ما إذا كان ينبغي قصف أهداف "داعش" في سوريا، كان مشكلة كبيرة. كان اختبارًا صعبًا لكل من حزب المحافظين الحاكم، و"العمال" المعارض بقيادة زعيمه الجديد جيريمي كوربين. قضى البرلمانيون اليوم، يبحثون ويناقشون مزايا ومخاطر التدخل، وانشغل المعلقون بالتحليلات، والفترة قبل التصويت بدت وكأنها عبارة عن نهائي كرة قدم.
وكانت النتيجة النهائية بأغلبية مريحة 174 صوتًا لصالح امتداد الضربات الجوية البريطانية من العراق إلى المجال الجوي السوري المزدحم على نحو متزايد، ولكن بعد ثلاثة أشهر تقريبا ما الفارق الذي صنعته؟
في غضون ساعات، بعد انتخابات ديسمبر/ كانون الأول، أقلعت 4 قاذفات تورنادو بريطانية من قبرص، وشنت سلسلة من الهجمات ضد أهداف داعش. خريطة القرار الديمقراطي، الذي أعقبته ضربات عسكرية، بدا أنها للدلالة على أن بريطانيا مستعدة لتصعيد مشاركتها بصورة كبيرة في الحرب ضد داعش. وبعد بضعة أيام، قصفت أربع طائرات بريطانية إضافية أهدافا في سوريا، فيما وصفه وزير الدفاع مايكل فالون، بأنه "القوة الكاملة لسلاح الجو الملكي البريطاني". وهؤلاء المؤيدون لتوسيع نطاق الغارات الجوية، قالوا إن بريطانيا عرضت قيمة مضافة فريدة إلى التحالف، لا سيما فيما يتعلق بالقدرة على نشر صواريخ بريمستون الموجهة بدقة.
ولكن، بعد سلسلة من طلبات "حرية المعلومات" تقدم بها (موقع) "هافينغتون بوست"، كانت الحكومة ملزمة بالإجابة عليها، ظهر أن 4 هجمات فقط لطائرات المملكة المتحدة، قد أصابت فعلا مقاتلي داعش، وهو كثير للقوة الكاملة للقوات الجوية البريطانية.
بينما قال وزير الدفاع البريطاني، إنهم يركزون على مهاجمة البنية التحتية النفطية لداعش وعائداته، يبدو أن هناك انفصالًا واضحا بين الخطاب وواقع العمليات البريطانية ضد داعش. وهكذا كانت الطبيعة رفيعة المستوى للنقاش- مع اتهامات "دعاة الحرب"، وبينهم "مهدئون فاشيون"، يقولون بحرية إن الحساسيات السياسية حول سقوط ضحايا من المدنيين، وائتلاف يهيمن عليه الأمريكيون، قد همشت النفوذ البريطاني.
رئيس (النظام السوري بشار) الأسد، رد على الأنباء أن بريطانيا سوف تقصف داعش في سوريا، بالقول إنهم "ليس لديهم الإرادة، وليس لديهم رؤية حول كيفية هزيمة الإرهاب". أنا أعتقد أن قرار بريطانيا بالانضمام إلى التحالف، كان يرتبط أكثر بإظهار الالتزام لحلفائها، بدلا من إضافة أي شيء خاص إلى ساحة المعركة. داعش، بشكل غير مفاجئ، كان حريصا على الحد من تعرضه لهجمات جوية عن طريق إخفاء دباباتهم، وسياراتهم تحت الجسور أو قريبة قدر الإمكان من سكان مدنيين. خلافا للروس، الذين يظهر أنهم سعداء بقصف مناطق يتواجد فيها مدنيون، الانقسامات في بريطانيا تعني أنهم غير مستعدين للمجازفة.
وبالنظر إلى الأسباب السياسية التكتيكية، التي حدت من تأثير بريطانيا في المجال العسكري للصراع في سوريا، فإن حجتهم لقيادة الاستجابة بالمساعدات هي أعظم.
بريطانيا تلقي بثقلها بعد أن قادت الاستجابة الأوروبية من حيث تمويل الدعم لسكان سوريا النازحين. وبالنظر إلى حجم التداعيات الإنسانية للحرب، مع نزوح واحد تقريبا من بين كل اثنين سوريين من منازلهم، فإن القيادة في هذا النموذج "الأسهل" من الاستجابة أمر حيوي. محادثات جدية للغاية تجري بشأن قضايا تتراوح بين المساعدات عبر الحدود دون موافقة النظام، والممرات الإنسانية والملاذات الآمنة وحتى اقتراح إنزال المساعدات جوا إلى المجتمعات المحاصرة.
الدبلوماسية البريطانية، أموال المساعدات والصدارة في التخفيف من تداعيات حرب سوريا المدمرة، ليست فقط الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، لكنها توفر أيضا فرصة للبلاد لخلق دور فريد لنفسها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة