بعد منح الثقة لحكومة الدبيبة.. هل انتصرت الإرادة العربية في ليبيا؟
لاقت الحكومة الليبية الجديدة ترحيبا عربيا وأفريقيا ودوليا، بالقدر الذي تمثله الأزمة الليبية من أهمية لدى الدول المعنية بها.
وكشف الترحيب الذي قوبلت به الحكومة الليبية بعد سويعات من نيلها الثقة، الأهمية التي توليها تلك الدول للاستقرار في الدولة التي أحدثت أزمتها فوضى أمنية غير مسبوقة، وانتشارا للسلاح.
وفازت الحكومة الليبية الجديدة بثقة البرلمان الليبي، بعدد أصوات 132 نائبًا مؤيدًا لها، فيما تؤدي اليمين الدستورية الإثنين المقبل، في مقر مجلس النواب الليبي ببنغازي.
إنهاء الصراع
ويرى الأكاديمي والسياسي الليبي الدكتور أحمد العبود أن المجتمع الدولي ودول الجوار الليبي، على وجه الخصوص، رحبت بمؤتمر برلين وبكل المسارات الأممية والعربية المصاحبة من أجل إنهاء حالة الصراع الممتد في ليبيا لعقد من الزمن.
بيان أمريكي أوروبي مشترك يطالب بخروج المرتزقة من ليبيا
وأوضح السياسي الليبي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن استقرار ليبيا هو استقرار لمحيطها ولجوارها القريب والبعيد، مؤكدًا أن ما أنجز اليوم بكل تأكيد هو انتصار للجهد الأممي الذي تقوده البعثة الأممية في ليبيا وللدول العربية المنخرطة في مسارات التسوية السياسية.
صفر مشاكل
وقال إن حكومة دبيبة عليها انتهاج سياسة "صفر مشاكل" داخليا وخارجيا مع محيطها العربي والإقليمي.
وبحسب "العبود"، فإن على الحكومة الجديدة إنهاء مراحل الفشل في السياسة الخارجية التي ارتبطت بالمراحل الانتقالية المتعاقبة السابقة، وتأسيس مرحلة جديدة تتصدى فيها للقضايا المؤجلة كالمصالحة الوطنية.
ورحبت دول أوروبية وعربية وغربية، بمنح الثقة للحكومة الليبية الجديدة، مشددة على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في ديسمبر المقبل.
أول مطلب أمريكي من رئيس الحكومة الليبية الجديدة
كما أشادت جامعة الدول العربية بـ"التوافق العريض" على الحكومة الجديدة، داعية إلى أهمية توحيد جهود المجتمع الدولي في هذه اللحظة الدقيقة خلف هذه المسيرة الليبية والوطنية الخالصة، وتحت رعاية الأمم المتحدة، بغية إنجاح عملية الانتقال المهمة التي تمر بها ليبيا وإنهاء حالة الانقسام التي عانت منها طيلة الأعوام السابقة.
وباركت الإمارات قرار مجلس النواب الليبي بمنح الثقة لحكومة دبيبة، كما أعربت مصر عن تطلعها للعمل مع الحكومة الجديدة، ودعم جهودها للوفاء بالتزاماتها المقررة وفقاً لخارطة الطريق للحل السياسي.
وسعت الإمارات ومصر إلى الدفع بليبيا إلى مسار التسوية السياسية، فباركت أبوظبي مسار برلين وحشدت دول العالم لتأييده ودعمه، فيما سعت القاهرة إلى استضافة الفرقاء الليبيين وتبنت مبادرة "إعلان القاهرة" التي رسمت خطوطا عريضة للحل في ليبيا، كان منح حكومة دبيبة أحد فصولها.
مخاض عسير
بدوره، يعتقد المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي أن الترحيب العربي ودول الجوار الليبي بنيل حكومة عبدالحميد دبيبة الثقة، بعد مخاض عسير، يكشف بوضوح مدى أهمية الأزمة الليبية.
وقال "المسلاتي" في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن كل المبادرات العربية سواء من الإمارات أو مصر، هي التي أسفرت عن هذا الإنجاز.
بعد نيل الثقة.. ماذا تنتظر ليبيا من "الدبيبة" الآن؟
وأضاف أنَّ إعلان حكومة جديدة في ليبيا جاء وفقًا لنتائج مسار برلين الذي مثل العمود الفقري لعدة مبادرات سياسية واقتصادية وأمنية ما زالت تتفاعل في ليبيا، معتبرًا أن نجاح السلطة الجديدة مرتبط بمدى التزامها بنتائج المسارات السياسية.
تحديات جمّة
وأكد المحلل السياسي الليبي أن هناك تحديات عدّة تواجه حكومة الوحدة الوطنية، لعل أبرزها التحدي الأمني والعسكري والذي يتمثل في التطبيق الكامل لوقف إطلاق النار الدائم الموقع في جنيف في 23 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
ولفت إلى أنه إذا ما نجحت الحكومة الجديدة والمجلس الرئاسي في تطبيق هذا الاتفاق بشكل حقيقي، فإن نجاحا كبيرا ينتظرها في المجال الأمني، وهو ما يهيئ الطريق ويفتحها على مصراعيه أمام استقرار كامل في ليبيا يقود إلى الانتخابات المقررة أواخر العام الجاري.
سر الترحيب
من جانبه، بيّن المحلل السياسي الليبي حسين مفتاح أن الترحيب العربي والدولي بنيل حكومة الدبيبة الثقة، يأتي لما تمثله هذه الخطوة من إعادة الاستقرار إلى ليبيا ومؤسساتها.
وأشار "مفتاح" إلى أن إخراج أو طرد القوات الأجنبية الموجودة في البلاد، أو تفكيك المليشيات وجمع السلاح، وتوحيد مؤسسة الجيش تعد من التحديات الكبرى الحقيقية التي تواجه الحكومة وتستدعي دعمًا عربيًا ودوليًا لإنهائها.
خبراء ليبيون: الإخوان أبرز عقبة أمام حكومة الدبيبة
وهذا ما ذهب إليه المحلل السياسي الليبي عثمان بركة، بأن منح الثقة لحكومة الدبيبة يعد انتصارًا وتتويجًا للإرادة العربية التي انخرطت في مسار الأزمة الليبية، محاولة وضع حد لمعاناة مواطنيها.
وأوضح المحلل السياسي الليبي أن استقرار ليبيا يعني الكثير داخليًا وخارجيًا، فبعودة البلاد إلى الاستقرار يعود الأمن للمواطن وللمستثمر، ما يجعل عجلة الاقتصاد تدور من جديد.
أزمة أمنية
"الأزمة الليبية هيّ أزمة أمنية في الأساس"، بحسب المحلل السياسي الليبي فرج ياسين، الذي أوضح أن الانفراجة في ليبيا ستضع حدًا للمليشيات والجماعات المتطرفة، والتدخلات التركية التي طالما انتقدتها الدول العربية.
وأكد ياسين، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن المليشيات المسلحة التي ذاقت طعم السلطة والمال، سيجعلها تستميت لعدم التنازل عنها، ما يستدعي تدخلا دوليًا وأمميًا لنزع سلاح هذه المليشيات.
التوازن في العلاقات
وأشار الطاهر الطيب المحلل السياسي الليبي إلى أن حكومة الوحدة الوطنية هي نتاج لكل المبادرات الدولية من برلين إلى القاهرة، والتي كانت مكملة لمبادرة المستشار عقيلة صالح، والتي بنيت كلها على أساس التوزيع العادل بين أقاليم ليبيا التاريخية الثلاثة.
الجيش الليبي: لا مجال لإعادة تجربة حكومة المليشيات
وأكد الطاهر الطيب، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الحكومة والسلطة التنفيذية الجديدة جاءت تعبيرًا عن تلك المبادرات، وترجمة لطموح الليبيين.
وطالب المحلل السياسي الليبي الحكومة الجديدة بالعمل بالمبدأ الذي انتخبت على أساسه، لتستطيع فرض سلطتها داخليا وكسب الاحترام الدولي، مناشدًا إياها بضرورة ألا تكون متحيزة لأي إقليم أو مدينة، وأن توازن في علاقاتها الدولية والإقليمية.