بيت العائلة الإبراهيمية.. منارة للتعايش تعزز الأخوة الإنسانية
يحتفل العالم بيوم الأخوة الإنسانية وسط ترقب لافتتاح بيت العائلة الإبراهيمية، الذي يجسد إيمان الإمارات بقيم التسامح والتعايش والأخوة.
ويعد "بيت العائلة الإبراهيمية"، الذي يجمع الديانات السماوية الرئيسية الثلاث، ترجمة على أرض الواقع لوثيقة "الأخوة الإنسانية" التي انطلقت من الإمارات قبل عامين، ويخلد العالم ذكرى توقيعها هذه الأيام في احتفالية دولية سنوية، يبدأ الاحتفال بها لأول مرة 4 فبراير/ شباط الجاري، بعد إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي هذا اليوم يوما عالميا للأخوة الإنسانية.
وفي ترجمة عملية للوثيقة وأهدافها، أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، بناء "بيت العائلة الإبراهيمية" في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، ليجسد حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في دولة الإمارات.
ولا يعد "بيت العائلة الإبراهيمية"، الذي يضم كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، مجرد مكان للتعبد فحسب، بل هو منارة للتفاهم المتبادل والتعايش بين أبناء الديانات، ووجهة للتعلم والحوار والتعارف، وواحة تجمع الإخوة في الإنسانية نحو مستقبل يسوده السلام والوئام والمحبة.
وجاء التصميم الفريد للمبنى، ليعبر عن تلك الأهداف، فالمبنى يحتضن 4 مبان منفصلة، هي: كنيسة، مسجد، كنيس، ومركز ثقافي، جاء تصميمها ليبرز القيم المشتركة بين الديانات السماوية الـ3، وتقع تلك المباني في حديقة بمثابة فضاء يعزز التواصل والتعايش تحت مظلة من الأمن والأمان في واحة الأخوة الإنسانية.
هذا النموذج الملهم للتعايش من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار وإغلاق الطريق أمام التنظيمات المتطرفة وأصحاب الفكر الإقصائي الذين يوظفون الدين لخدمة أجنداتهم.
ومن المقرر افتتاح البيت منتصف عام 2022، ليشكل مركزا لنشر التسامح الديني والتعايش المشترك ونشر قيم السلام، وليضاف لما تزخر به الإمارات من مآذن المساجد وأبراج الكنائس ودور عبادة، متجاورة ومتحدة دون اضطهاد على أساس الدين أو العقيدة.
وثيقة الأخوة الإنسانية
ويجسد "بيت العائلة الإبراهيمية"، ترجمة على أرض الواقع لوثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي 4 فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
وتؤسس وثيقة الأخوة الإنسانية دستورا جديدا للتعايش السلمي يجمع الشرق بالغرب، يتضمن عدداً من الثوابت والقيم، منها قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحرية الاعتقاد ونشر الأخلاق ومفهوم المواطنة.
وتُدشّن الوثيقة مرحلة جديدة من التعايش والتسامح بين أتباع الأديان، حيث دعا من خلالها الرمزان العالميّان جميع المؤمنين وغير المؤمنين إلى العيش المشترك، واحترام حُريّات الاعتقاد والتعبير والممارسة، وحَضّا البشر على تقدير التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس واللغة، فتلك حكمة لمشيئة إلهية.
وتؤكد الوثيقة في إحدى مبادئها على أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنها أن تسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية.
وتخليدا لذكرى الزيارة التاريخية المشتركة للرمزين الدينيين الكبيرين، لدولة الإمارات، وإطلاقهما من أبوظبي "وثيقة الأخوة الإنسانية"، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتخصيص مساحة أرض في جزيرة السعديات وتشييد معلم حضاري جديد يُطلق عليه اسم "بيت العائلة الإبراهيمية".
ويرمز المعلم الديني الفريد إلى حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في مجتمع دولة الإمارات.
كما أنه سيستقي نهجه من الوثيقة التاريخية التي وُقّعت في دولة الإمارات، التي تُبشر بعهد جديد للإنسانية، تتقارب فيه الشعوب والطوائف والأديان باختلافاتها وتنوعاتها.. وسيكون الصرح الجديد أحد المعالم البارزة على مستوى الإمارات والعالم.
تصميم يتحدث
ويعبر تصميم "بيت العائلة الإبراهيمية" عن أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية، فيضم كنيسة ومسجدا وكنيسا تحت سقف صرح واحد، ستتخذ في التصميم شكل 3 مبان منفصلة، سيخصص كل مبنى على حدة منها لعبادة ديانة سماوية في إطار مدخل منفصل من الحديقة الرئيسية للمجمع.
والمباني الثلاثة تتخذ شكل 3 مكعبات فوق مستوى مسطح، توجد قواسم مشتركة بينها (تعبر عن القيم المشتركة بين الأديان)، لكنها برغم ذلك ليست متراصة بل يتخذ كل منها توجها خاصا (لتعبر عن حرية المعتقد)، وتم إضفاء القداسة الدينية على التصميمات الداخلية من تكوينات صفوف الأعمدة والأستار والقباب (لتعبر عن الإيمان).
فيما كانت الحديقة التي تجمع المباني الـ3 هي المساحة الآمنة للتعايش والتفاهم بين أتباع الأديان الثلاثة، يحتفون فيها بتاريخهم المشترك وهويتهم الإنسانية.
كما سيضم البيت مبنى رابعا غير تابع لأي ديانة، سيكون بمثابة متحف ثقافي يجتمع فيه الأخوة في الإنسانية بمختلف انتماءاتهم، وسيوفر برامج تعليمية وفعاليات متنوعة، تهدف إلى تعزيز التبادل والتعاون الثقافي والإنساني بين الأديان والأخوة الإنسانية بمختلف انتماءاتهم.
ومن المقرر افتتاح هذا المشروع التاريخي الفريد من نوعه عام 2022.
وسوف يكون البيت مفتوحا للبشر من جميع الديانات من جميع أنحاء العالم، وجميع طوائف المجتمع للتعلم والتواصل، لتجمعهم رسالة مشتركة وهي التعايش السلمي للأجيال المقبلة.
وتم اختيار تصميم المعماري العالمي الشهير، السير ديفيد أجايي أوبي، لبيت العائلة الإبراهيمية، خلال اجتماع اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، في المكتبة العامة بنيويورك 20 سبتمبر/أيلول 2019، وذلك بحضور الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي.
وأجمع أعضاء اللجنة العليا على أن اختيار هذا التصميم العصري لـ"بيت العائلة الإبراهيمية" جاء وفق عملية دقيقة، أتيحت الفرصة خلالها لمشاركة معماريين معروفين حول العالم تتنوع خلفياتهم ودياناتهم، ولفتوا إلى أن تصميم المعماري أجايي اتسم بالتميز حيث يضم أماكن عبادة منفصلة لكل ديانة، ومكانا مشتركا للتعاون، تقام فيه تجمعات غير رسمية، ولكونه تصميما معاصرا، فسيعكس الهدف الذي تم وضعه لإنشاء مكان للأجيال المقبلة يستقطب الأجيال المستقبلية".
وشددوا على أن هذا المشروع الحضاري سيكون بمثابة معلم حضاري عالمي، يهدف إلى إعلاء قيم التنوع والتفاهم والمحبة والتسامح، ويعطي في نفس الوقت للبشرية محطة للتأمل والأمل، والاحتكام إلى العقل والإرث الإنساني للأمم والشعوب مهما اختلفت وتعددت قناعاتها وأديانها وعقائدها.
والتقت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 في الفاتيكان قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وذلك لتقديم التصور والمقترح لبيت العائلة الإبراهيمية الذي سيقام في أبوظبي.