مؤتمر "علماء أفريقيا" في موريتانيا.. تأصيل لمفهوم التسامح
أعمال اليوم الثاني من المؤتمر شهدت تقديم جلسات حول عدة موضوعات أهمها "التطرف أسبابه وآليات معالجته"
تناولت فعاليات اليوم الثاني من مؤتمر "علماء أفريقيا" في موريتانيا، موضوع نشر قيم التسامح ومحاربة التطرف وشرح المفاهيم المتعلقة بالموضوع والتصدي للتأويلات المغلوطة للنصوص، إضافة إلى التأصيل الشرعي والعلمي للمواجهة المطلوبة لفكر التطرف والغلو، ونشر قيم التسامح والاعتدال والوسطية.
وشهدت أعمال اليوم الثاني من المؤتمر، الذي ينظمه منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، تقديم 3 جلسات حول عدة موضوعات؛ أهمها "التطرف أسبابه وآليات معالجته"، ثم المقاربات والاستراتيجيات الفعالة لمواجهة الظاهرة، ثم ما يسمى الإخلال المنهجي الذي يعني اجتزاء النصوص وإغفال السياقات والغفلة عن سنن الله عز وجل.
شرح المفاهيم
وألقى الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجمعات المسلمة، محاضرة تأطيرية للمؤتمر، ركزت على ضرورة شرح المفاهيم والتصدي لما يعرف بالإخلال، الذي يعني الإعراض عن الكليات وتغليب الجزئيات وفك الارتباط بين خطاب التكليف وخطاب الوضع وبين منظومة الأوامر والنواهي ومنظومة المصالح والمفاسد وإغفال السياقات والغفلة عن سنن الله عز وجل.
وأوضح أن العلماء هم السد المنيع ضد هذا الخطر بالتوعية بقواطع الشريعة والتربية على قيمها المركزية؛ قيم السلام والمحبة والخير، لافتاً إلى الحاجة الماسة إلى الشراكة بين الحكومات والعلماء والتفاهم مع الشباب للوقوف في وجه هذه المخاطر والتحديات.
واعتبر الشيخ عبدالله بن بيه أن واجب العلماء في كلّ عصر هو المحافظة على أمانة نصوص الكتاب والسنة وما بنى عليهما العلماء من الإجماع والقياس.
وذكر أنه على عاتق العلماء والنخبة الدينية تقع مسؤولية الوقوف في وجه خطاب التطرف والعنف، الذي يهدد الأوطان بترويجه للمفاهيم الخاطئة وقيم الصراع والمغالبة.
وبيّن أن المؤتمر يحظى بمشاركة مجموعة من خيرة علماء قارة أفريقيا وأرباب الدعوة والفكر، المضطلعين بأمانة التبليغ والمعنيين بواجب التّرشيد، لإبراز جهودهم وتنسيقها وتوحيد كلمتهم، للدّفاع عن الأوطان ولصيانة الأديان.
وأشار إلى أن الحديث عن السلم وأولويته والرد على التطرف موضوع يفرضه الواقع بإلحاحه الدائم المتجدِّد.
وخلص الشيخ عبدالله بن بيه في محاضرته إلى أن واجب الوَقت اليوم هو البَحث عن السَّلام ووقف الاحتراب، الذي أرهق الأوطان وأساء إلى الأديان، تلك هي المهمة التي ينبغي أن نضطلع بها جميعاً، تَأصيلاً وتوصيلاً، وأن تعقد من أجلها المؤتمرات وتطلق لها المبادرات، وأن تكون "دعوتنا دعوةً واحدةً لإحلال السلم محل الحرب والمحبة مكان الكراهية والوئام بدل الاختصام، وأن نبحث عن مسوغات السلام بدلاً من مبررات الفتن والحروب الجاهلية".
واختتم بالقول إنّ الحديث عن قيم السلام والمحبة في القارة الأفريقية ليس بدعاً من القول ولا بدعة من العمل، إذ لم تفتأ المجتمعات الأفريقية تقدّم النموذج الحيّ على الرواية الإسلامية الأصيلة من خلال عقدها الاجتماعي القائم على مبادئ التعايش والوئام، والمؤسس على التسامح والسماحة، عقد اجتماعي يحيل الاختلاف ائتلافاً والتنوع تعاوناً، ويرشح الحوار حلاً للخلاف، والصلح علاجاً للنزاع.
حرمة ترويع الآمنين
أما أبوبكر موري، مفتي ليبيريا، فأوضح خلال محاضرته أنَّ هناك تشابهاً بين الوضع الحالي والأوضاع قبيل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، "ولا ينفعنا إلا الرجوع إلى ما كنا عليه حين بعثته ونعلن حرباً على الظلم والعنف".
واستدل الشيخ يعقوب دكوري من جمهورية مالي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً"، مؤكداً حرمة مجرد الترويع، فما بالكم بقتل المسلمين بتأويلات مغلوطة.
وأشار إلى أن من أفضل طرق علاج التطرف، هو الالتزام بأن دين النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو دين الحنيفية السمحة والعمل به وبآثاره.
وقال بابا الأمين من علماء ساحل العاج إن المسائل الخلافية أو الاجتهادية لا تنكر باليد، بل بالحجة والمجادلة بالتي هي أحسن، فكيف تسفك دماء المسلمين بسبب المسائل الخلافية أو الاجتهادية.
جبهة موحدة لنشر التسامح والسلام
وأجمعت الخطابات الافتتاحية لأعمال مؤتمر "علماء أفريقيا" في موريتانيا، حول نشر قيم السلم والتسامح، على أهمية إبراز دور قادة الرأي والفكر، وإظهار الدين على حقيقته كقوة صانعة للسلام والمحبة، ومنع أي خلط قد يتدثر به خطاب التطرف التحريضي.
المؤتمر ينظمه منتدى تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية، برئاسة الشيخ عبدالله بن بيه، ومقره دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت رعاية الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وبحضور وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة.
وحظي المؤتمر، الذي يستمر لمدة يومين، بمشاركة واسعة من كبار العلماء والمرجعيات بالقارة الأفريقية، بالإضافة إلى شخصيات فكرية ومنظمات إسلامية دولية.
وقائع افتتاح الحدث شهدت تسلم الرئيس الموريتاني "موسوعة التسامح"، من الشيخ عبدالله بن بيه، التي تتضمن كل الأنشطة والفعاليات والمناسبات التي تعزز نشر ثقافة التسامح والسلم في العالم ونبذ فكر الغلو والتطرف.
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، أكد في خطاب افتتاح المؤتمر "أن المسؤولية الملقاة على عواتق العلماء في سياق ترسيخ ثقافة التسامح والاعتدال جسيمة وبالغة الأهمية"، معولا على مخرجات المؤتمر في "تأصيل ونشر هذه القيم وتفنيد دعوات الغلو والتفرقة".
وأكد الغزواني أن "السلم والاستقرار مطلبان أساسيان لا يتأتى بدونهما تحقيق المقاصد الشرعية الكبرى من حفظ للدين والعقل والنفس والمال، ولا يكون السلم والاستقرار إلا حيث تنتصر ثقافة التسامح والاعتدال على ثقافة التطرف والاقتتال".
ونوه الغزواني بدور العلماء "في مواجهة هذه الجماعات من خلال جهودهم الموفقة في رد من غرر بهم إلى جادة الصواب، وفي تحصين الشباب في وجه دعوات الغلو والتطرف والعنف".
aXA6IDE4LjIyNC42NS4xOTgg
جزيرة ام اند امز