السراج يهدر ثروات الليبيين بالخارج في استثمارات "وهمية"
فساد "حكومة الوفاق" غير الشرعية بطرابلس شمل كافة القطاعات الليبية المسيطرة عليها،وسط إفلات من العقاب في ظل سيطرة المليشيات المسلحة.
وكشفت النيابة العامة في ليبيا، الأحد، عن هدر أكثر من 800 مليون دولار في استثمارات غير مدرجة في الخارج"وهمية".
وأكد رئيس التحقيقات في مكتب النائب العام الصديق الصور، وجود قضايا لدى المدعي العام الهولندي والسويسري وشركة ديلويت بخصوص المؤسسة الليبية للاستثمار، (الصندوق السيادي الليبي) التي تستثمر أكثر من 65 مليار دولار بالخارج، مشيرًا إلى وجود تعاون مع شركات دولية للمساعدة في التحقيق حول إهدار المال العام.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، استدعى رئيس ما يعرف بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نعمان الشيخ، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار لاستبيان بعض التجاوزات .
وتعرضت المؤسسة الليبية للاستثمار للنهب والفساد جراء تدخل الميليشيات المسلحة المتحكمة في العاصمة طرابلس، من خلال التعيينات التي تفرض بالقوّة، وفقا لما كشفه تقرير أممي حول ليبيا، في سبتمبر/ أيلول 2018.
وأوضح فريق الخبراء المعني بليبيا في الأمم المتحدة، وجود انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان واختلاسات مالية ضخمة، بسبب تزايد تأثير المجموعات المسلحة على مؤسسات الدولة الليبية في إطار سعيها إلى تعزيز مصالحها المالية ونفوذها.
وكشف التقرير، عن تدخل ميليشيا النواصي الإرهابية في أنشطة المؤسسة الليبية للاستثمار، التي أجبرت على تعيين أحد مرشحي الكتيبة في المؤسسة، بينما فرضت ميلشيا "ثوار طرابلس" نقل مقر المؤسسة إلى مناطق نفوذها.
وفي أواخر 2018، أكدت وسائل إعلام بلجيكية، سحب مبالغ من فوائد الأموال الليبية المجمّدة في بلجيكا، ورغم نفي المؤسسة الليبية الأمر، إلا أنها عادت عقب ذلك للإقرار بأنها استلمت فوائد الأموال الليبية المجمدة في البنوك البلجيكية حتى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2017، لكنها اعترفت أنها لا تعلم مصير هذه الأموال والجهات التي استفادت منها.
تضارب بيانات المؤسسة الليبية للاستثمار، حسمه اعتراف الحكومة البلجيكية لأول مرة، في فبراير/ شباط 2019 بتصرفها في فوائد الأموال الليبية المجمدة ببنوكها، وتحويل جزء منها لتسديد مستحقات وديون شركات ومؤسسات بلجيكية عاملة في ليبيا، وهو اعتراف زاد من تأكيد فرضية سوء استخدامها في ليبيا أو اختلاسها.
واعترف وزير الداخلية بحكومة السراج فتحي باشا أغا أواخر أغسطس/آب الماضي بوجود فساد في جميع مؤسسات البلاد بما فيها وزارة الداخلية التي كان يشغلها، مطالبا بتشكيل لجنة كاملة من الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة ووزارة الداخلية ومكتب النائب العام لمراجعة جميع الملفات التي يوجد فيها قصور ويعاني منها الناس
وتظاهر الليبيون في 23 أغسطس/ آب الماضي، في العديد من المناطق في طرابلس والزاوية ومصراتة وزليتن، ومدن بغرب ليبيا اعتراضا على تردي الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي وانتشار الفساد والانفلات الأمني.
طرابلس.. مناخ مناسب للفساد
وحذر خبراء ليبيون في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، من خطورة انتشار الفساد في طرابلس، مشيرين إلى أن هناك عدم جدية في تنفيذ القرارات الصادرة بحق الفاسدين.
وأوضح الخبراء، أن الفساد يجد المناخ المناسب للانتشار في المنطقة الغربية، وسط حالة الإفلات من العقاب تعيشها المليشيات المسلحة التي تحتل العاصمة وتديرها بمساعدة الأتراك.
وتعد المؤسسة الليبية للاستثمار، الغطاء الذي يجمع جميع الاستثمارات الليبية بالخارج والداخل، وتقدر قيمة أصولها بنحو 68 مليار دولار بنهاية العام 2015، ويتبعها نحو 550 شركة وتشمل أرصدة نقدية مجمدة تشكل نحو 50% من قيمة الأصول والباقي موجود في شكل استثمارات طويلة الأمد في عدد من المؤسسات الليبية.
ويأتي 50% من هذه الاستثمارات في شكل صناديق ومحافظ استثمارية، أما النصف الآخر فتديره المؤسسة بنفسها وهو عبارة عن أرصدة نقدية وودائع لدي بنوك أجنبية واستثمارات في سندات وأدوات استثمارية ذات عوائد ثابتة.
وتوجه الاستثمارات والأموال الليبية في الخارج نحو قطاع العقارات والخدمات كالاتصالات والطاقة والمناجم، فحوالي 80% منها مستثمر في هذا القطاع، و9% في قطاع الصناعة، والباقي في قطاع الزراعة، إلى جانب الاستثمارات المختلفة بأسواق المال وسندات الخزانة.
وكان رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار السابق عبد المجيد بريش، حذر في تصريحات سابقة من أي رفع للتجميد عن أصول المؤسسة الليبية للاستثمار قد يعرض الأموال للخطر، مطالبًا بعدم العبث بالحسابات المجمدة، قبل أن يكون في ليبيا استقرار كامل.