عندما تلملم صحف كبرى "أوراقها"
تظل ارتفاع التكلفة المادية، وارتفاع مديونيات المؤسسات الصحفية، وتراجع معدلات التوزيع، أبرز الدوافع لاختفاء الصحف الورقية تدريجيًا
في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، عندما قررت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية إيقاف نسختها الورقية نهائيًّا، لتسدل الستار عن 100 عام من الصدور الورقي، ليبدأ نجم الصحف الورقية في الأفول، تمهيدًا لازدهار حقبة الصحف والمواقع الإلكترونية.
ورغم تعدد أسباب التحول من النشر الورقي إلى الإلكتروني، لكن تظل ارتفاع التكلفة المادية، وارتفاع مديونيات المؤسسات الصحفية، وتراجع معدلات التوزيع، فضلًا عن تسارع الأحداث، أحد أبرز الدوافع لاختفاء الصحف الورقية تدريجيًّا من الأسواق.
وجاء قرار صحيفة "المونيتور" ليفتح الباب أمام العديد من صحف العالم، حيث توقفت في مارس/آذار 2009 صحيفة "ذي لندن بيبير" المسائية المجانية عن الصدور بعد 3 سنوات من انطلاقها وتوزيعها نصف مليون نسخة يوميًّا في لندن.
وفي أغسطس/آب 2009 قررت صحيفة "واشنطن بوست" الأسبوعية التوقف عن الصدور، بعد تراجع توزيعها، فضلًا عن تقليص عدد موظفي الإصدار الأساسي.
وتوقفت مجلة "يو إس نيوز أند ريبورت" عن الإصدار، في نوفمبر/تشرين الثاني 2010، وهو الإصدار الورقي الذي كان يحتل المركز الثالث في أمريكا من حيث الانتشار، بالإضافة إلى اختفاء مئات الصحف المحلية الأمريكية، عن الوجود نهائيًّا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011 قررت صحيفة "فرانس سوار" الفرنسية التوقف عن الصدور الإلكتروني، والاكتفاء بالنسخة الإلكترونية.
وفي صبيحة يوم 25 من ديسمبر/كانون الأول لعام 2012، خرجت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، بغلاف يحمل عنوان "#Last Print Issue" أي الإصدار المطبوع الأخير، لتعلن وقف صدورها ورقيًّا، بعد 79 عامًا من إصدار طبعتها الأولى.
وبعدها بـ4 أعوام، وتحديدًا في 26 مارس/آذار 2016، أعلنت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، التوقف عن الصدور الورقي، والاكتفاء بالنشر الإلكتروني، بعد أن غرقت في الديون.
وفي الشهر نفسه، قررت صحيفة "الباييس" الإسبانية وقف نسختها المطبوعة والاكتفاء بالموقع الإلكتروني، على الرغم من ارتفاع معدلات توزيعها، لكن رئيس تحرير الصحيفة الإسبانية قال إن القرار جاء لمواكبة الاتجاه العالمي، نظرًا لضغط تنامي استخدام الإنترنت.
وفي مصر، جاءت أولى قرارات التحول إلى النشر الإلكتروني، من نصيب جريدة "البديل" التي توقفت في عام 2010، تم أعادت الإصدار الورقي من جديد بشكل أسبوعي في يناير/كانون الثاني 2014، إلى أن توقفت مرة أخرى في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
ولحق بـ"البديل"، جريدة "التحرير" التي صدرت بعد ثورة 25 من يناير/كانون الثاني، مع إبراهيم عيسى؛ حيث تفاقمت أزمتها المالية، إلى أن وقفت الإصدار الورقي رسميًّا، بداية من 1 سبتمبر/أيلول 2015.
وعربيًّا تحولت مجلة "الأسبوع العربي" في 2013 إلى النسخة الإلكترونية، بعد ما يزيد عن 55 عامًا من الصدور الورقي، وسبقتها مجلة "الآداب" اللبنانية في عام 2012، حيث أصبحت تصدر إلكترونيًّا فقط، بعد 61 عامًا من النشر الورقي.
وأخيرًا، جاءت صحيفتا "النهار" و"السفير" اللبنانيتان، لتعلنا في 16 مارس/آذار 2016، التحول إلى النسخة الإلكترونية، وبدأت صحيفة "اللواء" التمهيد لاتخاذ هذا القرار أيضًا، بعد أن أبلغت موظفيها، بفتح باب الاستقالات، نتيجة اتخاذ قرارات تقشف لمواجهة الأزمات المالية التي تعاني منها.
ويبدو أن الصحف الورقية لم تستطِع أن تصمد أمام الضغط الإلكتروني، مما يشير إلى أن القائمة السابقة، لن تنتهي، بل من المتوقع أن تلحق بها العديد من الصحف الورقية العريقة، نتيجة الأزمات المالية، وارتفاع تكاليف الطباعة.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjI0IA== جزيرة ام اند امز