من عبدالله الأول إلى عبدالله الثاني.. تستمر المسيرة رغم التحديات
في مثل هذا اليوم قبل قرن، كان تأسيس الأردن على يد الملك عبدالله الأول بن الحسين واليوم يكمل الملك عبدالله الثاني مسيرة البناء والتطوير.
مسيرة عمرها 100 عام، بدأها المؤسس، متجاوزا التحديات التي واجهها تلك المرحلة، وعلى رأسها الأطماع الاستعمارية، إلى أن نجح في 11 إبريل/ نيسان 1921، بتشكيل أول حكومة أردنية ، وإعلان تأسيس الدولة.
وتابع مسيرة العمل والبناء والكفاح رغم صعوبة التحديات والظروف إلى أن تحولت إمارة شرق الأردن إلى المملكة الأردنية الهاشمية وكان الاستقلال عام 1946.
واليوم بعد 100 عام من تأسيس الدولة، يواصل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مسيرة المؤسس، وهو يقود بلاده نحو مئوية جديدة، متسلحا بدعم شعبي ودولي، والتفاف أردني خلف قيادته، ليكمل مسيرة البناء والتطوير.
دعم شعبي ودولي ظهر بشكل جلي، خلال أحداث الفتنة التي شهدتها الأردن خلال الأيام الماضية، وعبر فيها الأردنيون ومعهم العالم عن دعم وتأييد إجراءات الأردن لحفظ أمنه واستقراره.
وشهد الأردن أحداثا غير مسبوقة على مدار الأيام الماضية؛ في ظل الحديث عن مؤامرة تستهدف أمن واستقرار البلاد تورط فيها الأمير حمزة بن الحسين ولي العهد السابق الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني.
وأسدل الستار على الأزمة مساء الإثنين الماضي عندما أعلن الديوان الملكي توقيع الأمير حمزة على رسالة تنهي الإشكال غير المسبوق في الأسرة الحاكمة، وذلك بعد اجتماع أسري ضم الأمير الحسن والأمراء هاشم بن الحسين، وطلال بن محمد، وغازي بن محمد، وراشد بن الحسن إضافة للأمير حمزة نفسه.
وتتشابه شخصية العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع جده الملك عبدالله الأول في تمتع كل منهما بالخبرة السياسية والقدرة الفائقة على اجتياز الأزمات، وهو ما يتضح جليا عند استعراض سِّير كلا منهما.
الملك عبدالله الأول.. مؤسس الأردن
وُلد الملك عبدالله الأول، في مكة المكرمة، في 4 إبريل/ نيسان 1882، وهو نجل الحسين بن علي الهاشمي، الذي قاد الثورة العربية ضد الدولة العثمانية.
واهتمّ منذ طفولته بتاريخ القبائل، وتعرّف على أعراف البدو وعاداتهم وتقاليدهم، وتشبّع بثقافتهم، فكان لذلك أثره البالغ في شخصيته.
تلقّى عبدالله بن الحسين بن علي علومه في مكة وإسطنبول، فمنحته الأولى الإيمان العميق، ومركزية الوعي وحمْل طموحات المسلمين وآمالهم، وأعطته الثانية الحنكة والحكمة.
وتجسّدت في شخصيته الخبرة السياسية والقدرة الفائقة على اجتياز الأزمات والتدخل الحاسم، فقد كان أحد قادة الثورة العربية الكبرى عام 1916، وبعد أن أُعلن أخوه فيصل ملكاً على سوريا ظل عبدالله في صحبة والده في مكة، ولكن نهاية الحكومة العربية في دمشق بعد معركة ميسلون في 24 يوليو/ تموز 1920، دفعت به للقدوم إلى شرق الأردن في نوفمبر من العام نفسه لتبقى راية الثورة العربية مرفوعة، ولتأسيس قاعدة انطلاق لدعم الثوار العرب ضد الانتداب الفرنسي ولتحرير البلاد السورية.
ونجح عام 1921 في تأسيس إمارة شرق الأردن، رغم الأطماع الاستعمارية الموجودة آنذاك،وفي عهده تم الإعلان عن استقلال الأردن في 25 مايو/أيار 1946 تحت اسم "المملكة الأردنية الهاشمية"، وأصبح الملك المؤسس عبدالله (الأول) بن الحسين ملكاً دستورياً عليها.
وفي يوم الجمعة 20 يوليو/ تموز 1951، استُشهد الملك عبدالله المؤسس، بعد اغتياله على أرض القدس.
ترك الملك المؤسس عدداً من الآثار الأدبية والسياسية هي: "مذكراتي"، و"الأمالي السياسية"، و"من أنا"، و"بين الدر المنثور والمنظوم"، و"جواب السائل عن الخيل الأصائل"، جُمعت في كتاب "الآثار الكاملة".
الملك عبدالله الثاني.. قائد مسيرة التنمية
ولد عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني؛ في عمان، 30 يناير/كانون الثاني 1962، وهو الابن الأكبر للملك الحسين بن طلال والأميرة منى الحسين.
بدأ تعليمه الابتدائي في الكلية العلمية الإسلامية في عمان عام 1966م، لينتقل بعدها إلى مدرسة سانت إدموند في ساري بإنجلترا، ومن ثم إلى مدرسة إيجلبروك وأكاديمية ديرفيلد في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكمل دراسته الثانوية.
والتحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية بالمملكة المتحدة عام 1980، وتخرج برتبة ملازم ثان عام 1981، ثم التحق عام 1982 بجامعة أوكسفورد في مجال الدراسات الخاصة في شؤون الشرق الأوسط.
وفي العام 1985، التحق بدورة ضباط الدروع المتقدمة في فورت نوكس بولاية كنتاكي في الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل الملك عبدالله الثاني على درجة الماجستير في السياسة الدولية من جامعة جورج تاون عام 1989، بعد أن أتمّ برنامج بحث ودراسة متقدمة في الشؤون الدولية، ضمن برنامج الماجستير في شؤون الخدمة الخارجية.
هذه النوعية المتميزة من التعليم التي حظي بها الملك عبدالله الثاني، شكلت لديه الدافع القوي لتمكين أبناء وبنات شعبه من الحصول على تعليم متقدم وحديث، وقد عبر عن هذا بقوله: "طموحي هو أن يحظى كل أردني بأفضل نوعية من التعليم، فالإنسان الأردني ميزته الإبداع، وطريق الإبداع تبدأ بالتعليم".
الالتحاق بالقوات المسلحة
التحق الملك عبدالله الثاني بالقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، وبدأ قائدا لسرية في كتيبة الدبابات الملكية /17 في العام 1989، ثم قاد عام 1992 كتيبة المدرعات الملكية الثانية.
وفي عام 1993 أصبح برتبة عقيد في قيادة اللواء المدرع الأربعين، ومن ثم مساعداً لقائد القوات الخاصة الملكية الأردنية، ثم قائداً لها عام 1994 برتبة عميد، وأعاد تنظيم القوات الخاصة عام 1996 لتكون قيادة العمليات الخاصة، ورُقّي إلى رتبة لواء عام 1998.
كما تولى مهام نائب الملك عدة مرات أثناء سفر والده الراحل الملك الحسين، إلى خارج المملكة، وفي 24 يناير/كانون الثاني 1999، تم تعيينه آنذاك ولياً للعهد، وكان قد تولى ولاية العهد بموجب إرادة ملكية صدرت وفقاً للمادة 28 من الدستور يوم ولادته في 30 كانون الثاني 1962 وحتى الأول من أبريل/نيسان 1965.
واقترن الملك عبدالله الثاني بالملكة رانيا العبدالله 10 يونيو/حزيران 1993، ورزقا بنجلين هما الأمير الحسين الذي صدرت الإرادة الملكية السامية باختياره ولياً للعهد في 2 يوليو/تموز 2009، والأمير هاشم الذي ولد في 30 يناير/كانون الثاني 2005م، كما رزقا بابنتين هما الأميرة إيمان والأميرة سلمى.
تولي مقاليد الحكم
وتسلم الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، ملكاً للمملكة الأردنية في 7 فبراير/ شباط 1999م، ليعلن بقسمه أمام مجلس الأمة العهد الرابع للمملكة، التي كان تأسيسها قبل مئة عام على يد الملك عبدالله الأول ابن الحسين بن علي، ثم صاغ دستورها جده الملك طلال، وبنى المملكة ووطّد أركانها والده الملك الحسين.
وبدأ منذ اليوم الأول لتسلم سلطاته الدستورية، مرحلة جديدة في إدارة الدولة، وقيادة مسيرة التنمية الشاملة، التي تتطلب اتخاذ خطوات كبيرة وعديدة، من أجل التحديث والتطوير والتغيير.
وهو نهج يواصل القيام به حتى اليوم، وفي خطابه الذي افتتح به الدورة غير العادية لمجلس الأمة التاسع عشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، حدد خارطة الطريق للمرحلة المقبلة، وأسس التعامل مع أزمة جائحة كورونا، بشكل يسمح بتحويلها إلى فرص، خاصة في مجالات الصناعات الغذائية والدوائية والمعدات الطبية والزراعة.
ولأن ثروة الأردن الحقيقية بأبنائه، يقع الشباب الأردني في صُلب اهتمامات الملك، وتتمتع العلاقة بين الملك والشباب، بطابع خاص، وبصمة حقيقية، جعلت من غالبية الشباب تتخذ من الملك عبدالله الثاني في حكمته ونشاطه، قدوة لهم في التصميم على الإنجاز والعمل على جميع الأصعدة.
وعلى صعيد القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، يولي الملك، القائد الأعلى للقوات المسلحة، الجيش العربي والأجهزة الأمنية، جل اهتمامه، ويحرص على أن تكون هذه المؤسسات في الطليعة إعداداً وتدريباً وتأهيلاً، لتكون قادرة على حماية الوطن ومكتسباته والقيام بمهامها على أكمل وجه.
واليوم، يؤكد الأردن بحكمة قيادته ووعي شعبه الوفي، أنه يسير على درب واضح نحو المستقبل الأفضل، رغم ما يحيط به من تحديات.
وعلى الصعيد الخارجي، كرّس الملك جهوده الدؤوبة مع الدول الفاعلة للتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.
وعربياً، يحرص الملك عبدالله الثاني على التنسيق والتشاور المستمر مع أشقائه من القادة العرب لتعزيز العمل العربي المشترك، على المستويات كافة.
كما يحظى الأردن، بقيادة الملك عبدالله الثاني، بمكانة متميزة دوليا، نتيجة السياسات المعتدلة والرؤية الواقعية للملك إزاء القضايا الإقليمية والدولية، إلى جانب جهوده لتحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
aXA6IDMuMTM1LjIxNi4xOTYg
جزيرة ام اند امز