فساد مليشيات السراج يغرق الليبيين
الفساد ينتشر وسط حالة الإفلات من العقاب تعيشها المليشيات المسلحة التي تحتل العاصمة طرابلس وتديرها بمساعدة أنقرة
نبه خبراء ليبيون إلى خطورة انتشار الفساد في طرابلس، مشيرين إلى أن هناك عدم جدية في تنفيذ القرارات الصادرة بحق الفاسدين.
وأوضح الخبراء، في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن الفساد يجد المناخ المناسب للانتشار في المنطقة الغربية، وسط حالة الإفلات من العقاب تعيشها المليشيات المسلحة التي تحتل العاصمة وتديرها بمساعدة الأتراك.
- لفساد السراج.. قطار كورونا يدهس الليبيين
- فساد حكومة السراج يتمدد.. مخالفات مالية في لجنة مكافحة كورونا
وأشار الخبراء الى أن هذه القرارات يأتي معظمها في إطار الابتزاز المتبادل بين الأجنحة المتصارعة في حكومة السراج في سباق نحو من يفوز بنسبة أكبر من أموال المواطنين الليبيين.
وكان ما يسمى بمدير النيابة الجزئية العسكرية التابع للسراج في طرابلس أيوب أمبيرش أمر، الأحد، مليشيا الردع بالقبض على رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نعمان الشيخ، لإخفائه التقرير الصادر عن لجنة الهيئة بشأن التجاوزات المالية بجهاز الطب العسكري ووزارة الصحة في حكومة الوفاق.
مليشيات طرابلس
يقول عبدالمنعم اليسير عضو المؤتمر الوطني السابق، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الليبي العام (2012 – 2014)، إن الفساد المستشري في ليبيا والفوضى السائدة، ناتجة عن الانفلات الأمني وسيطرة المليشيات وعدم قدرة الدولة على فرض القانون.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أكبر مصيبة تعاني منها ليبيا هي سيطرة جماعة الإخوان التي عززت تمكين القوات المسلحة والمؤسسة الأمنية وساهمت بقوة في تفتيت ما كان متبقيًا من أجهزة أمنية، لأنها تعلم أن الاستقرار سيضعها أمام المساءلة على جرائمها السابقة وعلى الفساد الذي نشرته في العاصمة.
مكافحة صورية للفساد
وأكد اليسير أن "كل ما نراه في طرابلس من القبض على أفراد ، يأتي تحت أساليب الخداع، لكي يظهر للشعب الليبي والمجتمع الدولي المراقب أن هناك مواجهة للفساد، لكن لا يتم القبض إلا على الشخص الضعيف، الذي تم استخدامه لأغراض أو تصفية حسابات بين عصابات، لكن المجرمين الحقيقيين لا يتم التوصل لهم".
وقال عضو المؤتمر الوطني السابق، إن بعض الموظفين يرون أن العمل مع هذه المنظومة ومع تلك المليشيات فرصة للثراء السريع، فالموظف البسيط الفاسد أصبح الآن ثريًا وقادرًا على شراء منزل في طرابلس في طريق قصر الأموال بمليوني دينار وأكثر نتيجة عمله مع تلك المليشيات.
الفاسدون يتصدرون المشهد
تصريحات اليسير، بشأن الفساد في ليبيا وافقه فيها عضو مجلس النواب، الدكتور علي التكبالي، إلا أنه أضاف أن هناك إصرارًا على بقاء الفاسدين في المشهد العام.
وأشار التكبالي إلى استحواذ جماعة الإخوان على المناصب وإبعادها كل من ينافسها عن المشهد، حتى لا ينكشف الفساد الذي استشرى في كل مؤسسات الدولة، مدللا على ذلك بطرد جميع من هم لا ينتمون إليها من المجلس الأعلى للدولة، ليظلوا هم المسيطرين.
وتساءل التكبالي، ساخرًا: كيف يقبض فاسد على فاسد؟، واستدرك قائلا: إن السرقات والفساد وكل شيء آخر انتشر في عهد السراج، وما نره الآن "رتوش لغسل الوجوه الفاسدة".
العاصمة طرابلس
الخبير المالي، رئيس سوق الأوراق المالية الليبي السابق، سليمان الشحومي، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الفساد استشرى في العاصمة طرابلس بشكل كبير، مؤكدًا أن الفساد وجد "المرتع الخصب" خاصة في حالة الحروب التي تعيشها ليبيا الآن.
وأشار إلى أن ليبيا تعيش مرحلة غير مستقرة، مشككًا في دوافع حملات كشف الفساد الآن، إلا أنه استدرك بقوله: أي محاولة لتقليص هذا الأخطبوط الخطير جدًا محمودة.
حملة السلاح
وقال إن الجهات الحكومية لا تتقيد كثيرًا بالقواعد المالية، في العطاءات وترسية العقود ، تحت ذريعة الظروف المحيطة الآن، والحرب الواقعة في ليبيا، مشيرًا إلى أنه رغم هذه التبريرات غير كافية لتوضيح أسباب هذه التصرفات، ما يجعلها تقع في مصيدة الفساد.
وأكد أن القوانين موجودة لمراقبة وتنظيم الإنفاق العام، لكن ينقصها الاستقرار السياسي والاقتصادي والمؤسساتي الذي يضمن أن يعمل القانون بشكل طبيعي، دون وجود ضغط أو إرهاب من حملة السلاح التي تؤثر على دور الجهات المسؤولة في ليبيا.
كما شكك محمد خليفة العكروت سفير ليبيا الأسبق لدى سلطنة عمان والبحرين، في حملات الاعتقال المزعومة للفاسدين في ليبيا، قائلا: عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "دائما أخشى العمل غير المنظم وغير الشامل والعمل على عجالة.
وأضاف" الفساد ينخر البلاد منذ سنوات، الفاسدون بالمئات،أعضاء مجالس، وزراء ،وكلاء ،مدراء بنوك،رؤساء مؤسسات وشركات،فاسدون في الجمارك والمستشفيات والجامعات، أينما تولّي وجهك ستجدهم. وفق قوله.
واعترف وزير الداخلية بحكومة السراج فتحي باشا أغا أواخر أغسطس/آب الماضي بوجود فساد في جميع مؤسسات البلاد بما فيها وزارة الداخلية التي كان يشغلها، مطالبا بتشكيل لجنة كاملة من الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة ووزارة الداخلية ومكتب النائب العام لمراجعة جميع الملفات التي يوجد فيها قصور ويعاني منها الناس
وتظاهر الليبيون في 23 أغسطس/ آب الماضي، في العديد من المناطق في طرابلس والزاوية ومصراتة وزليتن، ومدن بغرب ليبيا اعتراضا على تردي الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي وانتشار الفساد والانفلات الأمني.