لم يعد مقبولاً أن يرسم غيرنا خارطة منطقتنا أو يقرر وحده أمن أوطاننا.
منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في العام الماضي، إيقاف العمل بالاتفاق النووي مع إيران وخروج بلاده منه وبدء سياسة فرض العقوبات، فإن العقل السياسي العربي لم يخرج بفكرة «مبدعة أو خلاقة وعملية» للتعامل مع هذه المعضلة سوى ما جاء على لسان الشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجية الإمارات أمس الأول.
قال الشيخ عبدالله، في مؤتمره الصحفي مع وزير الخارجية الألماني:
"إن أي اتفاق مستقبلي مع إيران يجب أن يشمل دول المنطقة بحيث تكون طرفاً فيه".
وأضاف وزير الخارجية الإماراتي: إن أي اتفاق مستقبلي مع إيران يجب أن يشمل بالإضافة إلى الملف النووي وقف دعم إيران للإرهاب وبرامج الصواريخ الباليستية.
وما قاله الشيخ عبدالله هو عين الصواب، وهو ما كان يجب أن يكون منذ أن بدأت المفاوضات الماراثونية لحل أزمة عمرها 12 عاماً بين إيران ودول «5 + واحد» لمدة 18 شهراً في كل من جنيف ونيويورك ولوزان وفيينا.
ما قاله الشيخ عبدالله هو عين الصواب، وهو ما كان يجب أن يكون منذ أن بدأت المفاوضات الماراثونية لحل أزمة عمرها 12 عاماً بين إيران ودول «5 + واحد» لمدة 18 شهراً في كل من جنيف ونيويورك ولوزان وفيينا.
من الأخطاء الجوهرية في مفهوم هذه المفاوضات:
1- عدم حضور الطرف الأساسي الذي يشعر بالتهديد من إيران وهو الطرف العربي.
2- أن التفاوض دار -حصرياً- حول «احتمال» التخصيب النووي الإيراني وتجاهل «حقيقة» الصواريخ الباليستية الإيرانية.
3- أن يتم حصر مخاطر السياسة الخارجية في «نوعية سلاحها» وليس في «مضمون» أفكارها التوسعية تجاه جيرانها.
4- أن تتم مكافأة إيران على التزامها بعدم التخصيب دون ربط ذلك صراحة وبشكل مباشر وجازم لا يحتمل التأويل أو التلاعب بضرورة عدم التدخل في شؤون الغير واحترام سيادة جيرانها والتأكيد على حسن الجوار وعدم دعم أو تمويل أو تشجيع أي قوة تابعة لها ضد أنظمتها أو حكوماتها الوطنية.
هذا الاتفاق الذي وقع في 2 أبريل 2015 أعطى لإيران أنبوبة أكسجين للحياة وقدرة مالية ومساحة حركة وغطاءً سياسياً جعلتها تتوسع بقوة في العراق «الحشد الشعبي» وفي سوريا «الحرس الثوري» وفي اليمن «الحوثيين» تحت سمع وبصر الكبار الموقعين على الاتفاق.
دعوة الشيخ عبدالله بن زايد أساسية وجوهرية لضمان أن أي اتفاق جديد بين إيران والأمريكيين لن يكون -مرة أخرى- على حساب مستقبلنا وسيادتنا وأمننا.
لا يمكن أن يكون كل ما يطمح إليه الغرب من إيران هو عدم امتلاكها لسلاح نووي بينما أبحاثها وتجاربها اليومية في مجال الصواريخ الباليستية طويلة المدى القادرة على حمل مقذوفات نووية انشطارية تُجرى دون توقف، وذلك تم تأكيده بالاعتراف الرسمي العلني لقادتها العسكريين.
لا يمكن أن يكون دور العرب هو المتلقي السلبي الذي يجلس لا حول له ولا قوة ينتظر ماذا ستفعل له «ماما» أمريكا و«بابا» الأوروبي.
لقد خُدعنا قبل ذلك مرتين؛ الأولى عند توقيع الاتفاق، والأخرى حينما دعانا الرئيس «المتخاذل» باراك أوباما إلى قمة في كامب ديفيد ورفض رفضاً باتاً ربط الاتفاق أو تعديله أو عمل أي صيغة إضافية تربط بين فك العقوبات واحترام إيران لعلاقاتها مع جيرانها في المنطقة، لذلك لن نقبل بخذلان لثالث مرة.
لا يجب أن تفكر واشنطن أو أوروبا في أمنها وحدها، أو في حماية إسرائيل فقط من السلاح النووي الإيراني، لأن الأسلحة التقليدية والأفكار الشريرة أحياناً تكون أكثر تدميراً.
من هنا تأتي أهمية دعوة الشيخ عبدالله بن زايد إلى المشاركة في وضع خطوط وتفاصيل أي اتفاق جديد مع إيران.
لم يعد مقبولاً أن يرسم غيرنا خارطة منطقتنا أو يقرر وحده أمن أوطاننا.
المهم أن تصل رسالة الشيخ عبدالله إلى من بيديه الأمر.
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة