شجب وتنديد واستنكار وغضب ومظاهرات احتجاجية وشتائم وهتافات الموت لأمريكا وحرق أعلام ومؤتمرات صحفية وتجيش النفوس.
مضت أيام على إعلان ما سمي بصفقة القرن من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولم يتغير شيء في الأساليب العربية ووسائل المواجهة والتعبير عن الرأي والموقف والحوار على مختلف الأوساط.
وعدم إدراك المخاطر والأسباب ووسائل المواجهة ووضع صيغة بديلة تثبت الحقوق وتمنع المضي في الخطة.
ورغم موجة التشاؤم من انعكاسات الصفقة على جميع الأوضاع العربية، فإن هناك مؤشرات تدعو للتفاؤل بحدوث تطورات تعيد المسار إلى طريقه الصحيح وتؤكد الاعتراف بالحق والشرعية، أي بمعنى آخر أن ما جرى قد يكون بداية لإعادة فتح الملفات وتكريس مبادئ الشرعية الدولية.
شجب وتنديد واستنكار وغضب ومظاهرات احتجاجية وشتائم وهتافات الموت لأمريكا وحرق أعلام ومؤتمرات صحفية وتجيش النفوس ثم سرعان ما تتلاشى الضجة ويعود كل إنسان إلى مقعده الدائم، بعد أن أدى قسطه للعلى وكأن شيئاً لم يكن.
هذه المواقف المؤسفة أدت إلى استهتار العالم بالعرب وقضاياهم، أولها قضية فلسطين منذ أن بدأت التنازلات المتدرجة خلال ٧٢عاماً من الذل والهوان.
واللافت للنظر أن ردات الفعل العربية كانت أهدأ بكثير من المطلوب وأقل من حجم الأخطار الناجمة عن الصفقة، كما أن الملاحظ أن الإعلان تم في احتفال كوميدي ورخيص مدعوماً بفرقة تصفيق لم يحدث مثله في التاريخ؛ خاصة في مناسبة بحجم تفاصيلها وتداعياتها وانعكاساتها على القضية الفلسطينية والعالم العربي برمته.
ويبدو أن واصغي الخطة لجأوا إلى أسلوب متدرج لتسهيل هضمها وتعويد العرب وأصحاب القضية على المنطق الأعوج.
وكان الحديث عن الصفقة يتردد أكثر من عامين إلى أن جاء الوقت المناسب لترامب وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأول لإرضاء اللوبي الصهويني ولوبي الجماعات الدينية المسحية المتطرفة قبل الانتخابات الرئاسية.
أما نتنياهو فهو بدوره محشور في أوضاع دقيقة أولها فشله في تأمين أغلبية وسعيه لتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات الأخيرة، وسعيه للفوز في الانتخابات المقبلة، إضافة إلى إجراءات محاكمته وإدانته بتهم الفساد والرشوة مع احتمال الحكم عليه بالسجن.
والآن بعد الذي جرى فإن العنف لا يفيد ولا المواقف المترددة ولا حتى تأجيج الغضب من قبل من يدعي أنه قادر على محو إسرائيل والتلويح بأسلحة قادرة على التدمير، كما أن العودة إلى العمليات الفردية ستؤدي إلى نتائج عكسية تصب في صالح إسرائيل وتعيد موجة اتهامات الفلسطينيين بالإرهاب.
العقل هو البديل وأي تحرك لايستند إليه سيؤدي إلى الفشل، ولهذا لابد من وضع خطة بديلة تبدأ بجمع وثائق الأمم المتحدة عن حقوق الفلسطينيين في أرضهم ودولتهم المستقلة، والدعوة لعقد اجتماع عاجل للجمعية العامة للأمم المتحدة، لأن مجلس الأمن لا جدوى منه في ظل الفيتو الأمريكي.
وقبل ذلك لا بد من خطوات فلسطينية أولية تبدأ بتحقيق المصالحة بين الفلسطينيين وإعادة توحيد الصفقة الغربية وقطاع غزة ومن ثم الإعلان عن التخلي عن اتفاقات أوسلو، والتأكيد على المطالبة بتحرير جميع الأراضي المحتله عام ١٩٦٧ وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وبعد ذلك لا بد من قيام السلطة الوطنية باتصالات لعقد مؤتمر قمة يتناول المستجدات ووسائل المواجهة، مع التأكيد على المشروع العربي للسلام.
والخطوة التالية تكون بإجراء اتصالات عاجلة بدول العالم والدول الأوروبية وأعضاء مجلس الأمن بوجه خاص بتأمين مواقف حاسمة بالنسبة للصفقة ووسائل تحقيق السلام.
ورغم موجة التشاؤم من انعكاسات الصفقة على جميع الأوضاع العربية، فإن هناك مؤشرات تدعو للتفاؤل بحدوث تطورات تعيد المسار إلى طريقه الصحيح، وتؤكد الاعتراف بالحق والشرعية، أي بمعنى آخر أن ما جرى قد يكون بداية لإعادة فتح الملفات وتكريس مبادئ الشرعية الدولية مع بداية جديدة للقضية الفلسطينية، لا نهاية مستحيلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة