محاكمة ترامب هي المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يحاكم فيها رئيس أمريكي خلال ولايته الأولى
صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح تبرئة الرئيس دونالد ترامب من تهمتي مجلس النواب بأنه أساء استخدام صلاحياته الدستورية وعرقل تحقيقات مجلس النواب بهذا الشأن، وبذلك تخطى ترامب أقوى تحدٍّ قانوني وسياسي واجهه خلال رئاسته.
ترامب خرج من محاكمة عزله منتصراً، وأقوى مما كان عليه قبلها، ونجح في أن يرسّخ عند غالبية الأمريكيين السرد القائل إنه ضحية مؤامرة ديمقراطية بدأت لحظة إعلانه عن ترشيح نفسه لمنصب الرئاسة في 2015، وإن هذه المؤامرة شملت تحقيقات "مولر" بشأن التدخل الروسي في الانتخابات لصالحه
محاكمة ترامب هي المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يحاكم فيها رئيس أمريكي خلال ولايته الأولى، وهو يخوض معركة إعادة انتخابه. الرئيس أندرو جونسون الذي حوكم في 1868 والذي لم يعزله مجلس الشيوخ بصوت واحد كان في ولايته الثانية، كذلك كان الرئيس بيل كلينتون في ولايته الثانية حين رفض مجلس الشيوخ عزله في 1999.
قرار مجلس الشيوخ هذا أنهى أشهرا طويلة من المداولات والمناورات السياسية والتكهنات الإعلامية، وأفشل محاولات الحزب الديمقراطي تأكيد التهم الموجهة للرئيس ترامب بأنه أساء استخدام صلاحياته، حين علق تسليم صفقة أسلحة لأوكرانيا إلى حين فتح تحقيق قضائي ضد نائب الرئيس السابق جو بايدن ونجله، وكذلك عرقلة تحقيقات الكونجرس بهذا الشأن. أُسدل الستار عن محاكمة ترامب "التاريخية" بهزيمة الديمقراطيين، ولكن تبعاتها من الناحية الدستورية ستبقى، حيث يشكل فشل عزل ترامب سابقة لجهود الكونجرس المستقبلية لمحاولة إقالة الرئيس، بصرف النظر عن الأسس القانونية، واعتبارها بمثابة تقويض جوهري لشرعية ممارسة إجراءات العزل كأداة دستورية، ومن ثمَّ يتأكد مرة أخرى نجاح ترامب في تجنب المساءلة عن أفعاله بشكل غير متوقع في السياسة الأمريكية.
ترامب خرج من محاكمة عزله منتصراً، وأقوى مما كان عليه قبلها. ونجح في أن يرسّخ عند غالبية الأمريكيين السرد القائل إنه ضحية مؤامرة ديمقراطية بدأت لحظة إعلانه عن ترشيح نفسه لمنصب الرئاسة في 2015، وأن هذه المؤامرة شملت تحقيقات "مولر" بشأن التدخل الروسي في الانتخابات لصالحه، وكيف أن محاكمته هي استمرار لهذه المؤامرة، وكيف أن الديمقراطيين يسعون إلى عزله لأسباب سياسية وليست قانونية، ومن ثمَّ تبدو عملية العزل انتهازية ومضللة وغير موثوق بها على نطاق واسع من قبل الناخبين.
ولذلك لم تؤثر المحاكمة على شعبيته كما كان يؤمّل الديمقراطيون، بل عزّزت من حظوظه للفوز بولاية ثانية في نوفمبر المقبل. هذا غير أن هناك تخبطا وانقساما بين اليسار والمعتدلين داخل الحزب الديمقراطي، مما يجعل من هزيمة ترامب في الانتخابات المقبلة أمراً صعباً، بل مستحيلاً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة